هذه الترجمة أرويها بسند متّصل لا انقطاع فيه، عن الشيخ باه إسحاق صاحبِ الترجمة – غفر الله له وأسكنه فسيح جناته- أملاها عليّ قبل عشر سنوات، أو يزيد، فقد لازمته أيّام دراستي في المرحلة الثانوية، حيث كنت أقضي إجازاتي الصيفية في رحاب درا القرآن التي أسّسها، إلى أنْ تخرجت من الثانوية 2000 ثم لازمته حتى سنة 2003 حيث التحقت بالجامعة الإسلامية بالنيجر، وكنت كذلكم أقضي بعض العطل في المرحلة الجامعية أيضًا؛ أراجع عليه محفوظاتي، فكان آخر كتاب أخذته على الشيخ وهو مراقي السعود. سنة 2009. وذلك لما شرّفني بنداء خاص أن أتولى تدريس مادتي الفقه وأصول الفقه، في المعهد العالي الذي أسّسّه في دار القرآن لتأهيل الحفاظ.
فما أرويه شهادة محبّ وصادق إن شاء الله تعالى.
وأرجو من القراء مثل رجاء ابن زين في طرّته:
" وإنني أبتغي ممن رأى خللًا
فيما انتبدت له أن يصلح الخللا
إذا تيّقنّه جنبًا وإنّ على
رب البريّة لي لا غير متكّلا"
أقول بعد: بسم الله الرحمن الرحيم.
#اسمه وكنيته ومولده :
هو الشيخ العالم العلامة الصدر الثبت المعلم العلَم، الحافظ النحوي الأصولي، أحد علماء غرب إفريقيا المشهورين، أبو سلمان باه إسحاق الفلاتي الكوبني، ولاية الحوض الغربي العيون موريتانيا.
#طلبه للعلم :
دخل في مدرسة التحفيظ وحفظ في سن مبكرة، وكانت أمه - رحمها الله- قد أوقفت للشيخ الذي حفّظه كتاب الله مقابل كل حزب يحفّظه شاة أو ثمن شاة.
كانت بداية طلبه للعلم ونهايته في موريتانيا، ولكن كانت له أثناء ذلك رحلات إلى دولة مالي.
#شيوخه:
أولا: شيوخه في بادية موريتانيا من الطفولة إلى المراهقة.
• الشيخ محمد الأمين الداودي.
• الشيخ محمد جيدو الايدوعيشي.
• الشيخ محمد جيدو ولد سيدي إبراهيم الحبيبي التنواجيوي.
ثانيا: شيوخه في مالي وسبب الرحلات إليها:
كان يسافر مع شيوخه الذين سبق ذكرهم رحلة الشتاء إلى دولة مالي، إذ كانوا كثير السفر إلى محاظر مالي زيارة للعلماء الأماجد الذين عرفوا بالعلم فكان بواسطة تلك الرحلات تعرّف المرحوم على دولة مالي وعلى بعض شيوخها.
من أبرز شيوخه في مالي:
• الشيخ أحمد عِل جالو في باغنو.
• الشيخ جيدو تامبادو في مقاطعة بلى ناحية نارا.
• الشيخ نور تال.
• الشيخ هادي تال.
• الشيخ عمر سليمان.
وقد ختم تفسير القرآن عدة ختمات على الشيخ هادي تال، وأخذ عنه علوم اللغة العربية والفقه المالكي.
وفي إقليم كاي بمالي:
• الشيخ عمر بابا.
• والشيخ أبو بكر بارو، وهو من شيوخه في الفقه المالكي.
أما الباقون فهم شيوخه في القرآ الكريم.
شيوخه في نواكشوط عاصمة موريتانيا.
• الشيخ محمد الأمين ولد الحسن المسومي، أخذ عنه الشاطبية وأصول الفقه، وعلوم العربية.
• الشيخ بداه ولد البصيري وكان شيخ الأئمة في ذلك العصر.
• الشيخ صداف ولد محمد البشير الشنقيطي.
• الشيخ مروان بن محمد سيد محمد بن يحيى الداودي الجعفري الولاتي.
#وللشيخ إجازات علمية:
أولّ من أجازه في قراءة نافع الشيخ نور تال، ثم أجازه الباقون من بعده.
