خط الاعتدال و"الوسطية" من الخطوط "الطاردة" فلايصبر على المكوث فيه إلا قلةٌ صفوةٌ من الصفوة، لأنه لم يعد مربحا في موازين العصر!.
وقد تعودنا - خاصة في زماننا هذا - على تنمية الأطراف والتجمع حولها تاركين "خط الوسط" للتجاهل والإهمال… (ويدرك خبراءُ كرة القدم أهمية خط الوسط في اللعب).
تَصَوَّروا لَوْ أن كاتبا - مثلا - سلط الضوء على التيارات الفكرية الموجودة في عالمنا الإسلامي، وتناولَ الدراسة بموضوعية واعتدال في النظر؛ سيفرض عليه منهجُه انتقادَ كل طرف، واحتاسابَ حسناته إن كانت له حسنات، وفي ذلك يفقد رضا الأطراف جميعا، لأن كل طرف ينتظر التحيز إلى زاويته والغض عن غيره مطلقا!.
أما الباحثون عن الحقيقة فسيحفَلون بتلك الدراسة، وستفيدهم وتساعدهم في فهم الواقع الذي يعيشون فيه، وقد تُنَمي في بعضهم "مَلَكَةَ التوسُّط" ، وهي التي نحتاجها في هذه الظرفية بالذات، حيث تدخل الأمة منعطفا زلقا يتطلب "الشمولية في النظر"، وهي الأمةُ التي أثبت تاريخُها أنها تنهض بالاعتدال والوسطية، وتنحط بالتطرف والتشرذم...
لكن - أَسَفاََ - لايظهر من حالنا أننا نبحث عن "الوسط" مطلقا، فقد أكثرَ مثقفونا(نُخْبَتُنا الفكرية) من التحيز، وبالغوا في التحزب، وأدمنوا التأدلج… فلاتكاد تلفي أحدَهم ينتقد فيحتسب السلبَ والإيجاب، لأنهم متعصبون لآرائهم وتياراتهم الفكرية التي يتبرأون من الانتساب لها أحيانا، لكن براءتهم تنعدم بوجودِ قرينةِ التعصبِ والهجومِ الشاملِ على التيارات المخالفة، وعدمِ التوقفِ - ولو بسطر واحد - عند إيجابيات "الخصوم"!.
بالمناسة: ظلَّ "عدنان إبراهيم"(وحالته تصلح للتمثيل في هذا المنحى) يحاولُ "التوسط" و"التحرر" من كل القيود الفكرية والفقهية والسياسية… وقطعَ أشواطا في ذلك، لكنه استسلم أخيرا، وتَحَيَّزَ في الطرح، حينَ ألزم نفسَه موافقةَ "السلطة" التي أتاحت له من التمويل والظهور ما لم يتوفر له في "زمن الوسطية والتحرر" والمنبر النظيف!.
-----------------
من صفحة الأستاذ محمد فال سيدينا على الفيس بوك