البرامج الساخرة.. سلاح الشباب الجزائري لكسر التابوهات
الاثنين, 12 مايو 2014 09:08

algeria-sakher.jpg88

دوتشية فيله: تشهد فيديوهات الفن الساخر في الجزائر إقبالا متزايدا على مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت. القنوات التلفزيونية الخاصة باتت تستقطب نجوم الفن الساخر الذي يكتسي طابعا خاصا في الجزائر، وهو يختلف 

أسلوبا عن برنامج باسم يوسف.   تحولت البرامج الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ظاهرة تثير اهتمام الشباب الجزائري في السنوات القليلة الأخيرة، ويرى خبراء انها أضحت عبارة عن فضاء للتنفيس عن الأزمات الاجتماعية والتذمر من الأوضاع السياسية.

وساهم ظهور قنوات تلفزيونية خاصة في الجزائر في تحولها إلى برامج تلفزيونية وتحظى باقبال قطاعات واسعة من المشاهدين وخصوصا في أوساط الشباب، وقد تطورت بعض البرامج الساخرة إلى قنوات خاصة بالفن الساخر على يوتوب، كما انها تحمل طابعا جزائريا يختلف مثلا عن برنامج باسم يوسف في مصر.

التحول الذي شهدته الظاهرة، من المواقع التواصل الإجتماعي إلى الشاشة الفضية، شكلت فارقة في نسبة المتابعة من طرف الجزائريين، حتى أن بعض الشبان الموهوبين لمعت نجوميتهم من خلال تلك الفيديوهات البسيطة التي نشرت على موقع اليوتوب بشكل خاص، عندما اطلقها مجموعة من الشبان خرجي الجامعات، وكانت الفيديوهات تحمل مواضيع ساخرة حول الأوضاع الإجتماعية.

الفيديو الأول بث بأسماء غير حقيقة، من بينهم ” دي زاد جوكر” الساخر الجزائري، وهو اسم لشخصية شمس الدين لعميري، حيث كان أول موضوع بثه على موقع اليوتوب يخص “ظاهرة الفايسبوك”، وكانت السخرية حول الجزائريين الذين يغازلون الفتيات بأسماء مستعارة، والسعي لربط صداقات، وتحول الموضوع إلى فيديو مصور بمقاييس “بودكاست”.

 

مزحة حولت شابا عاطلا إلى فنان ساخر مشهور

 

تطورت الموضوعات التي كانت تبث على تلك المواقع عبر مقاطع فيديو لتتناول شخصيات سياسية دولية مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما أو بطريقة نقدية لشخصيات تاريخية مثل الزعيم النازي أدولف هتلر.

كما تتناول الفيديوهات شخصيات محلية منها الوزير الأول الجزائري القديم الجديد عبد المالك سلال ورئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ضمن فيديوهات تتكلم بلسانهم، بلغة ساخرة عن الجزائريين وبعض السلوكات الاجتماعية، منها ظاهرة التدخين و أزمة المواصلات في الجزائر، ومشاكل التربية والتدريس، وظواهر مثل السرقة.

ومن أشهر البرامج التي بثت على القنوات التلفزيونية الخاصة نجد برنامج ” أنس تينا”، وهو أول برنامج ينتقل من مواقع التواصل الاجتماعي إلى شاشة التلفزيون، ويعتبر الفنان أنس تينا وهو شاب جزائري اسمه الحقيقي أنس بوزغبوب اكتشفه الجمهور من خلال شبكة الانترنت حيث عرف شعبيّة كبيرة قوامها أكثر من أربعة ملايين مشاهد على اليوتيوب.

ويقول أنس في حوار مع DWأن تجربته كشاب جزائري وخريج جامعة، بدأت في مجال البرامج الساخرة بمزحة بين الأصدقاء، ثم تطورت عبر استعمال الأصدقاء للمواقع التواصل الاجتماعي مضيفا: “تجربة بحد ذاتها حولتني من شاب عاطل عن العمل، إلى إسم له وزنه في مجال البرامج الساخرة”.

ويوضح أنيس تينا ان الفكرة انطلقت من خلال فيديو موضوعه الفرق بين أوروبا والجزائر، وقد نال الفيديو متابعة الآلاف على اليوتوب، ثم “عرضت علي إحدى القنوات الخاصة بالجزائر أن أقوم ببرنامج يبث على تلك القناة، ويكون على الشاكلة نفسها التي يبث على الشبكة العنكبوتية، مع اختلاف بسيط أن تكون المواضيع منوعة بين الاجتماعي والسياسي، وعبر ثلاثين حلقة ارتفع عدد المشاهدين في تلك القناة”.

