ينبوع الأنين/ ميمونة بنت ابته
الجمعة, 04 أبريل 2014 01:01

كانت ضحكة أطفال العالم أحلى..

ومذاق الخبز أحلى..

وسقوط الثلج أحلى..

وذكريات الطفولة أفضل من حاضرهم، وبيوتهم كانت شاهقة بأحلى عمران... وبعد مرور السنين وتطور الحياة ستبقى الحضارة حضارة والكلاب كلابا...حضارة ﻻتعثرها الأرزاء وﻻ يثنيها الطغاة..وكﻻب تهرول خلف مصالح فانية وعمالة لن تغيثها يوم العرض.. في حلة قاتمة من الألوان المتناقضة يكسوها الرماد والدمار إلا أنهم عاشوا كراما سكبت على الأيام بحور دموعهم فوقفت آخر قطرات الدمع صامدة..

لازالت ذكرى الأيام الخالدة تشفع لهم لازال عمود الحياة بجانبهم كي يتمسكوا به والأمل يحدو نحوهم كي لا تمل العيون وتبدأ رحلة الرحيل الأبدية... تلك البداية الأليمة التي لم تخلق لها بعد نهاية...لم يكترث الشبح الذي يتولى أمرهم بمصائبهم وشلالات دم الشهداء تتهادى بطهر حول معاقل القتل الحائفة، والأهالي مساكين تنهمر الدموع فوق خدودهم بقوة والخوف ينتابهم كل حين والإهمال والفقر والمرض......

 

تلك أشياء قد غابت عن ناظره ولم يترك لهم قرار النهاية ولا حياة السعادة فطغى وتجبر سجنهم وضربهم بالمدفعيات والقنابل، قضى على الكثيرين ومنهم من ينتظر فلا محالة يدركون مصيرهم مادام الموت يتصدر المادة الأولى من دستورهم _إن لم تحل معجزة تخلصهم من الحاضر_.. في قلبي شظايا شجون تنزف كل لحظة بتفكيري في ذلك المصير المجهول حين أحس بأن الكون قد اختفت مﻻمح بسمته وجفاء الأرواح ساد البشرية حين أحدق من نافذة الآﻻم لأرى جسدي الواحد يفنى و تتقطع أوصاله حسرة ووجعا عندها تختفي من حياتي نشوة السعادة وهدوء البحر ونغمات الوجود الحالمة وأنظر للكون نظرة أخرى أجدها أحياناً تشاؤمية وأحايين أخرى أجد نفسي في مركب فضائي طويل المدى ومتسع الأفق ملؤه الآمال والأحلام ورؤية مستقبل مشرق وروعة ساحرة لمجرى الحياة.

 

مفارقات عجيبة أحدث بها نفسي وأسليها وأطرب على منوالها لأصنع بوتقة من الكلمات المسطرة بالدمع وأجمع كومة حروف يربطها خيط وثيق ببسمة تنير الكون وبقبسها تصطلي الكائنات...

تلك هي المفارقات المتناقضة بالذات...لكن ذلك ﻻ يجعلها متناقضة بمعناها الكامل وﻻ يصل مثقال ذرة مما يختلج وجداني ويبعثر شريط ذاكرتي فالهم محدق والوسيلة ضعيفة وصعوبة أوضاع المسلوبين المظلومين من إخواننا قد أخذ تفكيرنا...

أخذ كل مقدار الجهد الذي يحتويه هيكلنا المهين ليس نصرتهم بالعتاد وﻻ جهادا وﻻ دفاعاً بالحيلة والقوة عنهم _وإن كان ذلك مايريح ضمائرنا_ إلا أنه ﻻحول لنا وﻻ قوة..

مالنا من حيلة سوى الخوف عليهم وبسط أكف الضراعة كلما أرخى الليل سدوله.. ومع ذلك فﻻ رجعة وﻻ استسلام لكيد الحاقدين أولئك الذين همهم الوحيد قتل أحﻻم الأبرياء والقضاء على وجودهم وإزاحتهم إلى أسفل سافلين..

وصل بهم طموحهم الهابط وجرمهم الخبيث وطيشهم الصارخ حد التفكير في تقييدهم وسحبهم من دائرة كوكبنا المتسع..

أعلم جيدا بأنهم يتمنون إزهاق أرواحنا جميعا وﻻ ريب في أن استكبارهم جور موروث تفننوا فيه حين تدنست عﻻقتهم مع البشرية بتورطهم مع بني يهود المغضوب عليهم..

ﻻ أكاد لضعف ذاكرتي التي شجبتها الأطوار ورمتها الأقدار_ أتذكر أو أدرك ذلك الزمن المجيد الزمن الذي أدعوه "أيام الحنين" ﻻ أزال على قيد التفكير في آفاق التاريخ البعيدة حين شيد هؤلاء عظمة الأرض وعنفوانية الحياة وسحرها الآسر..

تلك أيام أتمنى أن تكون لها عودة فﻻ أرجو أن تبكي عيون أمتي وﻻ يحترق فؤادها لوعة وﻻ أرجو أن تتفطر أرواح المرضى وﻻ الأيتام وﻻ الثكالى وﻻ الفقراء ؛ بل أرجو أن تعود أيام الحنين البهية إلى أمتي و تعود البسمة كما كانت وتشرق شمس الأمنيات وتتوقف السفينة على مرفأ السلام والإيمان... بعد حضارة القمم وسطوع النجم ورقي المكانة إلا أن القدر سار أخيراً على غير مبتغاهم و الإمعة لازال يعض بنواجذه على سدة الحكم والقتل قانونه المستبد...

ورغم ذلك فالأمل مافتئ ماكثا في عروقهم والمولى معهم{وإن تولوا فاعلموا أن الله موﻻكم نعم المولى ونعم النصير} والنصر يسير بهدوء ...وقلوبنا شاخصة تترقب تلك اللحظات ولا شك (طوبى للشام)

 

ميمونة بنت ابته