مجلة بعثية: موريتانيا تعيش كوابيس مختلفة - حصاد الموت! | 28 نوفمبر

الفيس بوك

إعلان

مجلة بعثية: موريتانيا تعيش كوابيس مختلفة - حصاد الموت!

سبت, 11/12/2016 - 09:53

يعيش الشعب الموريتاني وضعا صحيا هو الأسوأ في شبه المنطقة، وربما في العالم لو استثنينا المناطق التي تجري فيها حروب أو صراعات مسلحة. فالوضعية الصحية للمواطنين في موريتانيا، على غرار وضعية البلاد بصورة عامة، تنذر بكارثة تنفلت يوما بعد يوم من السيطرة. فاقتصاد البلاد متعطل والبطالة تعرف ارتفاعا غير مسبوق في أوساط الشباب، وارتفاع الأسعار يجري بمعادلة هندسية مذهلة، وفئات الشعب يضرب بعضها ببعض وتزرع بينها البغضاء والكراهية والأحقاد بشكل ممنهج، حتى بات الشعب يعيش فوبيا فعلية بين أبناء الوطن الواحد؛ والتعليم تدمر نهائيا والفقر يكسب مزيدا من الاتساع لدرجة أن بعض التقارير تتحدث عن أن ما يناهز 80% من المواطنين أصبحوا في دائرة الفقر بعدما تحطمت مرتكزات الاقتصاد في عموم ولايات البلاد جراء الجفاف، من جهة، وإهمال السلطات وفشل سياساتها الاقتصادية، من جهة أخرى. أما الوضع الصحي فكارثي بكل المقاييس: فالأدوية مزورة على نطاق شبه مطلق، والأطباء باتوا عاجزين عن مواجهة هذه الوضعية لأسباب هذا التزوير والغش الكلي في المعدات الطبية المستجلبة، فضلا عن النقص الحاد جدا في الأطقم الصحية والفنية، وخصوصا الأخصائيين مع انعدام الدعم للتكوين وتعميق الخبرات وغياب الندوات العلمية الطبية في البلاد. ويضاف إلى ذلك انتشار الأمراض بكل أنواعها بين المواطنين، ومن كل الفئات العمرية، وخاصة الأمراض ذات الصبغة الوبائية مثل أمراض الكبد والسرطانات المختلفة التي تحصد يوميا مئات البشر، وخصوصا من الشباب. فقلما يمر يوم إلا وهناك مئات التعزيات بسبب مرض الكبد والسرطان. وهذا الموت، بالجملة، الذي يواجهه الموريتانيون لا يعرفون سببا لانتشاره بينهم، لغياب أية دورات علمية تبصر الناس بأسبابها، ولغياب المختبرات الفحصية والأخطر من كل ذلك غياب الاهتمام التام بمعاناة المواطنين. فالمسؤولون في تونس والمغرب والسنغال أكثر اطلاعا على الوضع التراجيدي للصحة في موريتانيا أكثر من اطلاع المسؤولين الموريتانيين عليها. وهذا شيء طبيعي، يعرفه الموريتانيون، لا مبالغة فيه. فالمواطنون يخرجون أفواجا ويعودون أفواجا، كل يوم، للاستشفاء من هذه الأوبئة ومن غيرها، بما فيها الصداع والربو وأمراض الجلد والحساسية والبواسير والزائدة الدودية والحنجرة والأذن والمثانة...، إلى تلك البلدان دون علم من السلطات، أو دون مبالاة منها!!. ومن هنا انتشار الشائعات بين المواطنين لتملأ الفراغ الصحي الذي يسببه غياب الدراسات العلمية والطبية المتخصصة في بلادنا. فالمواطنون، تحت وطأة الذعر، يتحدثون، تارة، عن أن أسباب انتشار أمراض الكبد والسرطان هي "خضروات المغرب" وتارة أن أسبابها " خضروات السنغال"، ومرة أخرى أنها راجعة " لأوراق النعناع" الذي يستعمله الموريتانيون بإفراط مع الشاي! وحينا آخر يرجعون السبب إلى أكياس "الاسمنت" التي تلف فيها بائعات الكسكس (هذا الكسكس) لزبنائهن، حيث يتهم المواطنون الغبار الدقيق الذي يبقى عالقا على جدار الأكياس بالتسبب في هذه الكارثة. وحتى الآن، لا يدري المواطن، المترنح بين هذه الأسباب وغيرها، السبب الفعلي لانتشار أمراض الكبد والسرطان في موريتانيا، التي تؤدي إلى هذا الموت الجماعي!.. ولكن المؤكد منه من جميع الموريتانيين أن أمراض الكبد والسرطان والجلد والحساسيات المختلفة منتشرة بصورة وبائية في ظل غياب تام للسلطات الرسمية بكل مستوياتها. فمتى تظل هذه السلطات ملتزمة بصمت القبور، أو بصمت من لا يعنيه الأمر،إزاء وضعية صحية كارثية تحصد أرواح آلاف الموريتانيين سنويا، من كل الفئات العمرية، من الفقراء والأغنياء، من النساء والرجال، من الشباب والشيوخ، من العرب والفلان والزنوج، الذين يعيشون مساواة حقيقية في الإهمال والموت الجماعي...؟!!

