جولة الرئيس التركي اردوغان الخليجية، و التي بدأها بالبحرين ليصل في محطتها الأخيرة إلى الدوحة قادما من المملكة العربية السعودية، ترمي أساسا إلى توسيع المنطقة الامنة شمال سوريا لتشمل مدينة الرقة. حيث صرح أردوغان في العاصمة البحرينية المنامة أن هدف قواته العاملة ضمن “درع الفرات” في سوريا هو إقامة مناطق امنة و أن تركيا ستوسع العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري الحر المدعوم من القوات التركية لتشمل مدينتي الرقة و منبج بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة الباب في الريف الشرقي لمحافظة حلب.
المنطقة الامنة، و التي كان من المتوقع أن تقام على مساحة 5 الاف كيلومتر مربع و تمتد من جرابلس شرقا إلى اعزاز غربا و من الحدود التركية شمالا إلى مدينة الباب جنوبا، أصبحت محل اختلاف بين تركيا اللاعب الإقليمي المهم في الملف السوري و بين الولايات المتحدة التي صاغت إدارتها الجديدة بقيادة ترامب فكرة المنطقة الامنة نفسها، حيث ترغب تركيا في مضاعفة هذه المساحة إلى 9 آلاف كيلومتر مربع.
و يرى مراقبون أن الاتفاق الأمريكي التركي يقضي بأن يتوقف التدخل التركي ضمن عمليات درع الفرات عند مدينة الباب، المدينة التي توشك المعارك فيها على الانتهاء بعد دخول قوات الجيش الحر المدعومة تركيا إلى وسطها رغم احتفاظ تنظيم الدولة ببعض الجيوب المقاومة في وسطها. نفس المدينة شهدت بوادر اشتباك بين الجيش الحر و الجيش النظامي انتهى بتحديد ممر آمن بعمق 1 كيلومتر بضمان روسي لمنع أي احتكاك مستقبلي بين الطرفين.
و يتجه الاعتقاد إلى أن الرؤية الأمريكية لمعركة الرقة تقوم على التعويل أولا على آلاف المقاتلين من العشائر العربية الذين دربوا من أجل خوض هذه المعركة و ثانيا على ميليشيات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية مكونها الرئيسي. و تستبعد نفس الرؤية امتداد التدخل التركي في هذه المعركة.
الموقف التركي واضح و لا يحتاج الى دليل و يقوم على التوجس تجاه الميليشيات الكردية و الرافض لفكرة أي كيان سياسي كردي على حدودها مع سوريا حتى لو اقتصر على منطقة حكم ذاتي على غرار كردستان العراق. إذ يعتبر الحكم التركي سياسة أسلافه الذين قبلوا و مرروا مشروع كردستان العراق خطيئة لا تغتفر و لا ينبغي تكرارها.
تركيا ترفض أن تنال الميليشيات الكردية أي مشروعية مستقبلية نتيجة قتالها لتنظيم الدولة في أهم معاقله المتبقية في الرقة تحديدا. لذلك يسعى أردوغان للبحث عن دعم عربي سياسي و ربما مالي لرؤيته بتوسيع تدخل درع الفرات إلى مدينة الرقة تحت شعار محاربة الإرهاب المتمثل في تنظيم الدولة، ليسهل عليه فيما بعد إقناع الإدارة الأمريكية بنظرته تلك، و هي التي صاغت فكرة المنطقة الامنة كحل لملف اللاجئين يفضي إلى وقف تدفقهم على الدول الأوروبية و الولايات المتحدة نفسها.
(كاتبة تونسية)