حسن البشير.. المومس الفاضل ! | 28 نوفمبر

حسن البشير.. المومس الفاضل !

خميس, 27/12/2018 - 01:04

 ما ذا تعني الدكتاتورية إذا لم تنطبق على حسن البشير الحاكم الغشوم  بأمره في السودان  ! 
أليس ضابطا عسكريا استولى على السلطة بانقلاب عسكري في ظلمة الليل? ألم يتعفن في كرسي السلطة منذ ثلاثين عاما أذاق فيها السودانيين صنوف العذاب ، فسجنهم و ضيق عليهم في تفكيرهم و تنظيمهم و تعبيرهم، و ألبسهم لباس الجوع و الخوف   و فكك وطنهم ... 
حين استمعت لأحد شيوخنا الموقرين يمدح هذا المستبد و ينفي عنه صفة الاستبداد و يدعو لدعمه إعلاميا و ماليا لتخليده صنما كاتما لأنفاس شعبه، تذكرت  قصة المومس الفاضل !  
إن الاستبداد ، يا شيخنا المبجل، ليس فكرة تجريدية تتفرق في تأويلها الأفهام؛ بل تقويمها مشترك بين الناس  اللهم إذا كنتم بصدد التمييز بين الاستبداد الجميل و الاستبداد القبيح .. الاستبداد الشرعي و الاستبداد الممنوع شرعا : استبداد أنظمتكم شرعي و جميل و واجب المناصرة، و استبداد غيركم مخالف لشرع الله و  قبيح، يمنعه الشرع و يرخص استئصاله بالتحالف مع الاحتلال الأمريكي و حلف شمال الأطلسي !
إننا نرفعكم مقاما عليا  لعلمكم و موقعكم في نفوس كثير من عامة المسلمين و خاصتهم و نهيب بجنابكم الموقر إلى النأي بهذا الجناب بعيدا  عن التدافع السياسي ، الذي لا يناسبكم !

إن الدين، و الإسلام هو المقصود هنا ممثلا في شيوخه، حين يستحيل سلاحا دعائيا بيد السياسيين يوظفونه تبعا لمصالهم و أفكارهم  المتقلبة، كما هو حاصل الآن بين جنون ثوري في 2011 ضد القذافي و بشار أسد، و دروشة إصلاحية في حالة حسن البشير بالسودان ، كالنسي يحلون عاما و يحرمون عاما ، حينها لا يبقى من جوهر الإسلام شروى نقير : مجرد تقاليد و عادات عبادية شاحبة، و فتاوي مزادية ك " المذاق المر في التفاح الأخضر "! إذ ما من شيء يعتريه التغير في جوهره إلا و تتبدل قيمته ؛ حتى العملات تفقد قيمتها بتآكل ورقها لفرط التداول بين أكياس النقود و جيوب الباعة في الأسواق الاقتصادية بالنسبة للنقد، و أسواق السياسية للقيم الرمزية !
لقد تنبه لمثل هذه الخطورة ، يا شيخنا الجليل، البيكاسو ، الرسام الإطالي المشهور، عندما تمنى" علبة كبريت تكون كلها على شكل خفاش على أن تظل في الوقت نفسه علبة كبريت "!!
إننا نضع أيدينا على شغاف قلوبنا خشية تبدل قيمة شيوخنا  بسبب اندماجهم في الرؤئ الأحادية ، و غير المنطقية و لا المتماسكة أمام العقل ، فتخلق بنتائجها و تكرارها  طاقة رفض و تمرد متزايدة في أوساط الشباب، ممن لم يروحوا بعد ضحية الجدب الذهني، ليس ضد الشيوخ و حفظ توقيرهم فحسب، بل ضد المنبع ، مصدر التوقير نفسه : الإسلام ! أوليس هذا هو ما حدث بالضبط  في أوربا، بين المثقفين الذين ضاقوا ذرعا بالصرف الديني في حلبات السياسة ، و كانت النتيجة المعلومة للجميع : حيث لم يقتصر الثوار ضد الكنيسة و الرهبان و القساوسة فحسب، بل قلبوا الطاولة و من عليها على الدين نفسه بوصفه " آلة إخفاق " و تعويق !