حضرت قبل يومين لقاء وطنيا "أثنيا" هنا فى مدينة سينسيناتى، أوهايو وقد حضر اللقاء بيرام وبعض أنصاره واخرين من مختلف التوجهات السياسية والأيدولوجية وكان الحضور فى حدود السبعين شخصا غالبيتهم المطلقة من الإخوة الزنوج وقد دام الاجتماع لمدة خمس ساعات تقريبا كانت عاصفة بمشاكل العرق واللون وجدلية الوحدة والتعايش. بيرام حاول ان يستخدم مخزونه السوسيو ثقافى لتفادى إذكاء النعرات الطائفية، على الأقل، داخل القاعة، الا انه جدد قناعته ان حركة أفلام ليست عنصرية لانها جاءت للدفاع عن حقوق مجتمعات داخل النسيج الاجتماعي الموريتانى، حسب قوله، تماما مثل حركة إيرا التى يقودها.
وهنا اسجل الملاحظات التالية:
11. غياب لغة موحدة للتفاهم : كانت هناك عدة لغات ولهجات داخل القاعة وحاجة ماسة للترجمة من وقت للاخر..الحضور طالب بترجمة كلام المتدخلين القلائل بالحسانية الى البولارية والولفية والفرنسية...
وبعضهم طالب بالترجمة الى الانجليزية.. وبين هذا وذاك غاب الاتفاق على لسان واحد مما تسبب فى حالة من عدم التفاهم والارتباك داخل القاعة وسط تعصب لغوى واضح تمتد جذوره الى حقبة "بافور" فى قلب صحراء الملثمين.
2. بما ان أغلبية الحضور كانوا من الإخوة الزنوج وكان الحديث عن العبودية فى موريتانيا، كنت أتوقع شخصيا ان يتم الحديث عن العبودية فى جميع مكونات المجتمع الموريتانى الاخرى ( مثلا العبودية فى هالبولار وسونوكى الخ) لكن الحديث كان فقط عن العبودية فى مجتمع البيظان وتحميله المسؤولية كاملة وهو ما يطرح اشكالية حصان طروادة..!
3. الاجتماع لم يتمخض عن توصيات أو مقترحات يمكن ان تساهم فى تعزيز السلم الاهلى داخل البلد، وبالتالي يمكن القول ان بعض المشاركين دخلوا الى القاعة بعدة أسئلة وخرجوا باخرى ذلك ان الحديث تركز أساسا على سرد المواقف والتعليق على الأحداث الماضية وماصاحبها من تداعيات سياسية دون محاولة وضع استيرلتيجيات مستقبلية للتقارب بين مكونات المجتمع الموريتانى عامة.
4. الخلط بين الحقد وحقوق الانسان ونزعة الانتقام: أخذ الكلام شيخ خمسينى وأصر على الكلام بهالبولار وصفق له الحضور بحرارة فى تفاعل قوي مع كلامه، لقد كنت من بين قلة فى القاعة لم يفهموا حديث الرجل الذى كان منفعلا وعاطفيا وبعد ذلك علمنا من خلال مترجم ان الشيخ قال بانه "عبد" وان أرضه ولغته تم اغتصابهم من طرف البيظان وانه اصبح يفضّل الموت على الحياة..!!
اخ اخر من الزنوج غضب وقال انه عد الحضور ووجد ان الأغلبية فى القاعة لا تتحدث العربية ولذلك كان من عدم الانصاف استخدام العربية أو الحسانية فى المجلس مؤكدا ان لغة الأغلبية يجب ان يتم الحديث بها فى اللقاء ... وقد لاحظت ان معظم الحضور يفهمون الحسانية ولكنهم لايحبون سماع أو استخدام "اكلام البيدان".
وباختصار، خرجت من القاعة بقناعة مفادها انه لا ينبغي الخلط بين نضال شريحة لحراطين ومجتمعات الزنوج نظرا لاختلاف الأهداف والأجندة.. شريحة لحراطين الكريمة تبحث عن عدالة اجتماعية واقتصادية حان وقتها بعد ليل دامس غيّبها لعشرات العقود. اما بعض الإخوة فى مجتمعات الزنوج فانهم يبحثون عن دولة زنجية افرانكفونية مفقودة يتكلمون فيها لغاتهم الوطنية والأجنبية ويجعلون مساحاتها العمومية مسرحا لرياضة "هيري هيري" وتشييد مصانع على شاطىء الأطلسي لتعليب وتصدير "ياي بوي" الى كل أنحاء العالم.. وهنا يمكن ان نفهم دعوات حركة أفلام المتكررة الى إنفصال الجنوب الموريتانى.
****
العنوان الأصلي للمقال: "بيرام والإثنيات وحقوق الانسان..!
الأستاذ محمد يحي ولد عبد الودود
(حصري 28 نوفمبر)
يتواصل...