احتدم النقاش داخل البرلمان الموريتاني بين نواب المعارضة الأغلبية الحاكمة، ساعات قبل التصويت على التعديلات الدستورية المقدمة للبرلمان، فيما تواصل الشرطة إغلاق الطرق المؤدية لمبنى الجمعية الوطنية. وواصل النواب نقاشهم الصاخب منذ صباح أمس الثلاثاء وحتى فجر اليوم، قبل أن يستأنف النقاش في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء مجددا.
وشهدت الجلسات نقاشا محتدما بشأن التعديلات الدستورية، إذ سجل 100 نائب للمداخلة من أصل 147 نائبا عدد أعضاء الجمعية الوطنية (الغرفة الأولى في البرلمان).
وشكل موضوع تغيير العلم الوطني وإلغاء مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية في البرلمان) وإلغاء محكمة العدل السامية المعنية بمحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء، أبرز المواضيع التي ثار الجدل حولها بين النواب.
واعتبر النائب عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، محمد يحيى ولد الخرشي، أن التعديلات الدستورية المعروضة على البرلمان "لم تقدَم لمصلحة شخص بعينه، بل قدمت من أجل موريتانيا ومستقبل ديمقراطية البلد".
ولفت خلال مداخلة له بالجلسة إلى أن التعديلات الدستورية جاءت نتيجة لحوار وطني واقتراحات قدمها الرئيس "وله الحق في تقديمها وتمريرها بالطريقة التي يراها ويحددها الدستور".
من جهته اتهم النائب عن الأغلبية الحاكمة، الشيخ ولد امبارك، أحزاب المعارضة ونوابها بـ"جر البلد إلى الوراء".
كما اعتبر النائب عن حزب العدالة الديمقراطي المنضوي ضمن الأغلبية الحاكمة، يحيى ولد سيد المصطف،أن التغييرات الدستورية المعروضة على النواب اليوم "حملت إضافة نوعية على العلم الوطني".
ولفت إلى أن "العلم لم يمزق، بل ظل على حاله باللون الأخضر والنجم والهلال مع إضافة خطر أحمر وفاء لشهداء المقاومة (ضد الاستعمار الفرنسي)".
وأضاف أن "نواب المعارضة يحاولون تصوير التعديلات الدستورية على أنها تعني تمزيقا تاما للعلم الوطني"، وهو ما قال إنه "غير دقيق".
لكن النائب عن حزب الوئام المعارض محمد فاضل ولد الطيب، عبر عن أسفه لما قال إنه "عبث بالدستور الموريتاني في ظل حالة احتقان سياسي قال إنها شبيهة بتلك التي سبقت انقلاب 2008 العسكري".
وأشار إلى أن "حالة الاستنفار الأمني التي عرفها وسط مدنية نواكشوط أمس تزامنا مع بدء نقاشات البرلمان للتعديلات الدستورية تؤكد أن البلد يعيش حالة من عدم الاستقرار والاحتقان لا يجب أن يتم خلالها تغيير دستور البلاد الذي وضع في ظل استقرار سياسي".
وشهدت جلسة اليوم الأربعاء، نقاشا حادا بين نواب المعارضة ونواب الأغلبية الحاكمة، وتبادل للتهم بشأن الفساد وجر البلاد للفوضى.
وتسبب الجدل بين النواب في انسحاب النائب الثاني لرئيس الجمعية الوطنية محمد غلام ولد الحاج الشيخ عن الجلسة، متهما رئيس الجلسة بتعمد مقاطعة نواب المعارضة وعدم السماح لهم بالتعبير عن آرائهم.
وقالت مصادر من داخل البرلمان، إن نواب المعارضة حسموا المشاركة في التصويت ضد التعديلات الدستورية، بدل مقاطعة التصويت.
وتتواصل اليوم الأربعاء نقاشات النواب للتعديلات، فيما من المقرر أن يتم التصويت في وقت متأخر من مساء اليوم الأربعاء.
وترفض المعارضة الموريتانية التعديلات الدستورية المقدمة للبرلمان وتصفها بأنها "خطر على استقرار البلد، وتكرس الفساد بنصها على حل محكمة العدل السامية المعنية بمحاكمة رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة".
وتقول المعارضة، إن التعديلات الدستورية الحالية "غير أولوية ولا تمس حاجة البلد"، معتبرة أن "تغيير العلم الوطني وحل مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية في البرلمان) لا يجب أن يتم خارج توافق وطني وسياسي".
ويحتاج مشروع مراجعة الدستور، تصويت ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، حتى يحق لرئيس الجمهورية تقديمه للاستفتاء الشعبي، أو تمريره عبر مؤتمر برلماني (أي خلال جلسة برلمانية مشتركة يحضرها أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ) وفي هذه الحالة يحتاج ثلاثة أخماس الأصوات.
ولم يحسم الرئيس ولد عبد العزيز، ما إذا كان سيمرر التعديلات عبر البرلمان أو من خلال استفتاء شعبي، وفق ما أكدت مصادر حكومية.
وكالات ـ الأناضول