تكتنز هذه العبارة الكثير من اللبس، لكنه لبس فني في الأساس.
فهي قد تحيل إلى علاقة الجنس بالروح، وهو المعنى الأسرع عدوا للأذهان.
لكن المقصد مختلف قليلا عن ذلك..
فما قصدته من هذا المنشور هو تسليط الضوء على بعض القيم التي تحكم علاقتنا كجنسين، وبالتالي تتحكم في غالب ما يترتب عن ارتباطاتنا.
فالأشياء التي تبدو عفوية إلى هذا الحد، هي الأشياء الأكثر تحكما في مسارات حياتنا بل وتصميمها.
لا يعير أي منا كبير اهتمام للحظات كثيرة من عمره تأتي بعفوية تامة، وينتج عنها ما يلازم أعمرنا لحظة بلحظة.
نعم هي تبدو عفوية إلى حد الشفافية، لكنها قد تكون مدمرة مالم نأخذ بالحسبان، الفرق بين المؤثرات، أو بتعبير آخر، نمتلك رصيدا معرفيا حول هذه الموجهات القوية التي لا ندرك الفرق بينها ولا حتى طبائعها أوغاياتها.
هناك فظائع نرتكبها ونحن في قمة الفرح والسعادة، وربما نكون في هذه اللحظات، أقرب إلى حالة مزاجية تشبه الغضب، حيث تسوء علاقتنا بحسن التأمل والتدبير.
وسأتناول الموضوع مفصلا ومحددا علاقة ومسؤولية الجنسين كل عما يعنيه.
***
لا أحد من الشباب يعتقد أنه لم يحب فتاة قط. وربما يكون صادما أن يعرف ذلك (سأشرح الموضوع).
وقليلات هن الفتيات اللواتي يعتقدن أن حبهن كان مجرد انجذاب من نوع آخر (سأشرحه).
وللتنبيه، فإنني سأتناول الموضوع برمته بمحتواه الموريتاني الصرف، أي أن مادة هذه المنشور أو عينة دراسته، هي المجتمع الموريتاني.
***
في مجتمع البادية لم يكن هناك اهتمام كبير بشخصية المرأة، وهذا راجع لكون كل النساء نسخ متطابقة سواء من حيث الوظيفة أو من حيث التصميم الشخصي ( التربية).
فغالبية الفتيات تتلقى ذات النمط التربوي والمعرفي وبذات القدر تقريبا. ( لاتفاوت في كم التعليم ولا نوعه)
كما أن الوظيفة أو الأداء المنتظر في الحياة، هو ذاته في كل شاهد، ( الجنس، الإنجاب، تدبير شؤون البيت المحددة سلفا كالمخض والنسج والدباغة... الخ).
لهذه الأسباب لم يكن عامل الإختيار مهما من حيث محتواه النوعي ( الخيارات متشابهة أو حتى متطابقة).
لذلك ترتكس معايير المفاضلة على النوع الحسي ( الجمال، والجسد).
وهذا بالطبع معيار إنتقائي فطري من حيث طبيعته الحيوانية.
ولن اتطرق هنا لمعايير إنتقاء تخص الجنس الآخر وذلك لسبب أنه لا يُختار وإنما يختار.
أما اليوم فقد اختلف الأمر، واتسعت الخيارات باتساع أنماط الحياة، فأصبحت سوق المفاضلة مفتوحة على خيارات أوسع ( مستويات التعليم، الوظيفة، الملاءمة الشخصية.. الخ).
لكنكم ستلاحظون بأن هذا في حد ذاته وعلى إيجابيته مبدئيا، طرح معضلة لم تكن مطروحة بالأمس.
لأنني اليوم أحتاج لموازنة معقدة لإختيار شريكتي، فأنا قد أقع فى حبها دون أن تكون صالحة ضمن معيار المفاضلة العصري ( متعلمة، متفهمة، منسجمة معي)
وقد يحدث العكس، بحيث تكون صالحة ضمن المعيار الأخير، لكنها غير جذابة، أو لم تخترق قلبي.
وهذا ما يبين أنني وُضعت أمام خيارات معقدة يتقاسم القلب والعقل مسؤوليتها.
بينما لم أكن بالأمس بحاجة لكل هذا، لأن فاطمة صاحبة الجمال الباهر والجسد المكتنز، متساوية من حيث المحتوى القيمي والمنتظر الوظيفي، مع آمنة وعيشتو والسالكة..
وكل ماعلي هو انتقاء الجسد الأكثر جاذبية أو الوجه الأكثر سحرا.
دعونا إذا ندخل الموضوع...
هل حدث أن تزوجت بعد ما اعتقدت أنه حب عاصف؟
وهل تساءلت بعد أشهر قليلة عما إذا كانت " هذي الرواية " هي نفسها افيطمات التي همت بها؟
طبعا لن أنتظر إجابات واضحة منكم غير بعض النكات التلميحية.
لكن، نعم
حدث ذلك ل 90% منكم معاشر الصامتين
وأنت أيتها الحالمة العاطفية جدا..
هل فاجأتك ابتسامة السالك وهي تختفي شيئا فشيئا وتستحيل إلى عبوس فاتر؟
هل مازلت مصرة على الكذب لصديقاتك بأنه "مايخليك تركدي بيه القيوان"؟
بينما يأتي متأخرا من ببت أمه يسأل عن موضوع يبرر به عزلته وهربه تلك الليلة ( اركد منفگع).
بالطبع أنت الآن" تگلزي التبسام " خلف شاشة هاتفك وتقولين سرا " مخبرك ".
لا مشكلة..
سأخبركما بما حدث وما كان ينبغي أن يحدث ولم يحدث.
