إما أننا ديمقراطيون أو لنصرح علنا بأننا أعداء الديمقراطية، إما أن نقر بأن الرجل رئيس للجمهورية ويمارس حقه الدستوري والقانوني في تسيير شؤون البلاد وفق نظرته وبرنامجه الانتخابي، وإن اختلفنا معه حول الأولويات وطرق التنفيذ، فلننتظر انتهاء مأموريته الثانية عندها يحق لمن أراد إسقاطه والجلوس مكانه - سواء كان من أبناء عمومته أو من غيرهم - أن يسلك الطريق الصحيح بالتقدم للمنافسة عبر صناديق الاقتراع والظفر بالرئاسة، أو أننا نحاول الوصول للسلطة عن طريق تأليب الرأي العام على الرئيس وإحداث ثورة عارمة أو عصيان مدني أو إنقلاب عسكري، فتلك طرائق يسلكها الثوريون والزعماء وجنرالات الجيش، لكن لم ينقل لنا التاريخ أن أحدهم تألم من ضربة سوط أو رائحة غاز أو ضيق زنزانة، فمن سلك ذلك الدرب يودع أهله ويقضي دينه ويحمل روحه على كفه، ويجود بها دفاعا عن أفكاره وأهدافه.
هل يمكن أن أكون ديمقراطيا ومدافعا عن الدستور والقانون، وأتظاهر دون الحصول على إذن مسبق من الدولة؛ كما ينص القانون؟
هل يمكن أن أكون ديمقراطيا وأنا أعمل على إسقاط النظام بإحلال الفوضى مكان السلم والخوف مكان الأمن؟
موريتانيا اليوم ليست بحاجة إلى من يثير الشغب فيها أو يشتت جهود قوات الأمن والجيش، نظرا لسهولة خروج الأوضاع عن حد السيطرة؛ وما أحداث قانون السير منا ببعيد.
فليعارض من شاء أن يعارض ولندع من أراد موالاة الرئيس وحكمه، وهذه هي الديمقراطية، او لنكتشف طريقة جديدة للتداول على السلطة ؛ لكن بعيدا عن مبدأ قانون الغاب والفوضى وزعزعة الأمن.
ولمن يعترض على تعديل الدستور عليهم أن يحدثوا ثورة من خلال صناديق الاقتراع ويقولها مدوية لا وألف لا؛ لكن بأسلوب حضاري وديمقراطي، وليعلموا أن تغيير الدستور أو بعض مواده على الأصح ليس نهاية الطريق، فبإمكانهم إذا وصلوا غدا للسلطة أن يعيدوا تلك المواد التي غيرها هذا النظام عن طريق البرلمان أو استفتاء آخر، المهم عندي ألا نفرط في العقد الاجتماعي الذي اخترناه وقبلنا به، مجسدا في اختيار النهج الديمقراطي كطريق وحيد للتداول السلمي على السلطة ونبذ الفوضى والانقلاب والخراب.
---------------
من صحفة الأستاذ أوفى ولد عبد الله ولد أوفى