مازلت مقاطعة آمرج عاجزة عن الخروج على العرف السياسي التقليدي الذي عاشت رهينة له عقودا من الزمن ومازلت لحد الساعة، لقد تعود السكان في كل المناسبات أن أصواتهم ذاهبة لامحالة ما بين "ثنائية سياسية" مستقرة بشخوصها متحركة بتحالفاتها عبر الزمان والمكان، وإن كانت المقاطعة ذات الكثافة السكانية والتوسع الديمغرافي تشهد على غرار باقي مقاطعات البلد حراكا سياسيا موسميا يصل مرحلة "السخونة" فإنها تتميز عنهم بالسيطرة على الخلافات السياسية وإبعادها عن دوائر الشحن والإحتكاك كما يحصل في مناطق آخرى؛ لقد ظلت آمرج رغم التباعد السياسي الذي يصل أحيانا مرحلة القطيعة بين الخصماء مقاطعة مسالمة سياسيا، وقد شهدت قبل سنوات ثورة على الثنائية السياسية وتمكنت بعض النخب الشبابية والأطر خارج هذا التصنيف ( مقام) من تفكيك هذا اللغز وتغيير الواجهة عبر إحداث تغيرات شكلية هي الأولى من نوعها في المقاطعة، لكن حصيلة التغيير المتنظر من الحراك المذكور توقفت عند تغيير الأسماء والأماكن وعجزت عن الخروج بالمقاطعة من رتابة التنمية وخلوها من مظاهر الدولة المدنية الحديثة وهو ماخيب آمال الكثيرين بل جعل بعضهم يعيش سنوات من لإحباط وهاجر البعض الآخر عالم السياسة إلى مالا رجعة.
حلم التغيير هذا لم يعمر طويلا لتعود الثنائية القطبية من جديد وتتشكل على قطع غيار مختلفة وليس كما كان يحصل في السابق، وأفرزت الإنتخابات الأخيرة خريطة سياسية آخرى لكنها لم تعمر هي الآخرى نظرا لحساسية الترشيحات وخلافات القادة على الأسماء والمراكز، فقرر الحلف الأكثر حضورا من حيث العدد في المقاطعة شق عصا الطاعة على الحزب الحاكم الذي قرر في لحظة ما تجاوز الحلف تحت اكراهات ربما "تكتيكية"، ووجد الحزب الحاكم نفسه حبيسا لتمثيل نسبي ضعيف في المقاطعة ممثلا في نائب واحد من بين ثلاث نواب، وهو ما جعل الحزب يراجع نفسه ويعمل على إعادة ما أفسدته تلك الإختيارات فقرر استعادة الحلف المذكور ( حلف الوزير ) لعله يضمن بذالك بعضا من نفوذه الإنتخابي في المقاطعة حتى يعكس حضوره السياسي الذي يظهر ان الجميع يتنافس من أجل الحزب الحاكم لا من أجل الخروج عليه، و هو ماظهر جليا مع حملة الإنتساب الآخيرة التى ركز الحزب فيها كثيرا على المقاطعة عبر لجان منحها كامل الصلاحية بل ومدد لها شهرين إضافيين بغرض ضبط المسار السياسي هناك وتجاوز عقبات التمثيل الإعتباطي المتشكل في مخيلة رئيس الحزب او حاكم البلد حول المنطقة، وقد كشفت العملية الأخيرة لحملة الإنتساب ظهور أكثر من 32 ألف منتسب في المقاطعة ، موزعة بدون تناصف بين الثنائي السياسي، حلف "التكتل" يضم بعض النواب والأطر وصغار الموظفين الباحثين عن موطئ قدم، وحلف "الوزير" والذي يضم شيوخ ونواب سابقون، وعدد من المشيخات الصوفية في المقاطعة، ورجال أعمال، وقد حصد الآخير وفقا لمحاضر الحزب تقدما كبيرا في بلدية آمرج، وملحوظا في بوكادوم، وضئيلا في عدل بكرو، وعليه يمكن قراءة خريطة الترشحيات المتوقعة للحزب على النحو التالي:
1- حلف "الوزير" برز من هذا الحلف شيخ المقاطعة السابق محمد الأمين ولد اكي ذو التأثير الكبير في المقاطعة و المدعوم بقوة من طرف الوزير سيدنا عالي ولد محمد خونه ورجل الاعمال سيد محمد ولد طول عمرو ، وهو مايمنحه فرصة الصعود إلى قبة البرلمان عبر بوابة الحزب الحاكم مع ثنائية يراهن الحلف على أن تكون من نصيبه حتى ولو كان القانون يفرضها من نصيب السيدات، هذا بالإضافة إلى تقديم شخصيات آخرى من الحلف إلى المجالس الجهوية.
2- "حلف التكتل" برز من هذا الحلف النائب البرلماني الحالي احمديت ولد الشين الذي استطاع منفردا ان يحصد اكثر من ثلثين من مجموع الوحدات التى تحصل عليها الحلف في بلدية عدل بكرو، بينما تقاسم أطر التكتل باقي الوحدات ومجموع وحدات بلدية بوكادوم، والتى ذهبت نسبة كبيرة منها وإن لم تصل المأمول سياسيا إلى رصيد النائب المنسحب من حلف الوزير والصاعد سابقا من حزب الكرامة حميد ولد التراد، بينما توزعت نتائج باقي الأطر ما بين 10 وحدات كحد أعلى إلى إلى أربع وحدات وأقل، ويراهن هذا الحلف على دعم الوزارة الأولى وفقا لما "يسوقه أحد المنتمين" لهذا الحلف، أن يكون الأول على لائحة الحزب للمقاطعة.
هذا مع الإشارة إلى أن حسم مرشحي عمد البلديات يتوقع ان يستخدمه الحزب الحاكم لخلق توازانات سياسية بين المكونيين المتنافسين، وإبعاد شبح التشرذم الحزبي عن الحملات الإنتخابية المقبلة.