حادثة المنصة | 28 نوفمبر

حادثة المنصة

ثلاثاء, 21/02/2017 - 13:10

 لن أقول إن زيارة ولد عبد العزيز و حضوره احتفالات غامبيا كانت خطأ كبيرا ، بل هي في ميزان الخسائر خطوة لتلافي ما حدث ،فما لا يدرك كله ، لا يتركه قله ، فالظهور  الماضي في الصورة الغامبية على طريقة الرجل الحساني أو المرابطي الشجاع الذي لا يسلم زميله - حتى لا أقول خليله - كانت كارثية على موريتانيا الداخلية و الخارجية ، و  ارسلت رسائل عديدة ، فرؤوساء الدول  يختلفون عن مشائخ "الفركان" و تجار الجملة ، صحيح ان رئيس غامبيا له مآخذ علينا كنظام لن يكون باستطاعته نسيانها سريعا ، فغالب  المتداول ان عزيز هو مهندس الرفض  للتنصيب و مهندس الخروج بأموال الغامبيين . لو كان ولد عبد العزيز يسمع لأي من مستشاريه أو مكلفيه أو ملحقيه أو لخلية التنصت التي تملأ  يعاسيبها جنينات القصر ، لكانت الكارثة أقل ، لكنه عودهم على الحقارة و قلة الاستشارة ، فلاذوا بالصمت ، كان ولد عبد العزيز لينقذ صديقه و يحفظ ود الرجل القادم ، ففي العلاقات الدولية المصالح مقدمة على أخلاق الفرسان حتى و إن كانت مزاجا طارئا ، خاصة مع مراب مثل جامي عاش على حساب كرامة شعبه و باعهم في النهاية بالملايين التي سرقها من خزنتهم الفقيرة ، و إن فاتته هذه و تلك ، فقد كان من المعقول ان ترسل رسائل عديدة ، بعيدا عن مستوى الرئاسة ، تبدأ القائم بالأعمال أوبالسفير ثم الوزير ، لجس النبض في أن تشكل زيارة الرئيس تحولا في العلاقة المضطربة ، و مما زاد الطين بلة هو الموقف من الجار المتحكم حاليا في مفاصل غامبيا و يتحرك باتجاه مصالحة قومية و اجتماعية و تاريخية و جغرافية - يجب ان نظر لها أيضا على اعتبار انها لا تشكل تهديدا بل تعزيزا لعلاقاتنا بالجوار - لأن تلك أيضا لن تزيدنا سوى خسارة لهما معا . فعل الرئيس فعلته التي فعل ، و عاد صامتا ، دون أدنى مؤشر على تغيير البوصلة من جامي حتى بعد أن غادر السلطة ليفسح المجال للخصوم الذين اصطنعهم بسياسته ، ثم مكنهم من كرامته ، و كان يمكن ان يتحاشى كل هذا ؟ لقد أظهر الرئيس انه يفتقد لثقافة رؤوساء الدول ، إنه يشبه التاجر الطماع الذي يغضبك لكنه يعود و يفكر بالربح بعد ان يخسر الزبون . و لأنه يفتقد لثقافة الرؤوساء فهو يفتقد للياقة الدبلوماسية ، فحادثة المنصة أمس في بانجول كانت مؤلمة للغاية ، لكن على نفسها جنت براقش ، و لم تتصرف بطريقة حكيمة تجنبها الاستهزاء و تجنبها فقد الجوار ، فعلاقات موريتانيا بغامبيا و السينغال و المغرب و الجزائر و مالي ليست علاقة رؤساء بل علاقة امتداد لشعوب و ثقافة و لا تخضع لتقلبات موجات مزاج صباح و حموضة طلبات سكان البيت . لو لا احتفاء الجالية الموريتانية بالرئيس في غامبيا لكن الوضع محبطا ، فالحضور القوي لأفراد الجالية و احتفاؤهم رسالة مهمة للسلطة الغامبية فالعلاقات الداخلية الموريتانية ليست بتلك الحدة التي قد يتصورها ماكي او بارو ، لكن هل يتقدم الرئيس المتقوقع على نفسه و أفكار خطوة ليتحرك باتجاه شعبه و شركائه في الوطن لعملية تشاركية تحقق التنمية و الديموقراطية و تضمن التحرك بسلاسة و قوة في المحيط الإفريقي و العربي الذي نعاني معه في الجوار و ما بعد البحار . 
 ما نخشاها ان يكون لحادثة المنصة تداعيات أخرى و تخبطا على اليمين و على اليسار و ان نفقد بقية ماء الوجه و الكرامة بمواقف لا تمت للسياسة بصلة و لا تتعلق بالمصالح بخصلة ، فالمواجهات اصبحت من الكثرة بحيث تصعب السيطرة عليها بطريقة ولد عبد العزيز القائمة على أنا أو فلتسقط العضوض .

--------------

من صفحة الأستاذ Albaze Almashhed