إنه الدَِّيِْن | 28 نوفمبر

إنه الدَِّيِْن

اثنين, 10/07/2017 - 19:49

كان الأخطل شاعِراً مسيحياً أثيراً عند البلاط. وكان يُسمحُ له حتى بوضع الصليب في القصور الاموية في دمشق ولبنان (القصور الأموية في عنجر اللبنانية هي كنز للحفريين لدراسة الثقافة والايديولوجيا الأموية وقواعدها المختلفة). وقد أطلق له عبد الملك الحبل على الغارب. وكان جبّاراً يهجو الناس ويتوعّدُهم وكما يقول المثل عندنا فكان من يخاف الله يخافُ منه لصلفه وسطوته. إلاّ أن أحد الرواة فوجئ يوماً بالاخطل يُقادُ في أغلاله ذليلاً مدحوراً من قِبل قِسٍّ دمشقي. وكان نظام الذمة عند الأمويين، تماماً كنظام المِلل عند العثمانيين، يُعطي لرجال الدِّين سلطة قضائية على أهل دينِهم. فقام القِس بتعذيب الأخطل بعد أن شكى منه مسيحي آخر. واستغرب الراوي من أن الأخطل الجبار يُذلُّ بهذه الطريقة فاستفسر. وردّ الأخطل بصوت ذليل وهو يرسف في الأغلال: إنه الدِّين، إنه الدِّين.

ولعلِّي شاهدت مؤخّراً العكس في مهرجانات المأمورية الثالثة بموريتانيا، فقد كان هنالك قساوِسة يرسفون في أغلال السلطة الزمانية. وشاهدتُ السلطة الزمانية تحشُر رجال الدِّين في مهرجاناتِها السلطانية. وكان بعض هؤلاء الرجال غارِقٌ في الإلتزامات أو التطلُّعات المالية.

قُلتُ، تحويراً للأخطل: إنه الدَّيْن، إنه الدَّيْن.

----------------

من صفحة الأستاذ عباس ابرهام على الفيس بوك