عندما لاتترتب علي الطلاق أي مسؤوليات أخلاقية ؟ لالة سيدي عالي | 28 نوفمبر

الفيس بوك

إعلان

عندما لاتترتب علي الطلاق أي مسؤوليات أخلاقية ؟ لالة سيدي عالي

سبت, 11/12/2016 - 10:14

من الطبيعي ان تنتهي أي زيجة بالطلاق عموما لعدة عوامل لا يمكن حصرها ، منها الاختلاف في وجهات النظر ، طريقة العيش ، المبادئ ، الغيرة المرضية ، الملل الزوجي ، المشاكل المادية ، الخلافات الأسرية ، التهرب من المسؤولية ، تقصير أحد الطرفين في آداء واجباته الخ.... ومن الصعب بل يستحيل إيجاد قواعد ذهبية لضمان زواج ناجح ، يخلو من المشاكل المؤدية غالبا للانفصال ولكن يجب على الطرفين قبل اتخاذ القرار أن يضعوا نصب أعينهم الضرر و الانتكاسة التي ستتعرض لها الأسرة ، كما أن ديننا الإسلامي حرص على وجوب الحفاظ عليها و تماسكها و ترابطها لأهمية كيانها في إنشاء جيل سليم ، تربى على أسس تربوية في جو صحي وآمن .... ولكن من المؤسف حقا أن يكون الطلاق عندنا من أبسط ما يكون ، قرار عشوائي ، فوضوي ، مزاجي ، لا تترتب عليه أي مسؤوليات أخلاقية !

فمطالبة المرأة النفقة تعتبر في عاداتنا '' عيبا ''، و اظهار أي تأثر نفسي من الطلاق يعتبر '' غيرة '' لا مبرر لها و مثارا للسخرية ..... لا يكون الطلاق حدثا عظيما أو على الأقل مستغربا في مجتمعنا ، يكون في أغلب الأحيان مباركا ، انطلاقا من مبدأ أنها ''ما هي عصمة نصارى '' و أن '' اللي غلى اثنين يفتصل '' !

سهولة القرار و تقبله من قبل الاهل جعلت الأسرة في مجتمعنا مهددة في أي لحظة بالانهيار والتفكك ، فلا تجد المطلقة أي عائق في زواجها ثانية و اندماجها السريع في تجربة أخرى و هو حال المطلق أيضا و الضحية هنا ، هو برعم صغير ، قرر والداه فجأة أن ينفصلا دون التفكير في التأثيرات النفسية و حجم الضرر البالغ الذي سيلحق به في جميع مراحل حياته يعيش معظم اطفال المطلقين في حالة من عدم الاستقرار ، غالبا مع الأجداد ، أو مع زوج الأم أو زوجة الأب ، في هذه البيوت الثلاث يكون دائما شخصا غريبا نوعا ما ، '' ولد فلانة '' أو ''ولد فلان'' من زواجه أو زواجها السابق ، يعاني من صعوبة الاندماج ، عدم الرعاية الكافية لأن مسؤوليته تكون مشتركة بين عدة أطراف يتهم كل منهم الآخر بالتقصير في تلك المسؤولية ان كان في بيت الأجداد ، فإنه نوعا ما يلقى من الحب و الدلع ما يكفي ولكن تبقى المتابعة الدراسية و تقييم السلوك و ضعف الرقابة الحلقات الأضعف لكثرة المسؤوليات الملقاة على عاتقهم و عدم فهم ايضا الأساليب التربوية الحديثة من رقابة تعليمية مستمرة و تحديد المواد الدراسية التي تكون علاماته الدراسية متدنية فيها الخ ... ، كما أن البيت الكبير يكون دائم الاكتظاظ بالزوار فيتلقى الطفل الكثير من الأفكار و القيم في آن واحد تخلق له حالة من التشتت و الضياع في بيت الأب ، يعيش الطفل نوعا من العزلة ، لأن منبع الحنان والعطف يكون شخصا غريبا عنه ، و يكون الخيار الآخر هو الأب الذي يشكل له السلطة والهيبة فيتقوقع على نفسه ، و يخشى الإفصاح عن ما يعانيه وتتشكل لديه سلوك عدوانية و شخصية ضعيفة ، مهزوزة غير واثقة من نفسها ، حتى وإن كانت زوجة الأب شخصية طيبة ودودة فإن الطفل يلصق بها لا اراديا بها تهمة أخذها مكان امه ، فلا يكون مهيأ نفسيا لتقبلها أو التفاهم معها ، أما إذا كانت ذات شخصية متسلطة وجائرة فلا مجال للحديث عن الضرر النفسي الذي سيلحق به في بيت الأم ، يكون ولد فلان ، غريبا عن تلك العائلة ، لا يحس مطلقا بالانتماء و هو إحساس أساسي لتعزيز الثقة بالنفس ، و بناء الشخصية السليمة كما انه عنصر ضرورري و محفز للنجاح الدراسي .... تفاديا للتفكك الأسري ، يجب أن يتريث الطرفان اولا في اختيار الشريك المناسب ، وأن يكون قرار الارتباط قرار مدروس و ناضج مبني على أسس قوية من الود و التفاهم و التكافؤ ، وأن أن تكون لغة الحوار دائما حاضرة بين الطرفين لنقاش كافة أمور الحياة سواء في النواحي الاجتماعية أو الاقتصادية أو فيما يخص تربية الأبناء وتوجيههم ، و يسعون لحل جميع مشاكلهم دون اللجوء لأطراف أخرى قد تزيد من حدة المشاكل و تسعى إلى تخريب علاقتهم ، و شحن الأجواء بينهم و تفكيك تلك العلاقة المقدسة .

بقلم لالة سيدي عالي

أخصائية اجتماعية