 

فتشوا عن فرنسا خلف القلاقل الإفريقية!!

حديث رئيس الوزراء الفرنسي، مانيل فالس، في قناة فرنس 24،و زيارة وزير الدفاع الفرنسي للغابون يؤكدان أن الدول الغربية عموما، و فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية، بوجه خاص، تتخذ سياسة "الكيل بمكيالين" نهجا ثابتا في تعاملها مع قضايا الشعوب،.فكل قضية منها تخضع لمقاربة القرب و البعد من المصالح الفرنسية و الأمريكية. وحتى لا نبتعد كثيرا وراء الأمثلة الكثيرة على هذا النهج للسياسة الخارجية لكل من هذين البلدين، دعونا نقتصر على فرنسا في تعاطيها مع الشأن الإفريقي. ففرنسا التي تزعم أنها رائدة الحريات و أصل في حقوق الإنسان و مهبط معاني الثورة على قهر الإنسان، لا تجد حرجا في دعم الانقلابات العسكرية على الدساتير المدنية للشعوب الإفريقية حين يكون ذلك مفيدا للمصالح الفرنسية، أو حين يكون الانقلابيون يفتقرون للشرعية الداخلية في بلدانهم، أو ليس لهم سند شعبي فيلجأون إلى فرنسا التي تمدهم بأسباب الدعم الخفي مقابل ارتمائهم بأوطانهم ثقافيا و اقتصاديا في الأحضان الفرنسية. أما حين يكون النظام السياسي، في دولة من الدول الإفريقية الدائرة في حوزة النفوذ الفرنسي، يعمل من أجل شعبه و يوظف موارد بلده لتنميته، ويقاوم تدابير النهب الدولية لثروات وطنه، فإنه يواجه بشتى المؤامرات و يتعرض لكل أساليب التشويه و الشيطنة. و من يتابع الخطوات الفرنسية، هذه الأيام، لعملية الالتفاف التي قامت بها عائلة بونغو و رهطها على دستور البلاد، بتغييره حتى يتلاءم مع نزوات علي بونغو و عطشه للسلطة، من يتابع ذلك يعرف أن فرنسا تجيد النفاق السياسي و تحظى بخبرة عميقة في تخريب الشعوب الإفريقية و العبث بمصائرها.في مقابلة له في قناة افرانس 24،قال رئيس الوزراء الفرنسي، فيما يتعلق بإعادة بونغو للحكم، في انتهاك فاضح لأبسط قواعد الديمقراطية، قال ما معناه إن فرنسا تحبذ الحوار و الجلوس على طاولة النقاش(...) و أنها لا ترى في أسلوب المواجهات فائدة للشعب الغابوني.ترى، هل كانت فرنسا لتكون على هذه الدرجة من الوداعة و الحرص على السلم الوطني في دولة من الدول لو أن شخصا آخر قام بما قام به بونغو الابن، وليس حليفا لفرنسا؟!. إنها فرنسا "الديمقراطية " التي تتقن الدوس على الديمقراطية لصالح تعزيز قبضة الديكتاتورية للأنظمة العائلية، بمجرد التأكد من ولائها لفرنسا و "لقيمها". إن حديث رئيس الوزراء الفرنسي، هذا، يذكرنا، في موريتانيا، بأول رد فعل لفرنسا على الانقلاب على الرئيس المدني المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله : أنما يهم فرنسا هو استقرار موريتانيا.فكان ذلك إيذانا على دعم فرنسا للانقلاب العسكري على الديمقراطية و على دستور الشعب الموريتاني، مثلما تعتبر مواقفها في الغابون اليوم إعطاء للضوء الأخضر لأبالسة بونغو، ولغيره، للدوس على دساتير شعوبهم.. ففتشوا إذن عن فرنسا وراء كل القلاقل والانقلابات العسكرية والدستورية في الدول الإفريقية.

