"تمزيق المصحف" حقيقة أم زيف؟/ الطالب عبد الودود
الثلاثاء, 04 مارس 2014 20:49

Talib Abdel Wedoudمنذ ليلة أمس وبعد ظهور شائعة تمزيق المصحف الشريف على أيدي مجهولين حسب بعض الروايات والغير مقنعة بالمرة والعاصمة انواكشوط تشهد فلتان أمني غير مسبوق ناجم عن غياب الدولة المزمن وعدم مهنية ونزاهة وسائل الاعلام المحلية بدون استثناء وفي طليعتها

القنوات والمواقع التي تستغل بشكل مقزز مشاعر العامة وتحرض الغوغاء على التمادي في نشر الرعب والخراب في عاصمة تفتقر الى ادنى البنى التحتية وأمتلأت فضلة الشوارع التي لدينا بالحجارة وبقايا اطارات السيارات.

أنا شخصيا القي بالجانب الأكبر من اللوم في هذه الأحداث على القنوات التلفزيونية الموريتانية العامة والخاصة لأنها فشلت في انتاج تقارير ميدانية وحتى استقصائية للوقوف على حقيقة الأحداث الجارية في البلد. فمنذ ما بات يعرف بتحرير الفضاء السمعي البصري وحصول عدة قنوات على تراخيص وأستبشر الناس خيرا بذلك ظنا منهم بأنها ستحدث نقلة في الحقل الاعلامي المتحجر والذي أصبح ملاذا لأصحاب المواهب الضحلة في هذا البلد، والكوارث تتوالى وهذه القنوات للأسف تساهم بطريقة أو بأخرى في تأجيج الصراعات من خلال بث الأخبار الكاذبة ونشر الشائعات دون الوقوف على حقيقتها بالإضافة الى عدم تحري الصدق وهي أمور كنا ومازلنا نعيبها على أصحاب المواقع الموريتانية.

أولا كل القصص المتناثرة بين العوام في الأزقة والشوارع والتي تعتمد عليها وسائل اعلامنا للأسف في تغطيتها للأجداث غير مقنعة ويشوبها البعد الغوغائي في شخصية الانسان الموريتاني الذي يحكم العاطفة على العقل في كل امور الحياة وفي هذا السياق أريد أن أطرح بعض الأسئلة وأولها الى من يوجه هذا الغضب العارم مادمنا لا نعرف حتى هذه اللحظة من هي الجهة المسؤولة عن هذا العمل الخسيس

– ان كانت هناك جهة مسؤولة عنه أصلا؟ ماهي علاقة نهب وتحطيم ممتلكات الناس بالتنديد بتمزيق المصحف؟ ثم ماذا قدمت اطلالة وزيري الاعلام و وزير الشؤون الاسلامية بالأمس للمواطن الموريتاني الذي يعول على مقدرة الحكومة والمخابرات والأجهزة الأمنية في كشف المعتدي على المقدسات ومعاقبته؟ بناء على أحداث سابقة

– شهرين تقريبا – كنت في مدينة أزويرات وذات مساء أطلت علينا أخبار صادمة مؤداها أن شخصا دخل مسجد في حي "الزمل" ومزق مصاحف وأستخدم بعض أوراقها ولف فيها النجاسة وسادت أجواء غضب عارم في المدينة وبدأ الناس بتداول شائعات منسوجة على نفس الحبكة والمنوال على أنها حدثت في مساجد أخرى في المدينة وبعد أيام تم التعرف على الشخص الذي قام بذلك العمل وهو مختل لا يتمتع بقواه العقلية والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: ألا يمكن أن يكون من قام بهذا العمل الشنيع ليلة أمس هو أحد المجانين الذين تعج بهم العاصمة أنواكشوط أو بعض الدواب السائبة في عاصمة تتجول فيها الأبقار والحمير والماعز بكل حرية؟ 

هناك أمر آخر وهو الانفلات الأمني الذي يحدث بعد كل شائعة مغرضة هو الآخر وتستغله عصابات للنشل والنهب وترعيب المواطنين والعبث بممتلكاتهم ومن يقومون به في العادة غوغاء جهلة لا حظ لهم من التعليم ويدعمهم في ذلك أطفال المدارس السذج والذين يستقطبهم هذا النوع من الأجواء لقضاء أطول وقت ممكن خارج فصول الدراسة بالإضافة الى بعض آراء المتفيقهين و المتأسلمين الذين يعيشون خارج التاريخ ولا دراية لهم بفقه المرحلة.

