في مقالي برأي اليوم بتاريخ 10/7/2016 الاسبوع الماضي جاء فيه :” كان هناك في بلدان العالم الاسلامي ( خلايا نائمة ) فقامت بانقلاباتها بما في ذلك حركة فتح الله غولن والتي بدأت من مركزها في الولايات المتحدة بزعزعة نظام حزب اردوغان. أصبح نظام اردوغان كما بقية أنظمة الاخوان المسلمين مستهدفاً وغير مرغوب به.”
جاء في المقال المشار اليه نقلاً عن المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية جيمس وولسي ( James Woolsey) وفي محاضرة له في ابريل سنة 2003 في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس (UCLA)” أن الولايات المتحدة مقبلة على خوض الحرب العالمية الرابعة ( معتبراً الحرب الباردة حرباً عالمية ثالثة). أما الهدف هذه المرّة فهو العالم الاسلامي ، وصولاً الى إعادة رسم خارطته وقال أن هذه الحرب ستكون حرب أجيال . وأضاف: “هذه الحرب هي ضد ثلاثة اعداء : نظام الملالي في ايران والانظمة الفاشية في كل من العراق وسوريا، والمتشددين الاسلاميين في كل مكان”.
كما بين مقالي المشار اليه أنه في بداية الحرب العالمية الرابعة على الحضارة والعالم الاسلامي كان هناك من بين المحافظين الجدد تيار يرى فيما يسمونه بالاسلاميين المعتدلين مثل الاخوان المسلمين (ومنهم اردوغان). ان هذا النوع من الاسلام السياسي المهادن للغرب هو نموذج جيد فهو اقل فساداً من الانظمة الشمولية واكثر تنظيماً وشعبية ! أعطى ولفووتز وكيل وزيرة الدفاع في عهد بوش الابن تركيا كمثال على الاسلام السياسي المقبول أمريكيا . فتركيا مثلاً حليف للغرب في الناتو ، و تنسق مع اسرائيل في الشؤون العسكرية … كان هذا الاتجاه هو السائد لدى الادارات الامريكية حتى نهايات سنة 2010.
كان هناك فريق اخر تدعمه اسرائيل وتقول أنها ادرى بدهاليز العالم الاسلامي. ليس هناك حركات اسلامية معتدلة فكل الحركات الاسلامية العنيفة قد جاء قادتها من الاخوان المسلمين …عندما جاء الربيع العربي أصبح الاخوان المسلمون وبدرجات متفاوتة يحكمون في تونس ومصر والمغرب وبدأ حراكهم في بلدان اخرى مثل سوريا والاردن وكذلك الجماعات الاسلامية المنبثقة عن الاخوان في باكستان وبنغلادش.”وجاء في مقالي المشار اليه : ” كان هناك في كل هذه البلدان ( خلايا نائمة ) فقامت بانقلاباتها بما في ذلك حركة فتح الله غولن والتي بدات من مركزها في الولايات المتحدة بزعزعة نظام حزب اردوغان. اصبح نظام اردوغان كما بقية انظمة الاخوان المسلمين مستهدفاً وغير مرغوب به.”
صحيح أن الولايات المتحدة قد أصدرت بياناً (ربما بعد أن تبين لها احتمالية فشل الانقلاب ) تقول فيه أنها مع الحكومات المنتخبة ولكن ألم تصدر بياناً مماثلاً بعد إنقلاب الجيش المصري على نظام منتخب ؟ وألا تعمل الولايات المتحدة حالياً على زعزعة النظام المنتخب ديمقراطياً في فنزويلا كما فعلت بالانقلاب على حكومة مصدق في ايران المنتخبة ديمقراطياً أيضاً ؟ كذلك فقد أعلن فتح الله غولن من مركزه في الولايات المتحدة بأنه ضد الانقلاب علماً بأن حركة فتح الله غولن تتميز بعلاقات وثيقة مع المخابرات المركزية الامريكية كما جاء في مقال في جريدة الواشنطن بوست نقلاً عن مصادر استخبارية بأن وكالة المخابرات الامريكية قد عملت في جمهوريات الاتحاد السوفيتي في اواسط آسيا وأن مدارس فتح الله غولن قد وفرت الغطاء الى 130 عنصراً من CIA للعمل هناك ، بالاضافة الى علاقة حركة غولن الوثيقة بالحركة الصهيونية . ولقد بدأ غولن بالعمل ضد اردوغان بعدما قطع اردوغان تعاون تركيا العسكري والاقتصادي مع اسرائيل بعد حادثة قافلة مرمرة .
ارتكب اردوغان اخطاء قاتلة . فبعد نجاح باهر اقتصادي بل وسياسي انتقل من صفر اعداء الى صفر اصدقاء. واذا كانت غلطة الشاطر بألف فكانت غلطته هي تدخله في سوريا والعداوات والتحالفات التي سببتها تلك السياسة والتي تربّصَهَا الاعداء ودخلوا من ثغراتها للانقضاض على منجزاته.
هل هناك مايسترو يوحد العالم الاسلامي من اقصاه الى اقصاه في هدف واحد يعتبره خطراً وجودياً عليه ؟ الجواب نعم إنها الامبراطورية الامريكية التي وضعت هدفاً لنفسها الهيمنة على العالم وأن لا تسمح بأنظمة مغايرة ولا بدول يمكن أن تتحدى هيمنتها. فما يجري ليس حرباً دينية بين الاسلام والمسيحية فبابا الفاتيكان مثلاً أكثر تشدداً وكرهاً لنظام العولمة المستبد والظالم ويدعوا جهاراً نهاراً لاستبداله . إنها حرب هيمنة مافيا المال العالمي على مقدرات و ثروات العالم تحت ستار العولمة وبواسطة ذراع الولايات المتحدة العسكرية الطويلة .فهل ستنجح الولايات المتحدة في تحقيق هدفها ؟ أنا لا ارى ذلك . ودعني اقتبس ما قاله اريك هوبسباوم والمسمى بمؤرخ القرن العشرين كما قاله في محاضرة له في جامعة هارفارد بتاريخ 20 أكتوبر 2006 بأن الجواب – لا – . وهذا ملخص ما جاء بمحاضرته :
“لربما تسبب الإمبراطورية الأمريكية الفوضى والبربرية بدلاً من حفظ النظام والسلام”. وقال “إن هذه الإمبراطورية سوف تفشل حتماً”، ثم أضاف “هل ستتعلم الولايات المتحدة الدروس من الإمبراطورية البريطانية أم إنها ستحاول المحافظة على وضعها العالمي المتآكل، بالاعتماد على نظام سياسي فاشل وقوة عسكرية لا تكفي لتنفيذ البرامج التي تدّعي الحكومة الأمريكية بأنها قد صممت من أجلها ؟”.
مستشار ومؤلف وباحث