 

إيران تواصل نشر ألغامها المذهبية في موريتانيا!!

يتحدث المواطنون الأبرياء في موريتانيا على أنه من الملاحظ منذ ما يزيد قليلا على السنة وجود حركة لسيولة نقدية غير اعتيادية يتداولها بعض الناس في البلاد، الذين ليس لهم دخل أصلا و خاصة في أوساط النساء و بعض المواطنين العاديين. و الذي لفت الانتباه إلى هذه الظاهرة هو أن هذه الحركة ليست مرتبطة بنشاط تجاري معروف لأصحابها أولا، وثانيا لأنها موجودة في أيدي أناس عاديين، وثالثا أن هؤلاء "الميسورين الجدد" يفتحون منازل كبيرة و ينفقون نفقات يومية باهظة على أطباق الأكل المفتوحة لعموم الزائرين.كذلك، فإن هؤلاء الميسورين لا يبرحون منازلهم إلا قليلا، كأنهم مفرغون لاستقبال المواطنين لطرح مشاكلهم الخاصة. فهناك من يطرح مشكلة علاجه خارج البلاد، وهناك من يطرح تمويل مشروع صغير له أو لأحد أبنائه، وهناك من يطرح شراء سيارة أو بقرات أو شياه.واللافت أيضا أن هذه المنازل باتت قبلة يرتادها المواطنون بصورة متواترة. وفي الآونة الأخيرة، ظهر من بين الميسورين الجدد – الذين يتحدث الناس"عن سخائهم" – سيدات كشفن عن هويتهن المذهبية الصفوية، من خلال تدوينات على صفحاتهن يشتمن فيها صحابة النبي (ص) و يعبرن فيها عن إعجابهن البالغ بإيران و ولائهن لقيادتها، و أنها تمثل خلاص الأمة مما هي فيه من ضيق. و من المؤكد أن المخابرات الإيرانية تعمل بجد و نفس طويل في الأوساط الشعبية الموريتانية، و أنها تستغل الوضعية الاقتصادية و الاجتماعية البائسة لهذه الأوساط، كما تستغل جهلها بالدين و بعدها عن مدى تأثير القوى المناوئة للشعوبية الإيرانية.كما أن قسما من هذه القوى يعمل بحسب التوجيهات الرسمية، التي تعرف مدا و جزرا في موضوع إيران.كما أن قسما آخر من هذه القوى يعمل تبعا لنفس طائفي مقيت و متعصب يجلب من السلبيات أكثر مما يأتي به من الإيجابيات و تنقصه الإرادة و الحزم و الاستقلالية للاستمرار في مقاومة التلغيم المذهبي الإيراني، الذي تعتمده إيران أسلوبا ناجعا و فتاكا لتدمير المجتمعات العربية، بالتنسيق مع حملة أخرى تقوم بها القوى الغربية ضد العرب، ترتكز على إثارة النعرات العرقية و افتعال الصراع بين الخصوصيات الثقافية في كل قطر عربي.إن هذه الحقائق سيظل ينظر إليها، بكل أسف، من قبل كثير من الموريتانيين بعدم الاكتراث، بمن فيهم المسؤولون وصناع القرار، حتى إذا اطمأنت إيران إلى قدرة أدواتها التخريبية أشعلت أولى شرارات المذهبية لتفجر المجتمع الموريتاني، عندها سيأخذ الموريتانيون نواصيهم و يعضون أصابعهم و يضربون كفا بكف على ما فرطوا فيه من وقت كان كافيا لتلافي فتنة في وقت كان أنسب و أسهل عليهم، وقد فاتت الفرصة ليسيل الدم الموريتاني، لأول مرة،من أجل الخامنئي و دجله الذي لا يفنى.