أجازه الشيخ صداف ولد محمد البشير في القراءات السبع والعشر.
أجازه الشيخ مروان بن محمد سيدي محمد بن يحيى الداودي الجعفري الولاتي في الصحيحين وأبي داود، ومحمد بن يحيى هذا هو الذي أدخل سند الحديث في موريتانيا.
فالشيخ باه إسحاق كان من أولئك الذين حفظ الله بهم القرآن والحديث، وجعلهم نبراسًا للناس فيهما وفي علومهما.
#تلاميذه:
يستحيل حصر تلامذة الشيخ في كتابٍ، وما سأذكره هنا من طلاب يرجع ذلك إلى معاصرتي لهم، واحتكاكي بهم أيام الدراسة على الشيخ في مؤسسته العلمية القرآنية.
من أبرز تلاميذه:
1. الأستاذ سعيد جالو.
2. الأستاذ إبراهيم بن محمد باه، ابن أخ الشيخ.
3.الأستاذ يوسف جباتي رحمه الله.
4. الأستاذ عثمان جارا.
ويمكن القول: إنّه أكثر من لازمه. فهو منه بمثابة ابن القاسم من الإمام مالك.
4.الدكتور محمد الأمين جاراسوبا (دكتواره في القراءات)
5.الدكتور دوكورى عبد الصمد. (دكتوراه في القضاء والسياسة الشرعية)
6.الأستاذ الإمام: يوسف بمبا القارئ المشهور. (الليسانس في القراءات)
7.الأستاذ الإمام. وزكريا كوني. (الليسانس في القراءات)
8.الأستاذ الإمام: موسى جارا. (الليسانس في القراءات)
9.الأستا محمد كمارا طالب دكتواه في تركيا (الفقه وأصوله)
10 الأستاذ عثمان محمد محمد إدريس، دكتوراه في التاريخ ، المدينة المنورة.
11.الأستاذ حبيب الله محمد الكريم باه. طالب دراسات عليا في المدينة المنورة.
12.الأستاذ عبد الحميد ودراوغو. طالب دراسات عليا في قطر.
13.الأستاذ الإمام إسماعيل بدرا جكتي طالب جامعي في جامعة الفرقان كوت ديفوار.
14.الأستاذ عبد الله جارسوبا، الليسانس في أصول الدين (الأزهر الشريف) وهذا الأخير شارك في مسابقات دولية كثيرة لحفظ القرآن الكريم قبل التحاقه بالأزهر الشريف. (السودان، البحرين، السعودية، ودبي...) ممثّلًّا لكوت ديفوار.
14. الأستاذ عبد الكريم جاراسوبا. طالب جامعي في الرياض. وهو كذلك شارك في مسابقات دولية كثيرة لحفظ القرآن الكريم قبل التحاقه بالكلية.
15. أبوبكر كوياتي. صاحب الكرسي العلمي في المسجد النبوي لإقراء الناس في القراءت العشر.
وغيرهم كثير، لم أنس ذكرهم ولكن المجال لا يصلح لسرد الجميع، فإنّي أعرف الكثير من الطلبة الذين سبقونا والذين لحقوا بنا هنالك. أسأل الله لهم ولنا حسن الخاتمة.
#أولاده :.
الشيخ رزق ذرية طيبة - إن شاء الله تعالى –، بينن وبنات؛ حفظة لكتاب الله عزّ وجلّ. أذكر منهم على سبيل المثال:
- الأخ الزميل سلمان، وبه يكنى، و الأخت عائشة.
. فهذان آيتان في الحفظ والفهم، حفظا من المتون العلمية النافعة أكثرها: تحفة الأطفال، الجزرية، ألفية ابن مالك، الشاطبية، الدرر اللوامع، المحتوي الجامع. وألفيات أخرى لا أذكرها... وهذا كلّه بعد حفظهما لكتاب الله في سنّ مبكّرة.
مؤلفاته :
من مؤلفات ما يحضرني:
1. فتح ذي العرش في بيان ما يحتاج إليه القارئ على رواية الإمام ورش. (كتاب في التجويد على رواية ورش عن نافع)
2. كتاب: مفردة المكي وهي منظومة في قراءة الإمام ابن كثير المكّي.
