غينيا الاستوائية .. "إمارة" نفطية تشيّد جنة عمرانية في إفريقيا
الأحد, 25 مايو 2014 20:22

استطاعت غينيا الاستوائية، التي تعد من أصغر دول القارة الافريقية مساحة، أن تتحوّل إلى "إلدورادو" نفطي جديد" أو "إمارة" نفطية في القارة السمراء، بانتاج يتراوح بين 400 ألف و600 ألف برميل في اليوم.

غير أن ثروة هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه الـ 1.14 مليون ساكن، لم تسفر بعد عن تحسن كبير في مستوى معيشة السواد الأعظم من شعبه بما يتماشى مع هذه الثروة النفطية.

وعرف هذا البلد الذي يعيش فيه نحو مليون و 140 نسمة منذ عام 2000 ثورة نفطية ساهمت في تحول جذري هائل طرأ على بنيتها التحتية بعد أن كان يعد بالأمس من أفقر دول المعمورة .

ويقيم "لويس أغامبي" الخبير الاقتصادي في عاصمة غينيا الاستوائية، مالابو، تاثير الثروة النفطية على اقتصاد البلاد قائلاً: "عمل كبير مازال بالانتظار،فهناك فئة واسعة من المجتمع مازالت فريسة للفقر".

رئيس البلاد "تيودور أوبيانغ نغوما" الذي يتولى الحكم منذ 34 عاما تحدث في اكثر من مناسبة عن ارتباط اقتصاد بلاده بالنفط، واعتبر في إحدى المناسبات أنه: "خلافا لبعض التقديرات التي تربط النفط باللعنة التي تحل على البلدان الإفريقية، فإنه يمثل فرصة ونعمة لغينيا الاستوائية".

وأضاف الرئيس "نغوما" حول العائدات النفطية لغينيا الاستوائية: "مداخيل النفط و الغاز وقع تخصيصها، وسيتواصل تخصيصها مستقبلا لإنشاء البنى التحتية، لقد مكنت من إحداث طرقات، أكثر من 698 كيلومتر من الطرقات المعبدة على مساحة 28 ألف و 58 كيلومتر".

وبدا واضحا ان الحكومة تعطي الاولوية في تخصيص مداخيل النفط لتطوير البنية التحنية، فقد تم استثمارها على سبيل المثال لإنشاء مطارات "موغومييان" في وسط البلاد و "كوريسكو" في جنوبها. كما مكنت هذه الثروة من بناء سديْن يشتغلان بالطاقة الكهرومائية: "دجيبولهو (120 ميغا وات) و "سيدجي" (200 ميغا وات) وهي إنجازات اعتبرها " "أغامبي" "ذات فائدة كبرى".

غير انه لا يزال هناك عمل كبير ينبغي القيام على مستوى تحسين معيشة الفرد في غينيا الاستوائية، فوفقا لمسح قامت به السلطات حول التنمية الاجتماعية في 2013، فإن ثلثي البيوت في غينيا الاستوائية، ومن بينها 43 بالمئة تقع في مناطق قروية، مزودة بالنور الكهربائي فيما لا تتجاوز نسبة البيوت التي يصلها الماء الصالح للشرب 56 بالمئة بحسب تقرير وزير حقوق الإنسان وأحد نواب رئيس البلاد تم نشره في 5 مايو 2014.

ولا تنفي تلك الحقيقة ان هناك انجازات على هذا الصعيد، فـ"مالابو" (عاصمة غينيا الاستوائية) تمكنت من بناء أكثر من 150 ألف من المساكن الاجتماعية منذ 2008. وتم إنشاء عدة مباني إدارية في منطقة "مالابو 2" وهو أول مشروع استفاد من المداخيل النفطية بحسب نفس المسح.

نفط غينيا الاستوائية استثمر أبضا في عديد الإنجازات الأخرى ولعل من أبرزها موقع "سيبوبو" المرموق، وهو حي وقع إنشاؤه في ضواحي العاصمة "مالابو" سنة 2011 حيث استقبل القمة 17 للإتحاد الإفريقي في نفس العام.

وقد بلغت الاستثمارات الذي ضخت في مشروع "سيبوبو" 300 مليار فرنك إفريقي (حوالي 627 مليون دولار) ويحتوي هذا الموقع على 52 من الفيلات الرئاسية الفاخرة و ملعبا للغولف و مستشفى وشاطئا اصطناعيا وطريقا سريعة بثلاث حارات تصل "سيبوبو" بقلب "مالابو".

الحديث عن الطفرة التي شهدها هذا البلد في السنوات الأخيرة، يحيل رأسا إلى مشروع كبير من نفس الفئة في طور الإنجاز إذ ستحتضن قرية "أويالا" الواقعة على ضفاف نهر "ويلي" شمالي شرق البلاد، في قادم الأعوام قطبا إداريا وجامعيا.

إلى جانب ذلك، من المنتظر ان تفتح جامعة مشتركة أمريكية-غينية (الاستوائية)، أبوابها مع حلول سنة 2017 فيما سيمتد الموقع الجديد على 32 ألف هكتارا وسيستقبل 65 ألف ساكن.

وفي تعليق على التوجهات الاقتصادية للبلاد، أشار الخبير الاقتصادي "لويس إيغامبي" إلى أن "استثمار العائدات النفطية في البنية التحتية يفصح على مقاربة تتطلع نحو المستقبل للبحوث تعتبر أن الحقول النفطية ستجف بحلول 2031 فيما من المنتظر أن تجف حقول الغاز بحلول 2045".

"مالابو" تهيأت لذلك وأحدثت صندوقا للأجيال القادمة كما أن الحكومة تعتزم رفع سلم أجور الوظيفة العمومية في 2015.

ومن الواضح أن طموحات الحكومة في غينيا الاستوائية كبيرة بعد استشرافها بانها ستكون من البلدان الصاعدة اقتصاديا في أفق 2020.

وبرغم الإنجازات التي لا غبار عليها على مستوى البنية التحتية، إلا أن 75 بالمئة من الشعب في غينيا الاستوائية يعاني من فقر نسبي بناتج قومي خام يعادل 22 الف دولار أمريكي للفرد، كما أن نسبة النمو في غينيا الاستوائية تعادل الـ 5 بالمئة.

ويبدي الخبير أغامبي أسفه بخصوص نوعية أخرى من المشاكل التي تواجهها غينيا الاستوائية والتي تؤثر على تحسن مستوى المعيشة فالبلاد تحتل المركز 163 من بين 174 دولة في قائمة الدول الأكثر فسادا خصوصا في قطاع الاموال العمومية، بحسب تصنيف منظمة شفافية، ما ينسّب بشدة طموحات الحكومة في اعتلاء مراتب متقدمة والدخول إلى نادي البلدان الصاعدة.

*وكالة أنباء الأناضول

فيديو 28 نوفمبر

البحث