 

صورة الشهيد صدام في عيون الموريتانيين!!

مصيبة أمتنا أن نخبها السياسية و الثقافية متأخرة جدا في الوعي عن جماهير الأمة.. فالجماهير بفطرتها السليمة و عاطفتها النظيفة و حسها القومي العفوي و ضميرها المصقول تتقدم بسنوات ضوئية على قسم كبير جدا من كبار المثقفين و السياسيين.وهذه الحقيقة الجوهرية متجلية على أكثر من صعيد. فجماهير الأمة اليوم، مثلا، تقف مع الشعب السوري الذي يتعرض لمجزرة رهيبة على أيدي النظام العائلي الطائفي للأسد و قبيله من الروس و الأمريكان و الفرنسيين، برغم طوفان الإعلام التضليلي وما يكتبه "قوميون عرب ممسوخون في ولاية الفقيه " عما تعكسه لهم المرآة الإيرانية المكبرة. و الجماهير العربية تقدمت على المثقفين و الإعلاميين العرب في اكتشاف الغزو الأطلسي لليبيا، فدعمت نظام القذافي برغم مآخذها الكثيرة عليه في مواقفه المتقلبة و مزاجه المنفلت. وقبل ذلك، التفت جماهير الأمة، في مقدمتها الشعب الموريتاني، حول القائد الشهيد صدام حسين في تصديه لإيران في ثمانينيات القرن الماضي و لم تنطل عليها شعارات الخميني الشيطانية، والتفت حوله في مواجهته للعدوان الثلاثيني 1991. وتصاعدت هبة جماهير الأمة إلى جانب الشهيد صدام و نظام حزب البعث حين غزت أمريكا و حلفاؤها العراق، فلم تنخدع هذه الجماهير بحملات التشويه و الشيطنة ضده التي جندت لها أمريكا إعلام الغرب و العرب و العجم. وظلت جماهير الأمة وفية لقائدها و هو يتعرض للعدوان،كما بقيت وفية له و هو في الأسر، ثم وفية له وهو تحت الثرى!!. أما في موريتانيا، فإن الشعب الموريتاني يكن حبا عميقا للقائد صدام حسين ولرفاقه، فيما بقيت نخب ليبرالية و" قومية عربية" مصابة بتشوه أو تشتت في الرؤية، فضلا عن تيارات الإسلام السياسي تناصب القائد صدام حسين العداوة وتدس عنه الأكاذيب. إلا أن الصورة التي ظهر بها القائد وهو يخطو خطواته الأخيرة نحو الشهادة أذهلت الجميع وحطمت كل أكداس الزيف وفضحت قذارة تلك النخب، حتى ما عادت قادرة على التطاول على الشهيد صدام علنا خشية العزلة عن الجماهير. واليوم، تنقسم آراء تلك النخب الجاحدة لفضل الله إلى ثلاثة اتجاهات: اتجاه نخب " الاسلام السياسي"، وهؤلاء، بعدما كذبوا كثيرا على أنصارهم، يكتفون ب" أن الله قد اختار صدام عن أفعاله"!. وفي هذه الجملة ما فيها من حقد وجحود ضد الشهيد، وفي ذات الوقت عجز عن التعرض له جهرة بالسوء، كما كانوا يفعلون. والمراد من هذه " الجملة" الكيدية هو الإصرار على تشويه حزب البعث ومدرسته بقطع الوصل بين صورة الشهيد صدام وبين فكره الذي لا يجب أن يكون أصحابه، في نظرهم، على هذه الصورة المشرقة.والاتجاه الثاني، هو اتجاه النخب الليبرالية التي ظهر بعضها يعترف للشهيد بالزعامة والوطنية، وأنه كشف وقاحة الغرب وزيف شعاراته الإنسانية. أما بعضها الآخر، فقد انخرط في تيار جارف ضد الأنظمة العربية الخليجية، في ردة فعل عمياء، بحجة أنها هي التي دفعت أمريكا لاحتلال العراق، وهي المسؤولة عن اغتيال الشهيد صدام حسين وعن تحطيم العراق. وفي المقابل، راحت هذه النخب ضحية للإعلام القائل: " إن إيران هي الحل"!! " وأنها هي رائدة المقاومة ضد الكيان الصهيوني"!!. وثمة قسم آخر بات يدنو من تحويل الشهيد صدام إلى أسطورة أو ولي لله!... لكن جماهير الأمة وقفت إلى جانب رموزها القومية دون تردد ولم تترنح كالديك المذبوح، مثلما هو حال قسم من نخبها اللاهث وراء سراب نيران الفرس!!..

