عرفت ولاية آدرارغرس النخيل والواحات منذ قرون حيث اوضح الرحالة البكري انه قدم الى آزوكي في القرن الحادي عشر ووجدها مدينة و واحات نخل تقدر بازيد من عشرين الف نخلة .
وقد الف سكان ولاية آدرار منذ زمن بعيد حياة الواحة وامتهنوا غرس النخيل وغيره من أنواع الزراعة حتى اصبحت الولاية بفضل جهود أبنائها والبرامج والسياسات التي ينفذها قطاع الزراعة اليوم تشكل أكبر مخزون لأشجار النخيل في البلاد.
وتعتمد ساكنة هذه الولاية التي عانت الأمرين بفعل الجفاف في جل عيشها على منتوج تلك الواحات من التمور والزراعة تحت النخيل بالإضافة إلى تربية المواشي في الأودية والواحات وتصدر فائض منتوجها المعروف بجودته من التمور والخضروات إلى بعض ولايات الوطن.
ويعد موسم حصاد التمور المعروف محليا بموسم "الكيطنة" من أجمل مواسم الولاية رغم حرارة الجو وندرة المياه الجوفية والسطحية في معظم أرجائها، حيث يعود في هذه الفترة أولئك الذين غيبتهم إكراهات العمل أو الدراسة منذ فترة إلى مواطنهم الأصلية للاستمتاع إلى جانب ذويهم وضيوف الولاية الوافدين إليها من مختلف أنحاء الوطن وحتى من خارجه للراحة والاستجمام والعلاج في بعض الأحيان.
وبحلول هذا الموسم يتغير كل شيء حيث يخرج سكان المدن الكبيرة إلى الأودية والواحات لقضاء هذه الفترة الصعبة من الناحية المناخية والجميلة بكل تجلياتها في عموم الولاية تحت ظلال حدائق النخيل الغناء يقطف منها حين ومتى شاء ويسبح في احواض المياه تحت النخيل او في الشلالات الجارية في بعض المناطق الجبلية بشكل دائم.
ومع تغير الزمان والمكان يتغير نمط الغذاء، حيث يعتمد الكيطانة في غذائهم اليومي على الفطور بالنشاء والتمور تليها وجبة من اللحوم الحمراء المفضل أن تكون من صغار الغنم قبل وجبة الغداء علما أن هذه الوجبات يتم قبل كل واحدة منها تناول التمور المعروف محليا ب"التكلاع" بالنسبة للأشخاص العاديين.
وبالنسبة للنساء والمسنين والمرضي فهناك وجبات وأنماط غذائية أخرى تناسب كل الفئات آنفة الذكر نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تلك الخاصة بالنساء حيث يأخذن ما يسمى بالبلح مساء ويقمن بصقله وتجهيزه ليشكل وجبة الصباح الباكر للنساء والمعروفة محليا ب"الكتلة" مع اضافة بعض الرطب والفول السوداني وتقدم الكتلة مع الحساء في وجبتين ثابتتين في الصباح الباكر وبعد صلاة المغرب زيادة على الوجبات اليومية الأخرى.
وتكثر في فترة الكيطنة الممتدة من يونيو وحتى نهاية أغسطس الرحلات السياحية حيث يؤم الكيطانة مختلف الاماكن السياحة في مختلف الاودية التي تبدو وارفة الظل يانعة الثمار إضافة الى الكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية والثقافية والرياضية والترفيهية كالأغاني والسهرات الفنية المعروفة هناك ب"أجركان" التى تبدأ مباشرة بعد العشاء في البطاح وعلى الكثبان الرملية أو في الساحات العامة وتحت ضوء القمر للحفاظ على التراث والهوية الواحاتية المتميزة.
كما يتم خلال هذا الموسم تنظيم بعض المسابقات الرياضية التي قد تكون محلية او وطنية كالرماية التقليدية وظامت وأكرور والسيك وكرة القدم وغيرها.
ورغم ندرة الأمطار في السنوات الأخيرة فقد حافظت ولاية آدرار التي يوجد بها أزيد من (1347000) نخلة، أي نصف عدد النخيل على المستوى الوطني على جاذبتها في موسم "الكيطنة " كل عام الذى يعود بفوائد كبيرة على ساكنة الولاية
خاصة من الناحية الاقتصادية.
وقد شهدت الولاية خلال السنوات الأخيرة عناية كبيرة بالنخيل والواحات من طرف الدولة عن طريق برنامج التنمية المستديمة للواحات الذي أسهمت تدخلاته في وفرة الإنتاج وجودته وتسويقه وتنظيم الفاعلين والمزارعين في
مختلف الواحات.
وأوضح المهندس الزراعي للوحدة الجهوية لبرنامج التنمية المستديمة للواحات السيد محمد يحي ولد موسى، أن الإنتاج ما بين 2016-2017 بلغ (25051)طن من التمور كما بلغ متوسط إنتاج النخلة الواحدة (35) كلغ إضافة
إلى زيادة عدد النخيل المنتج لتصل إلى (715740) نخلة.
وقد تعززت جهود حفظ وتحسين المنتوج من خلال مصنع التكييف وتعليب التمور والخضروات الذي وضع فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد بن عبد العزيز حجره الاساس يوم ال 27 من نوفمبر 2016.
وأوضح الدكتور احمد ولد اعبيد مدير المصنع والانتاج ان هذه المنشاة تهدف الى اعطاء قيمة مضافة للمنتوج المحلى والوطنى وحمايته من المنافسة مبرزا ان المصنع يتسع لحفظ خمسمائة طن من التمور الجافة والرطبة والخضروات وخاصة الجزر كما يسعى الى خفض البطالة وتوفير فرص العمل للساكنة المحلية اضافة الى دوره واسهامه فى تزويد السوق المحلية والوطنية بالتمور والخضروات على مدى فصول السنة بعد معالجتها وتعليبها وتتعزز العناية بالنخيل فى الولاية عن طريق انشاء المزارع النموذجية التى تشكلت منها اربعة حتى الان من اجل الاسهام فى تزويد المصنع بصورة منتظمة بالخضروات والتمور.
ويرى الباعة فى سوق اطاران موسم الكيطنة الحالى شهد وفرة فى المنتوج واستقرارا فى الاسعار كما يرى الخبراء ان الموسم الحالى تميز بانتاجية اكبر من العام الماضى ويبقى موسم الكيطنة حيا فى الذاكرة الجمعية للموريتانيين رغم كل الصعاب لان المثل يقول على لسان النخلة سلم لى على من لايعرفنى اما من يعرفنى فسياتى لامحالة وستبقى الواحات عنوان الاصالة والحفاظ على التراث التليد للمجتمع.
اعداد :السعد بن مصطافى
الوكالة الموريتانية للأنباء