عفوا إخوتي الشباب فالأحزاب و الحركات الأيديولوجية ليست عيبا  !! | 28 نوفمبر

عفوا إخوتي الشباب فالأحزاب و الحركات الأيديولوجية ليست عيبا  !!

أربعاء, 23/01/2019 - 14:18

مهما قيل من نقد في حق الحركات الأيديولوجية فلا يمكن التقليل من الدور الذي قامت وما زالت تقوم به و لا يمكن أن يصل أي حزب ليست له خلفية فكرية أو حركة أو منظمة لخمس ما قامت به هذه الحركات منذ تأسيس موريتانيا و حتى اليوم .
 فعلى المستوى الاجتماعي عملت هذه الحركات على إزالة الفوارق الاجتماعية من خلال الكسب في جميع المجتمعات بل أحيانا التركيز على مجموعات معينة و هو ما جعل المنتسبين لهذه الحركات يتميزون بعلاقة خاصة جعلتهم أكثر تماسك بعيدا عن العشيرة و القبيلة و الجهة و شكل هذا التماسك صمام أمان لموريتانيا في أوقات عصيبة نتيجة الإرتباط بالأحزاب الأيديولوجية و كذلك بتنظيمات أخرى   .
كان و لا يزال العمل الاجتماعي و التطوعي ميزة أساسية لهذه الحركات فتمت مساعدة الفقراء و تدريسهم و تنظيف الشوارع و نشر العلم و المعارف من خلال الانشطة و حتى تم تأسيس فرق لاداء مسرحيات و أناشيد حماسية تحث على التطوع و على العمل الجماعي .
على المستوى الاقتصادي أو الإعتماد على الدخل الذاتي للأحزاب أو الحركات هناك التبرع و الاشتراك وهذا هو رأس مال هذه الحركات و  كل فرد من هذه الحركات يشعر أنه جزء مهم بل و أساسي في التمويل و يمنع أطفاله و أهله و يعطي للحركة من أجل تنفيذ برامجها مما خلق استقلالية  في الرأي تعتمد على النظام الداخلي لكل حركة بعيدا عن رجل الأعمال أو عن القائد الأوحد أو الشخصية الممولة .
على المستوى السياسي فإن تجارب هذه الحركات، رغم ما فيها من نواقص، كأي عمل بشري ، تجارب جد متطورة من حيث التكتيك و الاستراتيجيات و التنظيم و من حيث خلق شاب واعي مثقف و محصن و دفعت الحركات الثمن باهظا في هذا فكانت قياداتها دائما معرضة للسجن و التعذيب بشتى الوسائل و حتى التصفية الجسدية .
 و مع كل هذا ظلت الحركات السياسية صامدة رغم هذه المضايقات ورغم تجنيد أعداد كبيرة من مخابرات الدولة للالتحاق بها و تفكيكها و تشويه الصورة الحقيقة لها و التشكيك في قدراتها و اظهار زلاتها و زلات قادتها و محاصرة مناضليها ماديا و حرمانهم من أي توظيف أو أي حق .
أيها الإخوة هناك فرق كبير بين الشباب الذي مر بهذه التجارب وبين الشاب الذي مارس أو يريد أن يمارس السياسة بطرق أخرى لأن شباب هذه الحركات
 يعمل وفق استراتيجيات و صيغ يتم الاتفاق عليها في مؤتمرات و اجتماعات لهيئات قيادية و في طابعها العام ذات نزعة ثورية و تعمل من أجل الإنسان و الوطن و لا تعمل لمصالح ضيقة وهذا ما يثبته صمودها حتى الساعة في وجه تحالف المال و السلطة و طفرة التكنولوجيا التي لم تتمكن هذه الحركات والأحزاب حتى الساعة من معرفة كيفية مسايرتهم فشباب المستقل مستعجل و يعتمد على الخطط الارتجالية الآنية نتيجة ردات فعل و  شباب و شيوخ الحركات غير متسرع ولديه منهجية و آلية غير البث المباشر و المبادرات الفردية .

 عذرا أيها الشباب الطامح للتغيير يمكنكم العمل على تغيير الواقع و الالتحاق بالعمل السياسي بأسلوب جديد بعيدا عن الأحزاب الأيديولوجية دون التقليل من شأن حركات عمرها و تجربتها سبقت ميلادكم بل سبقت استقلال موريتانيا  .
اخوتي الشباب ما تفكرون به من طرح جيد تحدثت عنه و نفذته هذه الحركات و قدمت فيه أروع الدروس إن كان بالتضحية بالنفس و المال و إن كان بالصبر على المضايقات و إن كان بتحمل المشقة في زمن لم يكن للتضحية نصير لا إعلاميا و لا شعبيا و لا إجتماعيا و لم يكن العمل النضالي للتباهي ولا من أجل التقاط صورة بل كان للتاريخ و للأجيال و هذا ما يجعلكم اليوم لا تجدون الكثير من التفاصيل عن تاريخ الشخصيات و لا الحركات لأنها تعمل دون إصدار صوت 

إخوتي الشباب يمكنكم الإبداع و التطوير لكن لن يصل اي منكم لما وصلت إليه تلك الأحزاب و الحركات و يمكنكم العمل دون محاولة النيل من تجربة حركات صيغها و أنظمتها تمت وفق منظور جامع و منهج قوي رشيد قابل للمراجعة و التصحيح و التمحيص لكنه غير قابل للتجاوز ولا المزايدة و لا المنافسة .

انا إخوتي الشباب معكم في الطموح و في نقد الواقع لكن لست معكم في تحميل الحركات الأيديولوجية و الأحزاب العريقة مسؤولية الوضع ولست معكم في التقليل من شأن تجارب بفضلها نعيش الحرية في الحديث ففي زمن ماضي لم يكن الحديث مقبولا ورغم ذلك كانت الحركات حاضرة لتقول لا وبصوت قوي و واضح .
أيها الشباب مشكلتكم ليست مع الأحزاب و لا مع الحركات الأيديولوجية ودوركم ليس التنافس معها و إظهار فشلها بل دوركم هو سد الثغرات و إكمال النقص فأنتم متميزون في العمل الميداني و سريعون في التصدي لأي عمل غير قانوني و قادرون على كشف عيوب الفاسدين بطرق شتى و سريعة و الأحزاب لم تتخلص من تلك الصيغ التي تفرض التشاور على أي خطوة قبل تنفيذها و دراستها و تعميمها و في الأخير تنفيذها و الفرق بينكم وبينها كالفرق بين من يقود دراجة يمكنه في أي وقت أن يتحرك و يقوم بأي حركات ويدخل من جميع الطرقات و بين من يقود قطار يجر الكثير من العربات لكل عربة قائد يتطلب تحرك هذا القطار حضور جميع الركاب و كل قائد و التأكد من سلامة جميع المحركات و أن يتحرك بشكل هادئ و منظم .

يتواصل و في الجزء الثاني :

الأحزاب السياسية المعارضة و الدور المطلوب