طالعنا صباح اليوم، تدوينة كتبها الاخ العزيز سيد محمد فال، تقول" الدفاع عن وحدة البلاد خير من العودة إلى مرابع الأجداد...الوطن أهم.." ورغم جمال وتناغم هذه التدوينة، رأينا أن نقترح على الاخ سيد صياغتها على النحو التالى: "الدفاع عن وحدة البلاد تجديد لعهد الأجداد ..الوطن أهم..." لأنك تعرف أكثر منى،أن أجدادنا ،هم الذين اوجدوا هذه الرقعة الجغرافية التى نسكنها الآن وحافظوا عليها بالعصي،وتعايشوا فوقها في وحدة قل مثيلها في المنطقة، في تناغم وانسجام وتكامل اجتماعي واقتصادي ومعرفي، وأمني وحربي؛ ولم يسجل على امتداد تاريخهم أي احتكاك أو تنافر أو تدابر أو تهجير قسري؛ بل ظلوا يتبادلون الأدوات المعرفية والمناهج التربوية والطرقة التهذيبية،ويتقاسمون المرابعة ؛نضبها وشحها جفافها وخصبها، ولم يعتبروا اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأعراقهم، حجة لعدم الانسجام أو حجة لأرجحة حق بعضهم على بعض أو لمشروعيته فرض إرادته عليه،رضوا بالله ربا وبمحمد( ص) نبيا ورسولا؛ نسجت رسالته وحدتهم ولغة قرآنها أداة تواصلهم وكانت هذه الأداة هي اللحام ( ciment )الحقيقي لتلك الوحدة؛ وأكثر من ذلك كونوا نفيرا واحدا ضد المحتل الغاشم بعصيهم وسيوفهم وعلى رجلهم وخيلهم بأقلامهم وحبرهم المعطاء، حتى نالوا ملكية هذه الرقعة من أرض الله الواسعة،فبسطوا سيادتهم عليها وعمروها بحسب المتاح ؛ وإذا كان المستعمر قد نجح في بسط شبه هيمنته عليهم وعمل على تمزيق وحدتهم تلك من خلال مشروعه التعليمي المفكك الرامي إلى إعادة تشكيل الشخصية الوطنية ؛ ونجح من خلاله زعزعة الثقة بينهم، وسبب ما سبب من احتكاكات مؤلمة بينهم، فإنهم ظلوا وما زالوا وسيظلون متمسكين بوحدتهم؛ ولكن؛علينا نحن،أن ندرك كوريثين لهم ومعنيين بمتابعة ما بدأوه، أن ندرك أن متغيرات صعبة دخلت على أسس الانسجام بيننا صعبت علينا حمل الأعباء، وضاعفت علينا مطلب الجهد؛ ويتجلى ذلك في مسائل متعددة ومتنوعة، لعل أبسطها
_ مسألة التنواب السلمي على السلطة؛
_ مسألة توزيع الثروة؛
_ مسألة حقوق الإنسان،وغيرها من المسائل المتفرعة
عنها وهي كثيرة؛
وهذه،في،عمومها لم تكن مطروحة للأجداد ولكنها مطروحة علينا وبإلحاح، بل وهي ،اليوم مسائل لا يمكن المحافظة على الوحدة الوطنية بدون النظر فيها وإعادة تقييمها في كل مرة لترميم الأعطاب و التصدعات المرافقة والمتخللة لمراحل نسجها وبناء عودها؛ وهذه ، لعمري مسؤولية الكل، الكلى الوطني، ونصيب من يسوس أمر الناس فيها تتصدر الوجبات، واجبات الجميع؛ ولهذا،لاحظنا أن السيد الرئيس محمد بن عبد العزيز عندما وصل إلى دفة الحكم في البلاد، وضع نصب عينيه مسألة الوحدة الوطنية ورتبها في أولويات الإصلاحات، فلم يتأخر في معالجة الأعطاب النفسية والمادية والحقوقية عندما نظر إليها مجتمعة معتبرا أن كل خطوة نحو إحداها ترتبط بالأخرى، بمعني أنه ربط بين هذه المسائل ورتبها في أولويات حكمه، ولكنه كان مدركا أن الأعطاب النفسية الاجتماعية كانت ضاغطة والشروع في معالجتها هو المدخل لتسهيل علاج غيرها، ولذا بادر بالنزول إلى الأكثر احتياجا ليقول لهم أتاكم الخير مهرولا فاحتضنوه، وقد فعلوا ومازالوا يحتضنونه لأنهم يرتوون من لبنه باستمرار ثم يمتطي صهوة إرادته فيتوجه من غده إلى كيهيدى ليضمد الجراح والأعصاب النفسية.. ويصلى صلاة الغائب على شهداء الوطن.. ويعيد تباعا الابن لوالده والوالد لابنه والبنت لأمها والأم لابنتها بعد طول فراق غير مبرر، مدبر بأيادي لا تريد خيرا للوطن، وليباشر بعد ذلك متابعة علاج مختلف الأعطاب الأخرى، فينكب على وضع الترسانة القانونية التى ستنهى الأعطاب الاجتماعية ويقويها بإنشاء محاكم الحماية ونيل الحقوق، ويدعم ذلك بالمؤسسات الدامجة والمخففة لمعاول الفقر المدقع، اعتناء بالمهمشين والأرقاء المستضعفين في الوطن، ويطلقها حملة ضد النبذ والحرمان وهدر الحقوق وامتهان الكرامة الإنسانية، ليسير بالجميع، ويقوده في اتجاه مسار تنموي مؤمن ومستقر حاله، وأفق مآلاته موفر ضمان بلوغها بلا كدر؛ لذلك واكبناه وما زلنا نواكبه قناعة أنه يفعل الخير ومضي في فعله لأنه يعتبر ذلك واجبا وطنيا أولا وعقد اجتماعي عليه الوفاء بمقتضياته، وهو لا يتنكب عن طبعه وطبعه أنه جبل على حب الوطن والوطن يريده دائما.
رئيس حزب الكرامة
د. شيخنا محمد حجبو