أ با طه الحسين كان..أمحمول على النعش الهمام! / مرثية | 28 نوفمبر

أ با طه الحسين كان..أمحمول على النعش الهمام! / مرثية

ثلاثاء, 10/10/2017 - 10:23

ألم اقسم عليك لتخبريني    أمحمول على النعش الهمام

فإني لا ألام على دخول      ولكن ما وراءك يا عصام

فإن يهلك أبو قابوس يهلك     ربيع الناس والبلد الحرام

 ونمسك بعده  بذناب عيش    أجب الظهر ليس له سنام

وسط ذهول وحيرة من صروف ليالي الدهر المتلئاب بعد أنخرام حبل وصال معروف النعمان بن المنذر بن المنذر بن ماء السماء، حادث صادم يا أبا أمامه (النابغة الذبياني) تركك حيرانا عاجزا عن التصديق، فقد أظلمت الدنيا بفقد أبا قابوس، فلا ربيع تجلل أزهاره السهول، ولا حرماً آمنا يأوي إليه المعوز، بفقد أبي قابوس مسكوا أذناب عيش أجب الظهر. مأساة الذبياني عادت إلينا في يوم كئيب من أيام جمع أكتوبر، في ذلك اليوم قرعت طبول الأحزان للأرامل والأيتام وفئام، قوم لن يجدوا راحماً لذلهم بعد فقد أبا طه الحسين كان.

أنهد طود عدل شامخ لم تغرره الدنيا بزخارفها،نساء بلده عاجزات عن أن يلدن له شبيهاً،لِجل من أدمت سياط ظلم ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي معه قصة أنصاف من جلاديهم، سلوا عنه بدر الدين، والمحامي عبد القادر بن سعيد، وعميد الشعراء ورموز حركة الكدحة، فلكل منهم معه قصة تظهر كم هو قاضٍ منصف متفهم محب، نيف وخمسون ومئة منهم بعد رحلة قمع بشعة يندى لها جبين كل من بقلبه ذرة من الإنسانية، ما إن سِيقوا إليه مصفدين حتى غرورغت دموعه حزنا وتفطر قلبه المفعم حباً متسائلا أو يفعل مسلم كل هذا العذاب بأخيه المسلم؟ فك أغلال البعض منهم بيده دون خوف من واشٍ أو رئيس متربص به، غادر الوظيفة بدون منزل، ولا حسابات بنكية،كشف صاحب البقالة المجاور لبيته أن عائلات عديدة كان يصرف عليهم شهريا عن طريقه متكتماً على الفاعل حتى أن أسرته لا تعلم، وكان يودع عنده نقوداً لتصرف على كل من يحمل وصفة طبية عاجزاً عن شرائها. أما قصته مع المسجد فقد أبكى إمام شجرة الأنبياء فضيلة الشيخ عمر الفتح عشرات المصلين وهو يتحدث عن كونه لا يفارق الصف الأول رغم عامل السنة والضعف حتى أنه في إحدى المراحل كان له عكازان يتوكأ عليهما في طريقه إلى المسجد. إلى جنة الخلد يا فقيد العدل في بلد يباهي بالجور.