ما حدث.. هو أن السالك لمح افيطمات ذات ليلة أونهار في مكان ما، فقلب ملامح وجهها وجسدها بالأشعة ما “ تحت" الحمقاء.
وهذا انجذاب بالست فيطمات، سبق عقلها الذي لم يختبر بعد، وسبق المعرفة بشخصيتها الصعبة والعنيدة ولفيسدة، وإلى حد اللحظة لم يفتتن نزار بشهاداتها.
لكنه ورغم ذلك رجع لبيته وهو يردد أغنية ما ويكاد يطير من تفاعلات غامضة تحدث في جسمه ودماغه.
وانت يا فيطمات "داعيتك المحسوبة" ، وتنتقل بعض محفزات الجاهزية للتزاوج في خبايات غددك.
لذلك تمكنت من رصد تلميحاته اللاسلكية بأنه الفحل المناسب.
كل هذا حدث بعد تثقيف إنساني بسيط، يستبد كل الفرضيات الحيوانية لما حدث.
فقمتما أنت وهو بترجمة فورية لماحدث على أنه مشاعر روحانية راقية وشريفة.
في اليوم الموالي حدثت بعض التفاصيل، ثم الاسبوع الموالي تطورت تلك التفاصيل، ثم بدأتما في الإنحدار نحو سرير النوم.
أيام قليلة بعد ذلك، أفقتما من نهم التزاوج الساخن.
وبدأت المخيلة الشعورية ترجع لقواعدها، تاركة الأعضاء التناسلية في مواجهة استنزاف يائسة.
ويتوقف معنى الحياة وينضب بقدر ما تأخذ الفاعلية الجنسية رتابتها.
ما حدث لم يكن حبا وإنا اشتهاء.
ما حدث لم يكن اندفاعا شعوريا وإنما هيجانا جنسيا.
لا شك أنكم الآن تدركون ماترتب على تلك اللحظة من مترتبات، رغم أنها كانت عفوية وسريعة.
لابد أن نحسن ترجمة شعورنا بالشكل الصحيح حتى لا ندفع حياتنا ثمنا للجهل بأنفسنا.
وفي الأخير دعوني أعرج على مسؤولية ما يحدث وكيف يمكننا أن نتلافى المزيد من الفشل والخيبات.
لأن ما أتحدث عنه، هو ذات المشكل المتعلق باكتظاظ المدارس وضغط المصاريف والفوضى الأخلاقية والطلاق والأمن والصحة، والعهر ... الخ
كلها مترتبات بعدية للحظات كهذه، وسوء تقدير كذاك.
***
عزيزي الرجل..
لا ترهن مستقبلك ولا مستقبل أولادك لرصد شعوري عابر يتعلق بلون أو نوع أو طول شعر فتاة ما.
لا تتجاهل كم الحياة التي ستعيشها ونوعها، مقابل شكل وتفاصيل خصرٍ أو صدرٍ أو نضارة بشرة.
لا تمنح عقلك ثمنا لسواد عين أو اتساعها.
لأنك بذلك تروم الذي هو أدنى وتتفاعل مع حياتك ك" أمسنون " وليس كرجل.
وأنت أيتها الفتاة
سأفشي لك سرا مقدسا، لن يتكرم به عليك أي رجل.
للرجال أيضا مساحيق
فهم يعتمدون تقنيات غير مكلفة للخداع، وذلك لتنشيتك بدفء جهوري واحتواء مفتعل، كل غايته هو استدراجك للأحضان، وإيهامك بنضج الفحولة.
الفرق ينحصر في ذكاء الرجل الإقتصادي فقط.
فهو لا يستعمل ما يشتري، لكنه يتركك تبددين ثروتك في المساحيق ولملاحف،لا لينعم بك وإنما بلحظات كمالك.
لذلك أنصحك بمداهمته من الباب الخلفي.
فالرجال يعشقون فتنة الروح لكنهم يجهلونها.
وماعليك سوى المبادرة بصناعة نموذج حديث للإغراء.
يعتمد على وجهك الحقيقي وليس كم ولا نوع المساحيق الذي يهلك موازنتك.
دعيه ينظر لما بعد عينيك.
دعيه يأخذ جولة هادئة في خبايا روحك، ويستطلع شرفك وريادتك.
دعيه يراك إنسانا أولا
دعيه يتقصى مميزاتك أنت شخصيا ( ما ينتمي لهويتك الخاصة كفرد متفرد).
لأن جسدك لا يتميز عن الأجساد ولأن عينيك لا تمتلك سحرا غير ما تبعثه نواعس جارتك.
لا تمنحي نفسك كنوع وإنما كذات متفردة.
قابليه بثياب عملك
صبي له كأسا بلا نعناع
واتركي غرفتك بكامل فوضويتها حين يأتي.
اغضبي، وتحدثي بذات الصوت الذي تحدثين به أمك.
انفعلي واضحكي، بسبب وبلا سبب.
دعيه يراك انت، ليتزوجك أنت..
لأنك غالبا تزوجينه من تلك التي في خياله،.
وتجسدينها كممثلة تعيسة، بينما تغيبين خلف الكواليس.
لهذه الأسباب
كان العنوان ملتبسا
لأن هناك ما ينبغي أن يقال بين الفرق بين جاذبيتي الروح والجنس.
لهذه الأسباب نؤمن بأن #المشروع_الوطني_أملنا.
لأن فاتورة تجاهلنا للقيم التفصيلية التي تحكم وتوجه حياتنا، باهظة لدرجة لا يمكن أن يكون تجاهلها مبررا من قبل أي طرح حي لمشروع نهضة.
------------------
من صفحة الأستاذ محمد افو على الفيس بوك