وبفضل النجاح الذي حققه على تلك القناة الخاصة الجزائرية ذاع سيط الفنان الجزائري الشاب، لفت اهتمام قناة نسمة التونسية الخاصة، وهي تعد من أكثر القنوات انتشارا على المستوى المغاربي، وعرضت عليه عقدا ليقدم برنامجا ساخرا يحمل عنوان ” أنس والناس″ وهو “فقرة هزلية أقدمه يوميّا بأسلوب ساخر ومثير للضحك ناقدا لسلوكيات الناس في البلدان المغاربية خلال شهر رمضان”.

وأشار أنيس ان برنامجه يستضيف نجوم من البلدان المغاربية، على غرار مغني الراب الجزائري، لطفي دوبل كانون، ورياضيين مشهورين مثل هشام مصباح(مصر)، محمد بن قاسمية(الجزائر) والعديد من الشخصيات المعروفة الأخرى. أسماء مستعارة وجرعة حرية أكبر وبدورها ساهمت الاسماء المستعارة في زيادة جرعة الجرأة وتجاوز المواضيع التقليدية والتطرق للتابوهات.

كما تتطرق لقضايا سياسية مثل انتقاد سلوكيات طبعت الانتخابات الرئاسية في الجزائر.

وقد صنع الموعد الانتخابي حربا ساخرة على الانترنيت وأنتجت العديد من البرامج تخص الحملة الانتخابية، منها برنامج الذي يبثه بشكل دوري شمس الدين لعميري المدعو”دي زاد جوكر” الساخر الجزائري، وحتى تحول إلى قناة خاصة تبث فقط على اليوتوب.

وفيما يتعلق بالمواضيع التي يتم التطرق لها أكد شمس الدين لـ  DWان الموهبة هي التي صنعته وان البيروقراطية في توظيف المواهب بالقنوات التلفزيونية هي التي حولته إلى نجم على المواقع الاجتماعية، وذكر: “صنعت اسما (مشهورا) من خلال البرامج على مواقع الانترنيت وهذا كفيل بأن اكون حرا في التعبير عن أرائي كشاب والتي يشاركني فيها أغلبية الشباب الجزائري”.

رجال دين تحت مجهر السخرية

تواصل بعض القنوات التلفزيونية الخاصة في الجزائر حاليا بث، حلقات من برنامج ” ألو نعم” الذي يعتبر نسخة من البرامج التي كانت تقدم في شكل بودكاست.

وتقوم فكرة البرنامج على عمل مخرج شاب ومشاركة فنانين شباب لهم شهرة على مواقع الانترنيت أيضا.

والمثير أن موضوعات حلقات هذه السلسلة من البرامج تجاوزت السياسية والمجتمعية إلى السخرية من بعض الشيوخ والدعاة الذين لهم أيضا برامج خاصة بالفتوى الدينية، ويشكل البرنامج الذي يبث حاليا على قناة “كا بي سي”، فارقة من حيث التناول، و يشهد تزايد عدد المشاهدين والمتابعين له، لأن الموضوعات تتطرق إلى قضايا دينية ومجتمعية معقدة بأسلوب ساخر.

الظاهرة لاتشبه برنامج باسم يوسف  

يحلل المنتج والناقد الفني توفيق مصطفاوي الظاهرة بأنها، وجدت الشبكة العنكوبتية كوسيلة للتنفيس عن المسكوت عنه، أو ما يتردد في الشارع بين الشباب وتتناقله الألسن فقط. ويقول الناقد الجزائري في حوار مع DW ان تطور الظاهرة جدير بالاهتمام. فعندما استقبلت القنوات الخاصة “نجوم اليوتوب” وفتحت لهم المجال، وكان ذلك بهدف” تغطية عجزها في ميزانية انتاج برامج مهمة، حيث أن البرنامج الساخر لا يكلف ميزانية كبيرة بتقديري، كما أنها عامل جذب للمشاهد، وتلك البرامج لا تشبه أبدا ما يقدمه مثلا باسم يوسف في مصر، وإنما أخذت طابعا آخر ينتمى إلى ما يعرف بالبودكاست، ويُعزا انتشارها الواسع لادمان الجزائريين على الشبكة العنكبوتية”.

واشار الناقد الجزائري في هذا السياق ان الحملة الانتخابية جرت تقريبا داخل مواقع التواصل الاجتماعي وليس في الشارع. وفي البداية كان يجري التخفي وراء اسم مستعار أما الآن فقد ظهر العديد والعشرات من نجوم الانترنيت بأسماءهم الحقيقية ما يعني أن مجال الحرية التعبير عبر الشبكة بشكل حر أصبح مدعاة للتفاخر بين فئة الشباب بالخصوص”.

فيديو 28 نوفمبر

البحث