بعيدا عن ضوضاء السياسة وتلك الوعود المندسة دائما في برامج الحكومات المتعاقبة، وبعيدا عن لغة التجريح والمجاملات، والخوف والطمع. وقريبا من تلك المناديل المرمية بين المقاعد في مجلس الوزراء، والمبللة دائما بدموع أرقام النمو والمديونية.
في إطار ذلك، فإن هذا المقال "الخشبي" المليئ بكافة أنواع المسامير الحادة، قد كتبه أستاذ رياضيات في يوم مشمس وكثير الرياح، حيث كان يتناول بعضا من تميرات "الكيركار" الغنية بالسعرات الحرارية وهو يسند ظهره على جدار صبور من الطين. ويأتي هذا المقال المتهور في إطار تذكير للسيد وزير المالية والاقتصاد..
أولا سيدي الوزير:
سأعترف لك بمدى إعجابي الكبير بتلك "الكاريزما" التي تتمتع بها، وبسعة صدرك أيضا، وتمكنك من فن المجادلة والمحاججة بالمنطق، لكن كل ذلك بالنسبة لي كمواطن بسيط، لا يمكن وضعه داخل القِـدر مع الملح والماء.
لا أحب الحديث مطلقا عن المال لأنه "وسخ الدنيا"، لكن جيوبنا أصبحت في عهدكم "نظيفة" تماما، وكما تعلم أيها الوزير؛ فإن مسحوق الطباشير لا يمكن رشه على وجبة الغداء بعد العودة من دوام متعب، كما أنه لا يمكن بتاتا الضغط على خريطة الوطن من أطرافها، لتصبح المسافة بين شارع البسطامي شمال العاصمة(قفا نبك)، وثانوية تامشكط حوالي 780m بدل 780km، وبالتالي نجد لكم عذرا يمكن رسمه في خريطة الصبر المتسعة، لعدم صرفكم لعلاوة البعد حتى الآن..
سيدي الوزير:
عندما اكتبتني قطاع الوظيفة العمومية 20133، فإننا لم نتعاهد مطلقا على كتم "أسرار الراتب"، كما أنني لست مؤمنا بثقافة الغموض و"التخراگ"، وإن كنا نحتفل اليوم بعيد المرأة!
لذلك سأقوم بسكب مداخيل المدرس دون تحفظ، وعلى الهواء مباشرة، وهذه هي "خريطة الأجور":
الراتب الأساسي وبداخله(علاوة النقل+السكن):
أستاذ مساعد 264 دولار تقريبا
أستاذ تام 308 دولار تقريبا
العلاوات الخارجية:
علاوة الطبشور: وقدرها 566 دولار للشهر، ويتم صرفها من كل ثلاثة شهور ما عدا العطلة الصيفية، ففي أشهر الراحة يتم الشطب عليها..
علاوة البعد: تختلف من مكان لمكان، لكنها في أقصاها لا تتجاوز 566 دولار(لست متأكدا)، ولا تصرف مطلقا في أشهر الراحة، ولم تصرف حتى الآن، رغم أننا بتنا قاب قوسين أو أدنى من الفصل الأخير من السنة..
علاوة التجهيز السنوية: تصرف مرة واحدة في السنة وتسمى التجهيز لأنها مخصصة لبداية الافتتاح، لكنها لا تزال معلقة وقد بتنا على مشارف الإختتام، وقدرها 56 دولار.
التقدمات: بالنسبة للخريجين 2013، فما تزال رواتبهم كما هي، بنفس حجم رواتب الخريجين 20177، والسبب طبعا في ذلك التأخر "المبهم" لست أعرفه، ما فوق ذلك من أحوال الرواتب اسألوا المحاربين القدماء في قطاع التعليم عن تفاصيله فهم أدرى، ربما تكون رواتبهم أكبر من هذا بفعل الأولاد والقدم..
في الصورة المرفقة، تعليق للسيد وزير المالية المختار ولد اجاي من صفحته على الفيسبوك، على منشور لي بتاريخ 13 فبراير 2017، يستفسر عن تأخر العلاوات ورواتب الأساتذة الخريجيين والمتعاقدين..
اليوم هو 8 مارس 2017 والوضعية كالآتي:
-رواتب الأساتذة الخريجين دخلت وهي غير مكتملة..
-الأساتذة العقدويون لا تزال حساباتهم قاعا صفصفا، لم تدخلهم أوقية واحدة، وباتوا يلوحون بالإضراب، مع العلم أنهم يشكلون السواد الأعظم لبعض المؤسسات، وخاصة تلك النائية منها..
-علاوة البعد لم تدخل بعد، وكذلك هي علاوة التجهيز.
هذا مجرد قليل من كثير!
هذا ناهيك عن التسيب وضعف الرقابة وهشاشة البنى التحتية لضعف الميزانية المخصصة للقطاع، أما المناهج فالحديث عنها ذو شجون وتلك قصة أخرى. طبعا وزارة التعليم غارقة حتى أذنيها في الفساد، وكذلك هم بعض المدرسين الشبيهين بالخلايا النائمة في القطاع..
الحلول:
يقال إن هناك دولة لما وجدت لديها عجزا ماليا، أصبحت تسدد رواتب عمالها من دقيق الذرة والشعير، نحن أيضا لا مانع عندنا من تسديد مستحقاتنا من السمك أو دقيق السكر، أو حتى بمنتجات مصنع النعمة للألبان، شرط أن يتقاسم معنا الوزراء وأصحاب الوظائف المزدوجة وكذا الوهمية بعضا من تأخير المستحقات وتقزيمها..
اعتقد أنني أطلت كثيرا، لذلك سأتوقف هنا.
ملاحظة:
أسعار الأوقية مقابل الدولار التي استخدمتها في هذا المقال هي: 1 دولار مقابل 3599 أوقية، لست متابعا جيدا لما يدور في النشرات الاقتصادية. ربما تكون نسبة الخطأ موجودة في المعلومات الواردة أعلاه، لذلك فإنه يسرني تصحيحها منكم...
هنا تامشكط، والقمر يتسلق السماء بكل أناقة، وزقزقة الطيور وأصوات العجول والماعز أكاد أسمع في طياتها هدير أمواج البحر الأبيض المتوسط..
فعلا إن هذه الأيام ليست بالتوائم، في مثل هذا الوقت من يوم الأربعاء الماضي، كنت فوق الغيوم في الطريق إلى مطار محمد الخامس الدولي، وأنا الآن بصدد غسل "المرجن" من بقايا "لكراطة" المترسبة فيه، وكذا إعداد المقادير من أجل إعداد وجبة العشاء، على الحكومة أن تفكر في هذا، فلا شيء يدوم على حاله، وكلهم ذهبوا وبقيت أعمالهم فقط.#وذكر.
الساعة 19:400 وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
-----------------------
من صفحة الأستاذ خالد ولد الفاظل على الفيس بوك