لو كنت رئيسا لهذا البلد في هذه اللحظة، لأمرت بالآتي بالإضافة الى بعض التعديلات في بنية السلطة واستعادة هيبة الدولة والمحافظة على تماسك النسيج الوطني وحفظ توازن الجيش والأجهزة الأمنية بطريقة سلسة وفي سقف زمني معقول:

1. نزول أصحاب القبعات الحمر الى الشوارع لضبط الأمن ومعاقبة المعتدين على ممتلكات المواطنين بقسوة واعتقال كل من يحرض على العنف مهما كانت مكانته الاجتماعية.

2. فتح تحقيق فوري في ملابسات الحادث للوقوف على حقيقته ومن المسؤول عنه وهل هو متعمد أم أنه حادث عرضي قام به مجنون أو دابة والحرص على اتمامه في أسرع وقت ممكن ليتم تقديم التفاصيل للمواطنين في أجل معقول من خلال مؤتمر صحفي تشارك فيه كل وسائل الاعلام الوطنية بدون استثناء.

3. القضاء على وزارة الاعلام وإعطاء صلاحياتها للسلطة العليا للسمعيات البصرية مع اعطائها الاستقلالية التامة عن الحكومة كهيئة مستقلة بالفعل مع اعادة لهيكلتها الحالية.

4. ارجاع الثقة للأمن ممثلا في قطاع الشرطة الذي لديه الخبرة في معرفة اللصوص وأصحاب السوابق ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن يتم تهميشه كما هو حاصل الآن وإعطاء دوره لقطاعات أخرى لا خبرة لديها في التعامل مع بعض القضايا الخاصة بقطاع الشرطة أصلا.

5. الجيش ملكا للشعب والهدف من وجوده أصلا هو حماية الشعب والوطن، لذلك يجب أن يخدم الشعب ويحترمه ويتعامل معه برفق في المظاهرات السلمية الخالية من العنف ولا يجب في هذه الحالة كما هو سائد في بعض الأوساط الآن أن سبب تهميش الشرطة هو أن النظام الحالي يراها جزء من تركة العقيد والرئيس السابق أعل ولد محمدفال وان استبدالها بأمن الطرق الموكل الى الجنرال في النظـام الحالي السيد مسغارو سيكون أكثر فعالية.

لا يجب أن نطبق نظام الخصخصة في جيشنا ونقسمه بين أشخاص "أصنادرت فلان وأصنادرت الفلوني" هذه مهزلة ويجب أن تتوقف.

6. المال العام خط أحمر ومن يتم تعيينه في منصب قبل أن يتسلم ذلك المنصب يتم احصاء مايملك من عقارات وممتلكات وأرصدة ويتم انشاء جهاز متخصص في البحث والتدقيق والمتابعات يقوم بإرسال طواقم للتحقيق مع المسؤولين من كل ستة أشهر وبعد تركه للمنصب تتم مراجعة ممتلكاته للمرة الأخيرة وان كانت قد زادت، ينظر في راتبه وفترة توظيفه ومازاد على ذلك يعاد الى خزينة الدولة.

7. مراجعة للمنظومة الاعلامية وإغلاق كل موقع أو قناة أو صحيفة أو اذاعة ليست عند القائمين عليها شهادات أو تكوينات مهنية في مجال الصحافة والنشر والإعلام بشكل عام.

8. مراجعة للمنظومة الدينية والعمل على تفعيل وتطبيق الضوابط والشروط المتعلقة بالإمامة في المساجد وبمن يحق لهم الحديث على المنابر لأن معظم من يخطبون في المساجد هذه الأيام هم متطفلون لا يجيدون اللغة العربية أولا و لا الأحكام ولا هدف لهم غير التحريض على العنف والترويج للإرهاب والغلو والتشدد ولا دراية لديهم بفقه الواقع وهم أخطر على الأمن والاستقرار من أي جهة أخرى.

9. حظر وحل حزب تواصل ومنع أي حزب آخر من اتخاذ الاسلام سلعة أو شعارا يستهلكه في الانتخابات لللعب على مشاعر العامة ولأن وجود حزب اسلامي في بلد مسلم مائة في المائة كموريتانيا - والحمد لله - لا معنى له البتة.

هذا من التعديلات في بعض الأمور الملحة بالإضافة الى أمور أخرى لا يتسع المقام لذكرها الآن.