 

وعد البعث فأوفى.. ووعدت أمريكا فأخلفت!!

محنة حزب البعث أنه حزب قومي رسالي، صادق في مبادئه ووفي بالتزاماته القومية.. فهو لا يتعاطى الانتهازية، أو ما يطلقون عليه، تلطفا، البراكماتية، ولا يستخدم قواعد الوصولية (التقية السياسية) في تحقيق أهدافه. وهذا الوضوح في الوسائل والنقاء في الأهداف جلبا عليه تحالفا لم يحصل مثله في التاريخ من قوى الرحعية العربية، وهي أدوات القوى الأجنبية، و من القوى الأجنبية ذاتها : فالذين لا يعرفون البعث حقا يستغربون كيف لدولة روسيا أن تحتمي لنظام الأسد على النحوي القوي و الحازم، بينما سكتت عن العدوان الأطلسي الغربي على العراق. و لم ينتبه كثير من هؤلاء الناس إلى أن نظام الأسد لم يكن يؤمن أصلا بالشعارات القومية التي يشهرها، وإنما كان نظاما عائليا طائفيا يبيع و يشتري في أسواق النخاسة الدولية.وهذا أمر معروف في هروبه غير المبرر من الجولان أمام عصابات الصهاينة و في دعمه للخميني في حرب الثماني سنوات ضد شعب العراق،وفي إرساله لجنود الجيش العربي السوري لقتال العراقيين تحت إمرة الامريكيين في العدوان الثلاثيني 1991، و في مساهمته النشطة لإدامة الحصار التجويعي لشعب العراق، وفي صمته و خيانته السرية مع الغزاة الأمريكيين في 2003، وفي تسليمه لرموز و أبطال المقاومة الوطنية للإحتلال الأمريكي، وأخيرا وليس آخرا في سعيه الحثيث و بكل الوسائل لشق حزب البعث، خدمة لأعداء الأمة، إقليميا و دوليا.ولم ينتبه هؤلاء الناس إلى أن القيادة في النظام الوطني، في العراق،لم تكن تقبل، تحت أي ظرف، تكبيل العراقيين بأي وجود عسكري أجنبي ينتقص من سيادتهم،فيما يعرف،في الأدبيات الدولية، بالمعاهدات و التحالفات العسكرية. بخلاف نظام عائلة الأسد التي تربطها معاهدة "دفاع مشترك" مع الروس،بغرض تأمين الدفاع عن نظام الحكم و تأبيد سلطته العائلية. وهذا لم يكن أبدا في أجندة حزب البعث في العراق.و من مبدئية البعثيين أنهم حتى في الوقت التي كانت المواجهة على أشدها مع أنظمة الخليج العربي و بين النظام الوطني في العراق على إثر عدوان 1991، كان الشهيد صدام حسين يعلن أنه لو تعرضت السعودية أو أي دولة خليجية لعدوان أجنبي، فإن العراق سينخرط دون قيد أو شرط للدفاع عن أشقائه في الخليج، و في أي قطر آخر، وهكذا إتضح أن البعث كان وفيا لالتزاماته القومية، دون اهتمام بما قد يطرأ من خلافات مع الأشقاء ؛لأن مبدأ الدفاع عن الأشقاء هو الأصل، و النزاعات هي حالات طارئة وستزول. وها هم البعثيون، اليوم، هم المدافعون وحدهم عن إخوتهم في الخليج العربي دون أن ينبشوا في جراح الماضي ؛ لأن الأصل هو الدفاع عن الأشقاء في وجه المعتدين الأجانب.و من اللطيف أن الناس لا يكادون يصدقون أن يكون البعثيون هم من يدافعون عن السعودية و دول الخليج، لأن هؤلاء الناس مشحونون بجراح الماضي، بينما البعثيون ينحون الماضي و جراحه جانبا، عندما يتعرض الشقيق لخطر الأجنبي.الآن، عرف (الخلائجة) أن البعث إذا وعد أوفى و أن أمريكا إذا حدثت كذبت، و إذا ائتمنت خانت (قانون جاستا)، وإذا خاصمت فجرت. وهذا هو البعث العظيم الذي ينتخي للشقيق أينما تعرض للإهانة في كرامته القومية، وهذا هو البعث الذي يدافع عن أشقائه مهما أفرطوا في،ماضيهم،في مواقع مذلة و مخزية و مؤيدة للمعتدين عليه.

