جواب : لو كان السلف صورة قديمة من داعش، لما كان هناك "فقه، وفكر، وادب، وفلسفة، وعلم، وفن، وعمارة، وحضارة، وثقافة، وموسيقى، ولما كانت هناك الليمياء، واسحاق الموصلي، وواصل بن عطاء، وابي هذيل العلاف، والفرابي، وابن مسكويه،، والغزالي، وابن رشد، وابن باجة، وابي نواس، وابن الرومي، والرازي الطبيب، وابن الراوندي، وابن عربي، وابن ميمون، وطوائف غير مسلمة في مجتمعات إسلامية ، منهم من وصل الى " وزارة التنفيذ"٠٠٠هذه العقول لم تتشكل في بيئة رعب وخوف وارهاب ورفض للاخر جملة ٠٠٠٠٠٠٠السلف عاشوا في سياق تاريخي، واجتماعي، وسياسي مغاير للسياق الذي نعيشه نحن اليوم ، ويجب ان ندرس سلوكهم حسب الظروف التاريخية التي اكتنفت حياتهم، لا بحسب الظروف التي نعيشها نحن بعد خمسة قرون من ثورة "العقل" السلف انما يقارنون بالمجتمعات المعاصرة لهم، وبمستوى تمثلهم للدين الذي يؤمنون به، كما فهموه هم، لا كما نفهمه نحن، ولا يقارنون بمجتمعات اخرى أنتجها سياق اخر ، فَلَو انهم عاشوا بسلوكيات مفارقة لسلوكيات عصرهم من كل الوجوه لما استطاعوا البقاء في ذلك المجتمع، فقد كان المهر الذي دفعه موسى لزوجه غاليا لا يستطيع مومن معاصر ان يدفعه مهرا٠٠٠٠٠والذي يستنكر تصرفات داعش واخواتها انما يستنكرها لانها لا تنتمي الى النظام الاجتماعي المعاصر، بل الى بنيات اجتماعية قديمة، فقدت جميع مبررات بقائها، انها تشبه "راحلة" في مطار دولي، و"رحى" في مصنع عملاق، وقنديل زيت في طريق سيار، وهي ليست دينا، ولا اجتهادا رشيدا، ان العقل انما يفهم من داخل الاجتماع البشري، والاجتماع البشري متغير، مما يجعل احكام العقل القيمي تتغير بتغير الاجتماع البشري٠٠٠اما الدين فيمثل ذلك الجانب المفارق للاجتماع، وهو الجانب الذي ينشده الانسان السوي" : العدل، والرحمة، والخير، والاحسان، والبر، والبحث عن المعنى "، لكن مشكلة الانسان انه يحاول دائماً ان يكيف دينه، حسب مقتضيات الاجتماع، بدل ان يكيف الاجتماع حسب أوامر الدين، وان يبرر نزواته الهابطة، وصراعاته الدنيوية، بمبررات دينية واهية ، ٠٠٠٠٠كثير من فهومونا عن الاسلام تحتاج الى مراجعة، لا تقل عن حاجة الجماعات المتطرفة الى مراجعة فكرها وفقهها، لانها تمثل جزءا من تاريخ اجتماع السلف وليست جزءا من الدين الاسلامي..2016
---------------------
من صفحة الأستاذ والباحث محمد المهدي ولد محمد البشير على الفيس بوك