جددت جبهة البوليساريو تلويحها بالعنف بعدما أقدمت في خطوة مفاجئة على تسليم بعثة المينورسو رسالة تشير فيها إلى عزمها على إعادة الانتشار في منطقة الكركرات ونشر مسلحيها الذين أجبرهم قرار مجلس الأمن على الانسحاب.
وقالت جبهة البوليساريو، في رسالة وجهتها إلى رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء كولن ستيوارت الخميس، إنها “قد تضطر إلى العودة إلى الوضع السابق بالكركرات وإعادة النظر في قرار الانتشار”.
وأضافت أنها “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الخروقات المغربية وعدم تطبيق التعهدات الدولية الأممية الخاصة بتسوية الأسباب الناجمة عن أزمة الكركرات الأخيرة”.
وخيم التوتر على منطقة الكركرات جنوب المغرب مطلع العام الماضي بسبب التوغلات المتكررة للعناصر المسلحة للبوليساريو وأعمالهم الاستفزازية، قبل أن يعلن المغرب انسحابه كبادرة حسن نية، لتنسحب في ما بعد الميليشيات التابعة للبوليساريو بقرار من مجلس الأمن.
وبدأ التوتر في منطقة الكركرات في أغسطس 2016 بعد أن قررت السلطات المغربية بناء طريق قالت إنه يهدف إلى وضع حد لأنشطة التهريب والتجارة غير المشروعة وتطهير “العراقيل التي كانت تمس بانسياب الحركة في اتجاه موريتانيا”.
وتوجد الكركرات في أقصى الصحراء المغربية المتنازع عليها، على الحدود مع موريتانيا.
وكانت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية نقلت منذ نحو أسبوعين عما يسمى “وزير الدفاع” في البوليساريو عبدالله لحبيب قوله إن الجبهة الانفصالية مستعدة “لأي طارئ أو احتمال من أجل انتزاع حق الشعب الصحراوي في الاستقلال وتقرير المصير”.
المغرب يتعامل بحذر شديد مع مناورات جبهة البوليساريو ويحاول قدر الإمكان عدم الانسياق وراء تلك الاستفزازات
ويتزامن تهديد البوليساريو بالعودة إلى الحرب مع القمة الاستثنائية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “سيداو”، للبت في مستقبل عضوية المغرب. وهو ما اعتبره مراقبون سعيا من الجبهة وداعميها للتأثير السلبي على الحوار الذي يباشره المغرب مع كل الدول المؤثرة داخل هذا التجمع الاقتصادي الكبير لما له من أثر إيجابي على المغرب في فتح طريق تجاري يربط بين شمال القارة وغربها وجنوبها عبر موريتانيا.
ولا يستبعد هؤلاء إمكانية تنفيذ البوليساريو لتهديداتها خلال الفترة القادمة.
وقال رضا الفلاح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أغادير لـ”العرب” إن القيادة العسكرية المغربية متأهبة للتعامل مع تطور الأوضاع بمنطقة الكركرات، خاصة مع محاولة الجبهة إعادة انتشارها بدعم مكشوف من أجهزة الجيش الجزائري واستخباراتها العسكرية.
وأجرت البوليساريو مناورات عسكرية الأسبوع الماضي قرب منطقة الكركرات بالذخيرة الحية وبآليات ثقيلة وذلك في إطار ما أسمته الجبهة الانفصالية “الرفع من الجاهزية القتالية لعناصرها والاستعداد لتطبيق التحضير القتالي لسنة 2018”.
وبخصوص استجلاء ردود فعل المملكة المغربية تجاه استفزازات البوليساريو، قال محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاضي عياض لـ”العرب، إن المغرب أصبح يتعامل بحذر شديد مع مثل هذه المناورات ويحاول قدر الإمكان، عدم الانسياق وراء تلك الاستفزازات.
ودعا الزهراوي السلطات المغربية إلى الاستمرار في سياسة التغاضي والتجاهل تجاه استفزازات البوليساريو، ومحاولة المراهنة على انفجارها من الداخل.
وتشهد مخيمات تندوف أزمة خانقة ومتواترة عكسها موقف تنظيم “المبادرة الصحراوية من أجل التغيير” المعارض.
وانتقد التنظيم استفحال الجمود السياسي داخل مخيمات تندوف واستشراء الفساد ضمن نطاق سلطوي تتعايش فيه مصالح الأفراد والامتيازات إلى جانب المحاصصة القبلية، بالإضافة إلى بروز الفوارق الاجتماعية الصارخة نتيجة الفساد وسياسة اللاتكافؤ والحيف الاجتماعي المنتهجة، من قبل قيادة البوليساريو. وشدد الزهراوي على ضرورة التعامل بحزم وبجدية مع التهديدات والاستفزازات، لا سيما وأن القيادة الحالية للجبهة باتت تقترب من الخطوط الحمراء.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي، قال الأسبوع الماضي إن المناورات التي تقوم بها جبهة البوليساريو تعكس حالة التخبط التي تعيشها نتيجة للانتصارات المتتالية للمغرب في الدفاع عن وحدته الترابية، وذلك في أول رد فعل على تلويح البوليساريو بالحل العسكري.
وحول الاستعدادات الميدانية للمغرب للتعامل مع أي تطور مسلح على حدوده الجنوبية قال رضا الفلاح، إن المغرب يمتلك مقومات وعوامل مادية ومعنوية مؤثرة بشكل إيجابي، على رأسها العمق الجغرافي الاستراتيجي والواجهة البحرية، مما يحتم التركيز على ملء الفراغات ونهج استراتيجية تتناسب مع طبيعة السطح الصحراوي المنكشف والمفتوح.
وتقتضي الحكمة حسب رضا الفلاح، استشعار ورصد كل التنقلات العسكرية لأعداء الوحدة الترابية للمملكة من أجل الاستعداد لأي عدوان محتمل، خصوصا مع اشتداد الأزمة الداخلية للجزائر الداعم الأول للانفصاليين، ما سيدفع السلطة إلى محاولة تصديرها.
ويمتلك المغرب ترسانة عسكرية متطورة ومتنوعة إلى جانب المعلومات والمعطيات المتوفرة على الأرض وتلك التي تأتي من خلال القمر الاصطناعي “محمد السادس” الذي تم إطلاقه في نوفمبر الماضي.
العرب