 

لمصلحة من الحرب على الموصل؟!

يخطئ كثير من المحللين حين يعتقدون أن الحرب على الموصل جاءت لتخليص الموصليين من تنظيم "داعش". فأهل الموصل، مثل بقية مدن العراق و شعبه، ضحية لغزو أممي قادته الولايات المتحدة الأمريكية ؛و اشتركت فيه أغلبية الدول الغربية، وتحالفت معها رجعيات عربية معروفة، وصمتت عنه دول أخرى كان بإمكانها أن تعيقه أو على الأقل تشل من فاعلية بعض الدول الأخرى، لو أنها امتلكت الرغبة في ذلك، مثل روسيا و الصين. صحيح أن روسيا لم تكن،يومئذ، بهذه القوة التي هي عليها الآن عندما غزت أمريكا و أغلب دول الناتو العراق، ولكنها لم تكن بحالة من الضعف تمنعها من التلويح بفعل شيء ما، مثل تقديم أسلحة للنظام الوطني في العراق للتصدي للغزو الأمريكي، خصوصا أن العراق تعرض لحصار غير مسبوق في درجة إحكامه و شموليته و مدته في التاريخ. ولو وجد نظام البعث يومئذ الحد الأدنى من التسلح لكان في مقدوره ردع العدوان.وعلى أية حال،كانت رغبة جميع الأمم، أو على الأقل قادتها،هو التخلص من نظام سياسي حرص منذ نشأته على بناء الإنسان العربي ذاتيا، و عمل على توظيف طاقات العراق و قدراته الاقتصادية و مخزوناته التاريخية و منجزاته الحضارية لإعادة ثقة الإنسان العراقي في نفسه و في أمته و تاريخه.وهذا المنهج لم يكن يصب لا في مصلحة الغرب الإمبريالي ولا في مصلحة الروس و الصين الذين لم يتمكنوا من فرض نفوذ لهم في العراق عبر المعاهدات و الاتفاقيات الاستراتيجيات المفتوحة، مثلما هو حال نظام الأسد.لم يكن نظام البعث يسعى للسلطة أصلا حتى يعمل على إدامتها، و إنما سعى لبناء الإنسان العراقي. وهذا ما حصل.إذن ما لذي يحصل الآن في المنطقة؟

