كان من قضاء الله وقدره أن تصعد روح صديقي وزميلي ورفيق دربي عثمان ولد احويبيب إلى الرفيق الأعلى يوم الخميس الــ 15 من مارس 2018. ومع ذلك، كنا قبل ساعتين نتبادل أطراف الحديث، وكان صوته مليئا بالحياة والأمل ولا شيء ينبئ أنني كنت أستمع إلي آخر حديث بيننا.
وقبل ذلك، كنت في صبيحة ذلك اليوم أمزح مع أحد المسؤولين في مكتبه بإذاعة موريتانيا قائلا: من منكم بإمكانه أن يخبرنا بأسرع طريق نستطيع من خلاله لقاء الوزير الأول السيد يحي ولد حدأمين ومطالبته بتسوية مشكل مستحقاتنا في التقاعد؟ عندها تدخل أحد الزملاء مقترحا: الحاج، عليك أن تعد قائمة بأسماء الزملاء المتقاعدين سنة 2014 في المؤسسات الثلاث، الإذاعة والتلفزة والوكالة الذين ما يزالوا يبحثون حتى اليوم دون جدوى عن علاوات تقاعدهم، ثم أضاف الزميل: عليك أن تكون مصحوبا بمتقاعد واحد من كل مؤسسة من المؤسسات الثلاث، حينها تتقدمون بطلب مقابلة الجنرال إكس(سين) فأنا متأكد من أنه سيرفع قضيتكم إلى رئيس الجمهورية وأنا على يقين من أن ذلك سيكون نهاية محنتكم.
فكرة رائعة.. إتفقنا.
أخذت الهاتف واتصلت برقم زميلي المرحوم عثمان لإطلاعه على الموضوع قبل أن نقرر الالتقاء بالمكتب، أي بلغتنا الخاصة: تحت ظل الأشجار الموجودة في فناء مبنى الإذاعة، وحتى نفكر سويا في الإجراءات التطبيقية لهذه الطريقة أو الفكرة الجديدة التي هي بالأحرى من بنات أفكار أحد الزملاء.
في حدود الساعة الواحدة من بعد الزوال وخمس وثلاثين دقيقة لمحت عثمان يخرج من الرواق الذي يمر من أمام مركز التكوين القديم التابع للإذاعة في اتجاه مكان اللقاء. وفي لحظة لم تتجاوز دقيقة انهار أمام أعيننا وكأنه مدفوع من قوة خفية. هرع العاملون ممن كانوا متواجدين بالباحة نحو الفقيد لإسعافه بعد نقله إلى الخيمة القريبة من المكان حيث وقعت الحادثة، ولكن لكن للأسف، فات الأوان، لقد أسلم فقيدنا روحه إلى باريها.
لقد غادرنا عثمان ولد احويبيب إبن تكانت الذي خدم إذاعة موريتانيا بإخلاص وتفان ونكران ذات لأكثر من ثلاثة عقود دون أن يجني ثمرة من ثمار سنوات العمل الشاق تلك.
لمدة أربع سنوات ، بحث عن كل الطرق وكافح بلا كلل حتى آخر أنفاسه لاستعادة حقوقه.
هيهات، لا جديد تحت الشمس سوى المرارة! واليأس وخيبة الأمل!
كما هو الحال في رواية سريالية حيث يفرض الرمز تفكيرا وقراءة من الدرجة الثالثة ، في ذلك اليوم ، جاب عثمان مدينة نواكشوط ليوافيه الأجل المحتوم في فناء إذاعة موريتانيا ، في المؤسسة التي منحها كل شيء. تغمد الله الفقيد برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الحاج كي
رئيس مصلحة البرامج سابقا
موضوع ذي صلة:
الحاج كي: تقاعدت 2014 من الإذاعة ولم أحصل حتى الآن على حقوقي