برلماني سابق: يدق ناقوس الخطر في تشخيصه للواقع الإجتماعي | 28 نوفمبر

برلماني سابق: يدق ناقوس الخطر في تشخيصه للواقع الإجتماعي

ثلاثاء, 05/16/2017 - 02:33

قال النائب البرلماني السابق الحسين ولد محمد الهادي  إن حالة الإحتقان الاجتماعي، ليست سوى نتيجة حتمية لحالة التناحر السياسي المستفحل ولإنفراط العقد الاجتماعي بين المكونات العرقية، وأوضح الناطق الرسمي باسم  المرشح محمد ولد عبد العزيز في رئاسيات 2014  أن بنيتنا الاجتماعية بخصائصها و بمميزاتها الحالية تمثل و بإمتياز البيئة النموذجية و الركن الأساس في عملية تفكك و إنهيار المجتمعات و من ثم وقوعها في براثن الفوضى، وكتب ول محمد الهادي في تشخيصه للواقع مانصه:

 

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدي و مولاي رسول الله؛
 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي } صدق الله العظيم.
 {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي } صدق الله العظيم.

إخوتي أخواتي، السلام عليكم و رحمة الله تعلى و بركاته؛
 أعمل منذ بعض الوقت على إنجاز عمل بحثي يرصد مختلف مناحي الحياة الوطنية لما يكتمل بعد، لكن و بالنظر للظرف الاجتماعي الدقيق و المقلق الذي نعيشه (أحداث 1-2 مايو المؤسفة) فقد أرتأيت أن أقاسمكم فقرة منه.

" إن حالة الإحتقان الاجتماعي، ليست سوى نتيجة حتمية لحالة التناحر السياسي المستفحل ولإنفراط العقد الاجتماعي بين المكونات العرقية و لتنامي حدة الفوارق بين الفئات الإجتماعية و لإنعدام التوازن في التنمية الجهوية و لصعوبة الولوج للخدمات العمومية، يضاف إلى ذلك تأثيرات العولمة على مجتمع ضعيف الحصانة لحداثة عهده بالحياة و الثقافة المدنية بشقيها المادي و الافتراضي.
لقد أدي إتساع هامش الحريات خلال العشرية الأخيرة لخلط كبير في المفاهيم و في الممارسات بين حرية مطلقة يكتوي المجتمع بنارها و حرية منضبطة يصلح بها المجتمع، و كما أن للحرية ضوابط تحميها فلها أيضا قيود تحمي منها، و كنتيجة حتمية لتقاعس الدولة أحيانا عن حماية حرية المجتمع من حرية الفرد و الجماعة و قيامها بذلك على استحياء أحايين أخرى، فقد وجد العنصريون و قادة الدعوات الإنفصالية و دعاة الفتنة و حملة الفكر الأرعن و المتطرف و أعداء الفكر التنويري و تجار المظالم فرصتهم لتأطير و قيادة المجتمع، مستخدمين في ذلك مختلف أدواتهم من شحن عرقي-شرائحي-جهوي-قبلي، و من نشر لخطابات الفتنة والكراهية، و من عزف على وتر المظلومية، و من تجييش للعواطف الدينية و الروحية، و من تهييج للشارع - عمال على بطال -، و من إستلاب ثقافي و حضاري...إلخ. 
حدث كل ذلك و أكثر، في ظل مناخ يتميز بعدم الاستقرار السياسي و بالهشاشة في البنية الاجتماعية و بالميلان في ميزان العدالة الاجتماعية و تأثير الضغط الناجم عن إكراهات الحالة المعيشية. ينضاف إلى ذلك، غياب تام أو تمييع مقصود لمجتمع مدني، يفترض فيه القيام بدوره المعهود في إطلاق المبادرات الاجتماعية و الاقتصادية المحفزة للتنمية المحلية، وخلق فضاء توعوي وثقافي كابح للتشرذم الاجتماعي، و تنمية اتجاهات إنسانية وتنويرية في المجتمع تؤمن بالاختلاف وبالتنوع الثقافي وبالقبول بالآخر، و تأطير العمال و تثقيفهم و الدفاع عن مصالحهم و حقوقهم...إلخ.
لم يطل الإنتظار، فقد جاءت النتائج سريعة و مدمرة : تشرذم إجتماعي و توتر عرقي و دعوات إنفصال؛ إنهيار للمنظومة القيمية؛ سقوط للإجماع الأخلاقي؛ إختلال للبنية المجتمعية المعنوية؛ ظهور أفكار و تيارات دينية متطرفة مقابل موجات كفر و إلحاد و إستهزاء بالموروث الديني و الروحي؛ إنزلاق غير آمن للساحة العمالية يقابله إستغلال مفرط من قبل مشغليهم...إلخ
و هكذا، فقد نودي بدعاة الفتنة و الإنفصال قادة، و نصب العنصريون زعماء، و تمكن الأراذل من ركوب ظهور الأفاضل، و استصغر الشباب الشيب و عيروهم، و قام الجهلاء بإعتلاء أكتاف العلماء، و صعد الغوغائيون المنابر، و اعتمد الإمعة منظرا و مرشدا، و عد الفقراء الأغنياء أعداء و توهم الأغنياء بدورهم الفقراء قنبلة موقوتة، و صنف العمال أرباب العمل ذئابا فيما اعتبرهم أرباب العمل حملانا... إلخ.
بالنظر لمستوى التدمير الذي تعرضت له بنيتنا المجتمعية و تشكيلاتنا الاجتماعية و قيمنا الدينية و الثقافية لعقدين أو أكثر من الزمن و على مرأى و مسمع - حتى لا أقول مباركة - منا جميعا، فإن الوضعية السابقة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشكل عنصر مفاجأة بالنسبة لأقلنا متابعة و دراية بالأحداث، لكن ما يثير الإستغراب و الدهشة و القلق هو الوتيرة المتسارعة خلال السنوات الأخيرة للظواهر الاجتماعية الهدامة و للأحدات المؤسفة و المتلاحقة و للأزمات متعددة الأوجه والتي أسهمت فيها و بنحو لافت - بقصد أو عن عجز – مختلف النخب من سياسية و إجتماعية و ثقافية و حتى دينية.
لا أنا و لا غيري، لا في سطور و لا في بحث، بإمكاننا أن نحيط لا بمقدار الضرر الذي ألم ببنيتنا الاجتماعية و لا بحجم الدمار الذي تعرضت له منظومتنا القيمية و لا بمستوى التمزيق الذي أصاب هويتنا الوطنية، فأقصى ما يمكننا تحقيقة هو محاولة إستكشاف قمة جبل الجليد أو إطلاق صرخة - لا أدري مدى فعاليتها - للفت إنتباه الجميع لخطورة الوضع التي إن استفحلت فستكون القاضية.
لن آتي بجديد، عندما أقول لكم إن بنيتنا الاجتماعية بخصائصها و بمميزاتها الحالية تمثل و بإمتياز البيئة النموذجية و الركن الأساس في عملية تفكك و إنهيار المجتمعات و من ثم وقوعها في براثن الفوضى. "