لم يعد خافيا أن أمريكا وروسيا و من ورائهما بقية الدول الطامعة في الوطن العربي، يخوضون صراعا مفتوحا و مشتركا على المستوى الإستراتيجي، وإن تباين على المستوى التفصيلي.فالجميع يخوض هذا الصراع بالشراكة لتمزيق الوطن العربي و تحويله إلى شراذم، سبيلا لاجتثاث الإسلام ليس كعقيدة و عبادة فحسب، بل كرسالة و حضارة و تاريخ. و هذا الدين مستودعه هو العرب ؛ وإذن لا بد من إفنائهم كبشر، ولا بد من طمس هويتهم القومية، ولا بد من محو آثارهم في التاريخ، ولا بد من إشغالهم في هويات تافهة بديلة. هذه الحرب، كما أسلفنا، أسس لخوض غمارها منذ ستينيات القرن الماضي بصورة جدية على أن تبدأ بالعراق، فسوريا فمصر، فالسعودية، فالجزائر، فالمغرب، لتأتي النيران على بقية الهشيم الآخر، وهي على مراحل، نحن ندخل مرحلتها الثالثة، بمعركتي حلب والموصل. (يتبع)

 

الكتاب المدرسي وجه لمعاناة شاملة

هو خير جليس في الزمان، يؤنس وحدتنا، منه نأخذ قيّمنا في الحياة، وبه نعطي بنات أفكارنا، وفيه نطالع ماضينا، ونستشرف مستقبلنا، يخاطب فينا إنسانيتنا، ويصدقنا القول لا يجاملنا، هو تلك الصفحات التي تشتمل على كافة الاهتمامات، وكلما قلبناها يزداد اتساع أفق المعرفة والتفكير لدينا، كما أنه رفيق الدرب الصادق عبر كبريات المحطات، لاسيما في المدرسة، حيث يكون السند الفعلي للمدرس، والمعلم الصامت الذي يفهمنا بإيضاحاته الرمزية، وتطبيقاته التدريبية، ومرافقته لنا خارج الحجرات الدراسية، ليكون أساسيا في التحصيل المعرفي وبناء الذات عند التلميذ، وقد خاب وخسر من رمى به عرض الحائط، ولم يعتمده معلما ومدربا له على الكتابة والتعبير والفهم والحفظ.

هذه الحقيقة يدركها اليوم بجلاء آباء التلاميذ في قطرنا، وهم ينتشرون في الأسواق وأروقة الإدارات التربوية، بحثا عن كتب تساعد أبناءهم على تجاوز المرحلة، وتروي شغفهم المعرفي، بحث دفع ببعضهم إلى شراء الكتب المدرسية بأسعار جزافية من السوق السوداء ـ وهي التي طبعت يوما على أن توزع مجانا على التلاميذ ـ وأولئك هم الفائزون، فكم من وكيل تلميذ اليوم يتحسر على أنه تأخر في البحث عن الكتاب، ولجأ في النهاية إلى نسخه، مما يزيد من تكاليفه، ومن داخل القطاع المعني تتسرب أنباء غير دقيقة ـ على حد علمنا ـ عن إجراء للحد من ندرة الكتب المدرسية في المؤسسات، حيث يقول البعض إن المعهد التربوي الوطني طالب المديريات الجهوية بإرسال مخزونها من الكتب ـ والذي يصل في بعض المديريات إلى 40 ألف نسخة عن كل كتاب ـ إلى المعهد التربوي، الذي سيقوم بضخها في السوق بأسعار رمزية هي 200 أوقية لكتب الابتدائية و300 أوقية لكتب الإعدادية و400 أوقية لكتب الثانوية، ويدل هذا الإجراء ـ إن صدق فعله ـ على التخبط الحاصل داخل قطاع التهذيب، تخبط يتجلى بوضوح في فوضوية التراخيص لمؤسسات القطاع الخاص وغياب الرقابة على أدائها، كما يتبين بجلاء في هشاشة المنظومة التربوية والمهنية بشكل عام، ومع هذه الهشاشة لا يكون مستغربا سرقة الكتب المدرسية والمضاربة بها في السوق السوداء، فسرقة المفسدين للمعلم الصامت هي امتداد لسرقة المعلم الناطق، الذي سرقته الظروف المعيشية الصعبة، والنظرة الاجتماعية الدونية من وضعه الطبيعي، كشخص كرمته الأديان. ويكفيه فضلا أنه الأصل في كل الصفات المهنية، فالطبيب والمهندس والمفكر..... خرجوا من رحم بذله وعطائه اللامتناهي. والمفارقة أن من يحددون أجور المعلم اليوم وتكريمه وعلاواته، ويرسمون ملامح صورته في المخيّلة الجماعية للمجتمع، جحدوا ما بذله يوما ليكونوا حيث هم، وحق فيهم مقولة الشاعر: وإذا أكرمت اللئيم عليك تمردا.

