لكل أمة ثراءان، ثراء وعي وثراء تجربة، وتكون هذه الامة على موعد مع النهوض (حين يلتقيان على صعيد الإرادة والعمل.)
لكن لحظة التفاعل بين تلك العناصر، تحتاج للإعداد وترتيب وترشيد الطاقة لنزالها التاريخي، (سبيلا لتحقيق التنمية الشاملة.)
وسنحتاج قبل قرار خوض التجربة أن نتخلص من العبء النفسي الذي راكمته التجارب السلبية.
ذلك العبء الذي يكمن خلف كل أحلامنا فلا يترك حيزا للأمل إلا شغله باليأس والاحباط.
لقد استهلكتنا الأزمة لدرجة لم تترك في حيز حلمنا مكانا للأمل ، وانتصرت في استعباد كياننا النفسي، ولهذا السبب فرطنا في أحلامنا وسفهنا حملتها وتوجسنا من عقولنا شرا وانتظرنا من كل محاولاتنا فشلا.
(لقد تكامل نضج )الموريتانيين و اكتمل وعيهم بما ينبغي أن يكون عليه حالهم وتراكمت تجاربهم بشكل كثيف وحثيث في عقود قليلة من عمر الدولة الحديثة.
وهي مرحلة ينبغي وعيها واستغلالها كطفرة جامعة يمكن ان تلم شتات وعيهم الوطني الذي ذهب ادراج التخندق والتعصب والتقوقع الايديولوجي والفكري.
لان شعبا تجمعه الغايات سيكون عليه ان يتوحد في حيز يستجمع طاقاته ويرشدها في اتجاه واحد، يضمن الإختلاف دون أن يضن بالوحدة.
ويكفل الشراكة دون أن يخل بالإستقلالية.
(إننا في المشروع الوطني )ندعوا لمسار وطني جامع لغاياتنا كأمة قبل انتماءاتنا الحزبية والايديولوجية.
مسار نتشارك فيه المشورة والرأي دون تعصب ولا تأزيم.
ذلك هو مسار الشراكة السياسية الذي من شأنه أن يضمن توحدنا خلف مسارات تنموية مستقرة، لاتفوت رأي حكيم لأنه معارض ولا تسفه حكمة خبير لأنه موالٍ.
مسار نحزم امتعتنا فيه متمسكين بالمصالح، ونعارض فيه الفشل بقوة وحكمة واحتواء، ونوالي فيه النجاح بفخر ومساندة وانتماء.
لأن الوطن الذي لا يكون ورشة عمل، هو بالضرورة ساحة معركة.
نؤمن في المشروع الوطني بأن الوطن بحاجة لكل عقوله ومؤسساته، وهي في كامل ألقها وقوتها و قدرتها.
(حاجتنا للفلاح والمنمي والحداد، هي حاجتنا للمهندس والطبيب والرياضي.
وحاجتنا لجهاز تنفيذي فعال هي حاجتنا لبرلماننا القوي وقضائنا المستقل ).
بحاجة إلى منتج سياسي ينتمي لفلسفة الشراكة والتحلق حول المهمة الوطنية الجامعة.
نحتاج معارضة قوية ومنفتحة تذكي وتثري التجربة الوطنية، بالوقوف إلى جانب النجاح باعتباره منجزا وطنيا يمثلها، وتقف في وجه الفشل والإخفاق بإشفاق الأخ على أخيه ومساندته بالرأي وشد العضد لا بالمواجهة و ترصد الإحراج أوالتحامل وتهجي السلبيات.
نحتاج إلى موالاة تتخذ خياراتها ومساراتها وهي ترتكز على الولاء الثابت للمصلحة الوطنية لا التكالب على بؤر الثروة.
وبناء على تلك النظرة فإننا نعلن اليوم على بركة الله، إعلاننا السياسي بعهد نعاهد به ربنا وأمتنا، أن تكون مولاتنا للنجاح ومعارضتنا للفشل أيا كان واينما كان وبفعل اي كان.
سنعادي الفشل بالنصح والرأي والمقترحات دون تحامل ولا ترصد أو انتقاء ، ونوالي النجاح بالتشجيع والمؤازرة دون أن يتوقف أو ينقص نهمنا للمزيد.
إن ولاؤنا للحيز الوطني الجامع، مثاليون في التصورات الكبرى وواقعيون في حيثيات التفاعل الميداني.
لن نكون مطية لاستثمار المال السياسي، ولا سلما للمتسلقين للغايات والمصالح الشخصية.
ليست لدينا قبائل ولا أعراق ولا جهات، في (رؤية)
المشروع الوطني.
هويتنا وتعريفنا لا تحدها حدود تخصنا، فنحن ابناء هذه الأمة عقيدة وتاريخا وثقافة.
ووظيفتنا هي خدمة مصالحها لا إملاء هويتها.
وستذكرون حديثنا، ونحاسب يوم لا ينفع مال ولا بنون.
واشكركم والسلام عليكم ورحمة الله.