شهدت وسائل التواصل الاجتماعي البارحة كثيرا من التفاعلات حول تصريحات سيدي محمد ولد محم التي أفضت إلى تسميته بـ (رجل الانابيب).
لم يدر في الخلد أن لقب (رجل الأنابيب) هو لقب يطعن في الأعراض، ولم تكن في البال نية مبية لاستهداف خصوصياته أو التطاول على شخصه أو قذف ذاته، فلا عرضه سيسقي أهل النعمة، ولا خصوصياته ستروي عطش تنبدغه، وبالتالي استدعاء فكرة (العرض) هي محاولة للالتفاف على أنابيب القضية الأساسية.
لقد كتب ولد محم تغريدته الأخيرة (تغريدة مقولة ورزفلت) ردا على هاشتاك #رجل_الأنابيب وضمنها الأبعاد الأخلاقية حتى يوحي إلى المتلقي ضرورة المساواة بين القوي والضعيف أمام (الأخلاق)، وكي يزرع في ذهن القارئ فكرة المطابقة بين المسؤول والمواطن أمام (الأعراض) والنتيجة: إذا ارتكب المسؤول ذنبا وطنيا أو سياسيا فإنك عزيزي المواطن إذا كنت بذيء اللسان فقد سقط عنك حق التظلم وانتفى عنك حق الاعتراض.
لم تنجح محاولة ولد محم في لفت الانظار عن وعده الذي أخلفه، فانهالت عليه الردود تسأله عن الماء، لكن عضو المجلس الأعلى للشباب نبيلة بنت الحسين ردت على تغريدة ولد محم، إذ كتبت: "يرتبط الوعي كثيرا بالرغبة فيه وبإدراك حتميته وتعجيلها، ومن أبسط أدواره هو الارتقاء بالذائقة الأخلاقية ماعدا ذلك نكوص على الوعي وتحيّن للأخطاء واصطياد في ماء سيبقى عكرا حتى لو وصل إلى آخر مظآن العطش. #عطش_الأخلاق"
أساس الوعي -يا سيدتي- هو ارتباطه بترتيب أولويات الأخلاق، فإنكار إخلاف الوعود هو أسمى آيات الوعي، والاعتذار عن إخلاف الوعد شرط لاحترام المسؤول، ومن
الوعي عدم احترام مسؤول يفقد ذلك الشرط، ثم إن (الذائقة الأخلاقية) لن يرتقيَ بها عطشان ينتظر قطرة ماء، ولن يرتقي بها معارض وهبه المسؤول بغبائه حجة لهجائه، صحيح أننا نحتاج وقتا وجهدا للتفريق بين الإساءة والسخرية والفصل بين الذات والمسؤولية الحكومية والمباعدة بين الاستهداف الشخصي -لأجل التحطيم والتجريح- وبين الاستهداف الديموقراطي المنبثق عن رأي يسعى للتصويب والتحسين حتى لو كان ذلك الرأي مزعجا، لكننا لن نحقق كل هذا دون عدالة حقيقية تفرضها قوة القانون، وطبعا هذا لا ينطبق على دولة الأنابيب.
إن جلب مصطلحات مثالية كـ (الأخلاق) و (الذائقة الأخلاقية) و (الوعي) و(الأعراض) للتغطية على الإخفاقات الحكومية وأخطاء المسؤولين، هو جلب يدخل في إطار (الورع الكاذب)، وقد كشف (الورع الكاذب) الصحابي عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- فقد سأله رجل من أهل العراق عن طهارة دم البعوض، فقال له عبد الله بن عمر: قتلتم الحسين وتسألون عن دم البعوض!
فـدم الحسين يا بنت الحسين سُفِك باسم الإسلام وباسم الأخلاق وباسم الوعي تطبيقا لتعليمات أمير المؤمنين يزيد بن معاوية! وقد اقتنع بذلك مواطن من أهل العراق فراح يسأل بكل برود بال وهدوء أعصاب عن طهارة دم البعوض!