 

الاستقرار أساس الملك!

تروي لنا كتب التاريخ قولا مأثورا من أكثر الكلام غنى ووقعا في النفوس.ولعل أكثر المهتمين به والمتمعنين في مضمونه هم ألوا الألباب من الساسة والأمراء. وهذا القول هو: " العدل أساس الملك".وهل يتأتى للعدل أن يسود وينعم به الناس إذا كانت الفوضى هي سيدة الموقف؟، وما الذي يجر إلى الفوضى سوى أنانية السادة المتحكمين في الشأن العام؟!. تلك الأنانية التي يسميها البعض، تهكما، بالخلاقة، والبعض الآخر من المتبصرين والحكماء يسميها بالهلاكة. فما ذا لو تواضع الكل على أن هناك وعاء مشتركا أو إطارا جامعا أو عهدا أو وثيقة سامية يحتكمون إليها. ولتكن الدستور، مثلا. فمتى هان على بعض الموقعين عليها التلاعب بها أو استسهل ذلك لكونه ممسكا بعض الأمور،فإن بعضا آخر سيستنفر خزينه الأخلاقي والدعائي للدفاع عن مصلحة الشعب وحرمة دستوره في وجه الشطب والتدنيس والتغيير والتحريف والتعديل. والمطر أوله قطرة. والحرب، كذلك، أولها كلام!!. فلا داعي لاختبار قدرة الناس على الفوضى. ولقد كان لنا في قصة نبي الله موسى عليه السلام مع أخيه نبي الله شعيب، أو مع بناته حكمة بالغة لمن يعتبر. فقول البنات لأبيهن" (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) مفعم بالمعاني العظيمة في شأن الأمانة بالنسبة لولاة الأمر. وهي صفة محمودة وفضيلة سماوية اتسم بها الفضلاء في كل العصور. والأنبياء شددوا على خطورة السلطة لكثرة آثامها. فقالوا إنها كعبة الشر يطوف بها كل شر. والأخطر من ذلك أن يستهين المرء بالقسم بالله، ويده فوق كتاب الله نزولا عند رغبة ثلة من المنافقين، أو طمعا في زيادة عفش الدنيا!! فالله، يا سادة البلاد في أساس الملك، الذي هو العدل والوفاء بالأمانة. فاتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. فاقطعوا دابر الفوضى التي يحدو لها كل إبليس. فلا تركنوا إلى نفاقهم، فقد خذلوا قادة من قبلكم وزينوا لهم مصيرا أسود بائسا. ففضلوا، أنتم،الخروج من باب القصر إلى سعة الصحراء، ولا تخرجوا من الشباك إلى شدة ضيق السجون والمنافي! فلقد عرفتم القصور وركبتم ما يكفيكم من المخاطر، وطفتم بالبيت المعمور، وأدخلتم النور لأحياء " الترحيل " وغيرتم ما شئتم من النصوص. والآن، غادروا في لطف الله فستبكيكم المعارضة وتلعنكم الموالاة، وبذلك تستقر النفوس وتطمئن القلوب، ولا يبقى جدال في المشروعية التي لبستم ثوبها في يوليو 2005!!..

شبكة البصرة

الجمعة 10 صفر 1438 / 11 تشرين الثاني 2016