تضخم الأنا ! | 28 نوفمبر

تضخم الأنا !

اثنين, 06/11/2017 - 21:09

تواضع يرحمك الله، أنت لست مركز الكون و لا مركز الأرزاق، أولئك المساكين لا يكترثون لقدومك و لا يهتمون لذهابك، كلماتك ليس حلا سحريا لمشاكل العالم كما أنها ليست قرآنا، قد تصاب بالإمساك و قد تصاب بالإسهال و قد تشيخ حتى تبلغ طور قضاء الحاجة في الحفاظات أكرمك الله، التواضع لا ينقص من قدرك و لا يسبب بقعا في ملابسك الفاخرة، الغرور هو سبب كل بقعة سوداء داخل روحك، أخلاقك هي الثروة التي ستجني في الحياة و ستمكث بعد أن تأكلك الطفيليات حين تسجل عملية خروجك من هذا العالم، ذلك الرمل الذي تتحاشا ملامسته ستدفن فيه و سيشربون العصائر و يأكلون اللحوم في عزائك و سيبتسمون و تستمر الحياة بعدك، أنت لست نبيا و لا رسولا و لا بركة من السماء نزلت على الأرض، أنت شخص ينتمي لفصيلة الثدييات و سينتهي دورك في الحياة بمجرد عجزك عن مزاولة إحدى الوظائف الحيوية -ما عدا التكاثر تقريبا- أو في حادث عابر، قد يقتلك أحدهم دون أن يدري و تلك مصيبة، قد تنتهي بطولاتك المجيدة و تاريخك الحافل بالكبر بسبب ناموسة سخيفة تحمل شحنة من الملاريا الأصلية! تواضع ما دمت قادرا على ذلك، لن ينقص ذلك من علمك و لا من وسامتك شيئا، و لن ينقص من مالك و لا من نسبك -المزور ربما-.
كنت اليوم أستقل سيارة أجرة حوالي الساعة الثانية زوالا، كان يقودها رجل في خريف الكدح، تفوح منه رائحة الصبر و القناعة، كان طيبا أو هكذا بدا لي، تبادلت و إياه أطراف أمور الوطن بود، و كانت إشكالية السيولة حاضرة بطبيعة الحال، عند سوق لكصر توقف لزبون و انضم إلينا، كان يتأفف من الأكسجين الذي نتنفسه و من السيارة المسكينة التي عجزت إحدى نوافذها عن الهبوط، كان يتذمر من كل شيء، فجأة توقف صاحب السيارة لميكانيكيين تحرقهما لقمة العيش على ناصية المدرسة رقم 2، ازداد تذمر الرجل الأنيق من بقع الكفاح التي تستوطن ملابس الميكانيكي المسكين الذي يجلس بجواره، في تلك اللحظة بالذات وددت لو كنت برميلا من الصرف الغير صحي و أنهمر فوق رأسه، تبادلت و إياه الأماكن، جلس بجوار السائق و جلست بجوار الميكانيكي، عبرت له بكل أسف عن استيائي من حياته النظيفة من الخارج و القذرة من الداخل، كنا على وشك الاشتباك، مثله لا يحتاج المواعظ بقدر ما يحتاج الركل و الصفع، دعواتي له و لأمثاله بالتواضع، أو بالسقوط في بركة تعج بالفضلات البشرية على الأقل.

تواضعوا يرحمكم الله، و هو أمر ليس بكل تلك التعقيدات.

----------------------

من صفحة الأستاذ محمد ولد ابهاه على الفيس بوك