3. الدرب المأمون في بيان ما خالف فيه ورشا قالون. منظومة في قراءة نافع.
وكان هذا الكتاب موضوع بحثي للتخرج في المرحلة الجامعية بالشرح والدراسة، وبمناسبته حصلت على هذه الترجمة...
4. سلم الوصول لمن يروم مرتقى الأصول، منظومة في علم أصول الفقه.
#جهوده في نشر القرآن ومكانته العلمية:
•أما جهوده:
فقد وجّه الشيخ – غفر الله له – كلّ اهتمامه إلى تحفيظ كتاب الله وسنّة نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتدريسهما وتدريس العلوم التي تساعد على فهمهما، فاتخذ مدينة أنياما ب كوت ديفوار مسكنًا ومقرًّا حيث كوّن بها محظرًا سنّة 1981م.
ثم تحوّل المحظر إلى مدرسة ومعهد سماها ب: دار القرآن الكريم، سنة1996م.
ثمّ أسّس معهدًا بدار القرآن المذكورة أسماه: المعهد العالي لتأهيل الحفاظ، تخرجت منها أفواج ووفّق أكثرهم في مواصلة دراساتهم في جامعات إسلامية كالجامعة الإسلامية بالنيجر وبالمدينة المنوّرة، وجامعة الأزهر الشريف، وجامعة الإمام وغيرها؛ المرحلة الجامعية والدراسات العليا...
قصده ساكنو جنوب الصحراء الكبرى، غرب إفريقيا، من: دولة مالي وبوركينا فاسو وغينيا وموريتانيا ، والنيجر، إضافة إلى أبناء ساحل العاج.
•مكانته العلمية:
من جالس الشيخ علم قدره ومكانته العلمية وموسوعيته، وطول باعه في كلّ فنّ، فلم يكن الشيخ متفرغًا لتدريس القرآن والقراءات القرآنية فحسب، بل كان له جهود في تدريس جميع العلوم المعرفية نثرًا وشعرًا.
يمكن أن أشير إلى بعض الكتب الأساسية التي كان الشيخ يقوم بتدريسها بجانب القرآن الكريم:
-في علوم القرآن: تحفة الأطفال، متن الجزري، الدرر اللوامع، المحتوى الجامع رسم الصحابة وضبط التابع، متن الشاطبية، طيبة النشر في القراءات العشر، وغيرها...
-في الحديث: التاج الجامع للأصول، وموطأ الإمام مالك، صحيح البخاري...
-في مجال الفقه وأصوله: متن الأخضري الثمر الداني، ومختصر الشيخ خليل، الورقات، نثرًا ونظمًا، مراقي السعود لمبتغي الرقي والصعود.
-في مجال اللغة: الألفية لابن مالك، ولامية الأفعال لابن مالك، والمقامات للحريري، وملحة الإعراب للحريري، وقطر الندى، وشذور الذهب لابن هشام، والمقصورة لابن دريد...
فآثار الشيخ باه – غفر الله له- العلمية تتضوّع في جميع أنحاء العالم ، ويكفي دليلًا أنه لا تقام مسابقة دولية في حفظ القرآن الكريم في العالم الإسلامي، إلا وشارك فيها طالب أو طالبان من طلاب القرآن الكريم أو من طلاب تلامذته الذين أسسوا معاهد جانبية في ساحل العاج والدول المجاورة لتحفيظ القرآن، فالفضل لله في ذلك سبحانه وتعالى، ثم له.
فالشيخ مع هذا العلم الجمّ، لم يكن جبّارًا عنيدًا، ولم متعنتًا، ولا مكابرًا، ولا مغرورًا، بل كان متواضعًا مع الجميع، قدوة وإمامًا في السنّة ، مجاهدًا في سبيل الله.
توفي في المغرب بعد صراع مع المرض يوم الثلاثاء 05/12/2017
#اللهم إنّك تعلم ما نخفي وما نعلن، اغفر لشيخنا مربي الأجيال، واجعل القرآن له شفيعًا، وأسكنه فسيح جناتك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
وإنّا نسألك أن تتولّى أمر أسرته، والمؤسّسة التي خلفها... فلا تذره فردًا وأنت خير الوارثين.
اللهم صلّ وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا...
من صفحة : أبو محمد الطالب أحمد