تقول طرفة قديمة تفوح منها رائحة الطفولة والأيام الخوالي، إن أحد أصدقاء جحا كان يتنقل بين أرقى مطاعم المدينة، يأكل ويشرب مما لذ وطاب، دون أن يدفع فلسا واحدا،
احتار جحا في أمر صديقه، سأله وألح عليه: "كيف تفعل كل هذا يا بطل؟"، فرد عليه صديقه: "السر بسيط يا جحا، أقتل فأرا وأضعه في جيبي، ثم آتي إلى أحد المطاعم في وقت الذروة، حين يعج المكان بالزبائن، وأطلب ما لذ وطاب من الطعام والشراب وأطلب صحنا من الشوربة، وعندما أحس بأن معدتي لم تعد تتحمل المزيد، أخرج الفأر وأقبل جبينه ثم أضعه في صحن الشوربة وأصيح على "الكرسون" وأنا أتظاهر بالغضب الشديد، وأريه الفأر العائم في الشوربة ويبدأ المسكين في التوسل والتودد راجيا ألا افضحهم أمام الزبائن، وينتهي الأمر بأن أقبل التستر على القضية مقابل ألا أدفع ثمن الطعام، وهكذا كل يوم فأر جديد وكل يوم مطعم جديد،"
أغرت الحيلة جحا، وقرر أن يجرب هو الآخر حظه، قتل فأرا ووضعه في جيبه ودخل أحد المطاعم، طلب الكثير من الطعام وطلب صحن شوربة، وبعدما أنهى طعامه صاح على "الكرسون" وسأله أين الشوربة، فرد عليه "الكرسون" "للأسف لا توجد لدينا اليوم شوربة"،
أسقط في يد جحا، فأخرج فأره الصغير من جيبه وقبله في جبينه وسأل "الكرسون": "أين سأضع إذن أنا هذا الفأر؟"،
لا أخفيكم، أنني أحيانا أتمنى ألا تنجح الوساطة الكويتية، لأن الأمر سيكون محرجا للغاية، فبدون حساء وبدون شوربة، سيكون موقفنا مثل موقف المسكين حجا، ولن نجد مكانا نضع فيه "الفأر الضخم" الذي قتلناه ذلك المساء.
مبارك عليكم الشهر..
-----------------
من صفحة الأستاذ البشير عبد الرزاق على الفيس بوك