فتاوى الضرار.. والصد عن سبيل الله / محمد المهدي ولد محمد البشير |
الثلاثاء, 10 ديسمبر 2013 16:18 |
ظهرت في وسائل الإعلام "فتاوى فقهية" تستهدف الدعاية الانتخابية لبعض المرشحين، والتحذير من مرشحين آخرين باعتبار أن انتخاب هؤلاء يحقق مرضاة الله تعالى، بينما يجلب انتخاب منافسيهم سخطه جل وعلا، في استهتار صارخ بقدسية الدين الإسلامي، الذي هو أساس الوحدة الوطنية، وانتهاك لهيبة الفتوى الفقهية التي كانت هي الفيصل في أمر ما يجوز وما يحرم عند الشعب الموريتاني، حتى في "فترات السيبة" حيث كان المفتي يحظى بثقة الشعب الموريتاني؛ لأنهم يعلمون أنه لا يريد بفتواه عرضا زائلا من أعراض الدنيا، ولا نصرة فئة على فئة أخرى. مما جعلهم يلتزمون بالفتوى - ديانة - من غير حاجة إلى سلطة تنفيذية مكتفين بالباعث الإيماني. يحق لكل عالم وإمام أن يرفع عقيرته مطالبا الدولة الموريتانية، والأحزاب السياسية، باحترام مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها... ويحق له أن يبدي اعتراضه المبدئي على القوانين المنظمة للعملية الانتخابية من رمتها ويسعى - بالطرق الدستورية - إلى تغييرها.... أما أن يسكت طيلة 20 سنة على هذه القوانين، ثم يدبج فجأة "فتوى" ضد امرأة ترشحت وفق "الدستور الموريتاني" والقوانين المنظمة للعملية الانتخابية في قمة الاستقطاب السياسي والتحالفات الانتخابية، فهو أمر لا يمكن أن يفهم إلا أنه من باب فتاوى الضرار التي لا يراد بها وجه الله تعالى ولا نصرة الحق، وإنما يراد بها تحقيق مكاسب دنيوية آنية على حساب قدسية الإسلام وهيبة الفتوى. إن الفتوى في القضايا العامة : كحكم تولي المرأة المناصب التشريعية والتنفيذية والإدارية في الدولة، وكحكم إعطاء الأمن وإبرام العهود مع غير المسلمين يجب أن تترك للمجلس الأعلى للفتوى والمظالم. أما هذه الفتوى التي تعارض مقاصد الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية، والقوانين الموريتانية المعمول بها وتظهر الإسلام باعتباره عدوا لحقوق المرأة، فإن صاحبها قد ارتكب ثلاث محظورات: 1. المحظور الأول : تهديد السلم الأهلي؛ لأنها ستكون "ذريعة" لتكفير الدولة الموريتانية بحجة أنها تقر قوانين انتخابية مناقضة للشريعة الإسلامية (السماح للمرأة بالترشح) 2. المحظور الثاني: أنها تضع سلاحا في أيدي الحركات "التنصيرية" والنزعات "الإلحادية" والتوجهات "النسوية المتطرفة" لاتهام "الإسلام" بمعاداة حقوق المرأة التي تكفلها جميع المواثيق العالمية والدستور الموريتاني. 3. المحظور الثالث: التلاعب بأحكام الشريعة .. لأنها ليست فتوى لبيان حكم الله تعالى- الذي كان يجب أن يبين عند المصادقة على الدستور والقوانين الانتخابية- بل هي وسيلة دعائية في حلبة التنافس الانتخابي – في صورة فتوى شرعية – لا يهتم صاحبها بالحكم الشرعي ودليله ومآله بقدر ما يهتم بالتأثير الدعائي على إرادة الناخبين.. مثل ما هو الغرض من "الإعلانات الانتخابية" و "اللافتات" و"الصور المكبرة" التي يتم رميها بعد انتهاء الحملة . كتبت هذا المقال بموجب التزامي بمناصرة ترشح المرأة في موريتانيا.
|