يعج المشهد السياسي الموريتاني اليوم بالكثير من النساء اللاتي تبوأن مراكز متقدمة في الواجهة السياسية لبلد حديث العهد بالديمقراطية، حيث شهدت السنوات الأخيرة ولوج المرأة لمراكز صنع القرار وتقدمت النساء بخطي ثابتة وبرؤية جديدة تري بأن ساعة التجديد قد ازفت وبأنه أصبح لزاماً علي المجتمع تقبل المرأة في شتي المجالات وخاصةً السياسية منها.
زاحمت نساء المنكب البرزخي رجاله في شتى أوجه الحياة السياسية وكن استثناءا حميدا في المجتمعات العربية المشهورة بحيفها تجاه المرأة.
بيد أن هذه الطفرة في الحقوق السياسية لم تتحقق من فراغ فهي نتاج تاريخ نضالي حافل للنساء في هذه الربوع وهي تراكم لتقاليد عريقة جعلت المرأة هنا ومنذ سنوات غابرة محور الاهتمام في هذه الصحراء القاحلة فالرجال كانو رحالة باحثين عن سبل العيش بينما كانت النساء محور الخيمة وركيزتها الأساسية كثيرا ما ذهب الرجال ولم يعودوا وتركو لنسائهم مكابدة مشقات الحياة وتربية الأبناء فنهضت بالمسؤولية الجسيمة على أحسن وجه، تحكي لنا الجدات قصص أسلافهن الماجدات اللاتي ربين وسهرت الليالي الطويلة وعلمن الأبناء ونا حافظات مؤمنات طيبات قانتات عابدات ساجدات، غير زاهدات في تربية الأجيال على قيم المروءة والشهادة إلى الدرجة التي نسي فيها المجتمع الإسم العائلي للكثير من العائلات فأطلقت على أمهاتها"أولاد فلانة".
ومنذ الاستقلال احتلت المرأة معظم المناصب فكانت وزيرة وسفيرة ومتحدثة بإسم هذه الأمة لكنها مع ذالك ظلت ورغم سطوتها وسلطتها المجتمعية مربية وراعية وأمينة في بيتها حريصة على عدم انفراط عقد الأسرة.
وللمقارنة فقط فإنه في بلادنا كانت هناك أول رئيسة حزب سياسي في الوطن العربي وأول وزيرة خارجية على الخارطة العربية وأول مرشحة رئاسية وكذلك أول عمدة لعاصمة عربية والرئيسة العربية الوحيدة لنادي رياضي ، كل ذلك عدى عن الحضور اللافت للنساء في كل البرلمانات والحكومات المتعاقبة.