أثارت التصريحات التي أدلى بها حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، خلال استضافته بقناة "فرانس 24"، حول استعداده للتبرع بأعضائه سواء توفي بشكل طبيعي أو غير ذلك، وكذا المقال الذي نشره الموقع الرسمي للحزب ويقول إن شباط مهدد بالاغتيال، الكثير من الجدل، خاصة أنه جاء في سياق أزمة تشكيل الحكومة، وكذا حديث المستشار الملكي الطيب الفاسي الفهري بأن تصريحات شباط حول موريتانيا استعملت من لدن خصوم السعودية في القمة الإفريقية الأخيرة بأديس أبابا.
تصريحات شباط والمقال المحذوف من الموقع الإلكتروني للحزب تعيد إلى الواجهة تصريحات كان الأمين العام لحزب العدالة والتنمية قد أدلى بها في عدد من المرات، أبدى فيها استعداده للاستشهاد، حيث قال عبد الإله بنكيران في أحد تجمعاته الخطابية: "مستعدون للفداء بأرواحنا ودمائنا وما تغلطوش.. ثقافتنا يا معشر القوم لا تعرفونها، ماتخوفونا لا بسجن، ولا بقتل، لا بحتى شي حاجة".
بنكيران ذهب أبعد من ذلك، حينما قال: "ابن تيمية رحمه الله علمنا أن نقول إن جنتي في صدري أحملها معي، أينما ذهبت؛ فسجني خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة، افعلوا ما بدا لكم" . وقد أثار هذا التصريح حينها عددا من الردود، خاصة أنه كان قبيل الانتخابات التشريعية الأخيرة التي تصدرها حزب العدالة والتنمية.
وبالرغم من تملص شباط من أية مسؤولية له في المقال الذي نشره الموقع الإلكتروني، فإن المقال حمل لغة حادة، بلغت إلى حد الحديث عن إمكانية اغتيال شباط في واد الشراط، الذي كان مسرحا لوفاة كل من أحمد الزايدي، القيادي في حزب #الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعبد الله باها، وزير الدولة السابق والذي كان كاتم أسرار بنكيران.
وأورد المقال المحذوف أن "المقصود بأساليب واد الشراط جميع الأشكال التي تكتسيها التصفية الجسدية والمعنوية والمجتمعية لشخص ما، ابتداء من التصفية الجسدية عن طريق واد الشراط، ومرورا بالمراجعات الضريبية وإخراج الملفات النتنة من الدواليب، دون نسيان المثول أمام من ترك خلف ظهره عبارة "وإذا حكمتم بين الناس أن احكموا بالعدل".
وتطرح هذه الخرجات التي يقوم بها السياسيون المغاربة سؤال الأسباب التي تدفعهم إلى البوح بها خاصة في سياقات خاصة، كما هو الشأن بالنسبة إلى السياق السياسي الحالي، وهل هي تعبير عن خطاب للمظلومية أم أنه فعلا توجد هواجس سياسية وتخوفات مما أسموه بـ"الدولة العميقة".
عبد الرحيم العلام، الباحث في العلوم السياسية، يقول إن الفاعل السياسي بشكل عام يكون متوجسا في أجواء الانتقال الديمقراطي، إذ تكون قواعد اللعبة غير واضحة، خاصة حينما يرى أن سنوات الرصاص أقرب إلى أجواء الديمقراطية.
وبالنسبة إلى حالة شباط وقبله بنكيران، يكون التخوف مما سبق له أن عاشوه، خاصة أن الأمين العام لحزب الاستقلال قال في وقت سابق إنه تعرض لمحاولة اعتقال، وبنكيران تحدث عن تعرضه للتعذيب والاعتقال، "والناس الذين عايشوا فترات الاعتقال تبقى هواجس تكرار هذه الحوادث"، يقول العلام في تصريح لهسبريس.
وذكر العلام إن الجانب الثاني في هذا الموضوع مرتبط بأن هذه التصريحات تستبق التهديد "أو يقول للأخير لا تجربوا معي أي شيء"، في حين تتمثل النقطة الثالثة في أن ما نراها يبقى هو الظاهر في المشهد، ولا نعلم ما الذي يوجد في الكواليس، متسائلا هل ما ورد على لسان شباط رد على الكواليس وما يرد فيها.
المصدر : جريدة هسبريس