هل ظلم العزيز أحداً؟ | 28 نوفمبر

فيديو

فيديو

إعلان

هل ظلم العزيز أحداً؟

اثنين, 02/22/2016 - 11:55

 في الثامن من يونيو 2003 وزعت مدافع صالح ولد حننا الدروس والعبر داخل غرف نوم رمسيس الثالث (معاوية ولد الطالع) على مرآي ومسمع من حراس مخدعه "الأمناء"،تذكرت خيولهم مرابطها فتسللوا عنه لواذاً تاركينه في ساحة الوغى وحده، كلهم خذلوه حين مادت سفنه وانهدت أركان ملكه، تجمدت عروق يد إعل ولد محمد فال التي طال ما أدمت بسياطها ظهور الأحرار، وخرست آذان دداهي ولد عبد الله التي تحسب الأنفاس، والتي كان الرمسيس يسمع بها، وتوقف إخطبوط السجاد ولد اعبيدنا مقسط الأرزاق، وشُرعت أبواب مخازن "الخازن" محمد ولد بوعمات عن كل المجوهرات والقطع الثمينة المقطوعة من أرزاقنا، وتداعت حصان العابث بدرر المحيط التي تنفع الناس الشيخ العافية ولد محمد خونه.

ثم انقشع الغبار وكشر الرمسيس عن أنياب نخرها السوس، وبدت مخالبه بالية متهالكة رغم ردة الفعل المسعورة، وأصبحت نُذر الغرق الجماعي تهدد العصابة كلها، وفجأة ومن طعنة في الخلف، ظهر الجلاد اعل ولد محمد فال، على صهوة حصان النصر مقدما نفسه منقذاً، يعطي الدروس في الإنسانية؟، "إنه فعلا أمر مثير للشفقة والسخرية معاً".

تداعى محبو السلطة والجاه، "مناضلو الأمس القريب" يلهثون حبواً إلى بوابة القصر الرمادي، لعقاً لشسع الأحذية التي طالما وصفوها "بالخشناء"، بعيدا هناك في رفوف الفساد المنسي جيء بفارس فضيحة ملعب مدريد سيدي ولد الشيخ عبد الله، أحاطوه بهالة دعائية جبارة وقداسة خلقية، وزهد صوفي منقطع النظير فاق به الأتراب، نصبوه راغباً، وعُمد اختياره "النزيه" من قوم عيسى عليه الصلاة والسلام فهنأه الجميع.

على حين غفلة حُركت دمى الكتيبة البرلمانية ضده، فرسانها وجوه شابة شاحبة لم تألف يومها رغد العيش، يتقدمهم الثلاثي الجامح سيدي محمد ولد محم، سيد احمد ولد احمد، محمد ولد ببانه، وما هي إلا جولات قصيرة حتى ظهرت كتيبة القصر بخيول "شُهبٍ" فرسانها مستعدين للمنازلة "تلك المرة"، واثقين من النصر ويمتلكون الشجاعة الكافية التي فقدوها خلال درس صالح ولد حننا الرهيب، وظهر حامي القصر محمد ولد عبد العزيز مدرعا بالحديد مبديا كبرياء الفرسان، متحدياً كل خصومه "العُزَّلِ"، لم يجد مسوغا لاستعراضه العسكري يدغدغ به مشاعر الفقراء، لأنه لم يكن يوما جزءاً منهم، ولا يعرفون له قِيلاً دافع به عن مِحَنهم الجمة من قبل. عادت أوركسترا السيرك من دكار محملة بأوراق اعتبرها كل مشاركٍ "فوزاً " له، كان العزيز السباق لامتطاء سيمفونية محاربة الفساد، فاسترقت الدهماء -الباحثة عما تشبع به بطوناً غرثى ألفت الجوع والخنوع سنين عددا- السمع، فأسمعها ما يُنكي جروح الذل والفاقة التي ذاقتها ردحاً من الزمن على يد كل من اسبطر على أرائك ذلك القصر، وكل من مشى على بُسطه النواعم، فكان لدعوته وقع في نفوس المعوزين مع أشياء أخرى فوقَوهٌ يوما كان شره سيكون مستطيراً لو جرى شوط ثانٍ في سباقه نحو السيادة، رغم أنه تربى مِهنياً في أحضان جلاد الرمسيس،(إعل) كما يقولون، وشب ونعاله على خطوات الرمسيس، حاملا حقائبه وملابسه الناعمة خلال رحلات الصيف. على خطى سابقيه من فراعنتنا، أنشأ العزيز مصنع رجالات حكمه، هواديهم طبقة رجال أعمال جلهم استُقدموا من مستنقعات آسنة، البعض منهم كان خفافيش ليل البيضاء، والجزر الخالدة، فأصبحت لهم غلمان يرفلون في الحرير، وتحيط سبائك لعسجد جيد كرائمهم، وتشنف أغراض اليواقيت آذان عقائلهم التي لم تعرف قط خيط نحاس، فتطاولوا في البنيان، ونهبوا بجشع اللئام.

رجال مهرة في مداعبة "الفواتير" من أيام الرمسيس الثالث، وبعضهم عايش ونهل وعلَّ وتفنن في تلك الرذيلة "المحمودة" منذ أيام الرمسيس الأول، كان لهم كلهم نصيب مفروض، وحضور لافت في الصف الأمامي من جوقة محاربة الفساد، لسان حال أنشودتهم تقول ها قد عدنا معززين مكرمين يا من تحلمون بهزيمتنا نحن رجال العصر الذي بُشرتم به، لكن هل ظلم العزيز أحداً؟