هناك فسحة أمل يجب أن ننتبه لها جيداً , وندرك معها أننا نقترب كثيراً من حلم الرفاه , وأننا بالتأكيد قد وقعنا عقداً مع رافد اقتصادي مهم لوطننا سوف يقود موريتانيا لمستقبل واعد علينا أن ندرك أبعاده.
تعنون جريدة "البيان" الإماراتية إحدى صفحاتها بـ" الغاز الموريتاني يهدد نظريه القطري" , لتستفيض الجريدة بعد ذلك في وصف ما ينتظر موريتانيا من مستقبل مشرق ومداخيل مهمه من هذه الإكتشافات الكبيرة معلقة على إيجابية ما يفرج عنه المسؤولين في كل من شركات "كوسموس انير جي" و "بي بي – بريتش بتروليوم" وهو ربما ما دفع "المملكة المتحدة" إلى التفكير جدياً في افتتاح سفارة لها في موريتانيا طالما أن "بريتش بتروليوم" تجد بأن المصلحة الإقتصادية تستدعي ذلك .
لا داعي طبعا لندخل في المسائل الفنية التي يتابعها أغلبنا بشكل دوري وبالتأكيد ليس من الضروري أن نبين ما يمكن أن تضيفه مداخيل هذه الإكتشافات الضخمة من الغاز على واقعنا الإقتصادي والإجتماعي وما سوف تذلل من صعوبات كانت تواجه معدلات النمو في ما مضى , ما أرغب حقاً في أن ننتبه له وأن نثمنه عالياً هو مجموع الزوايا الحادة والمنعطفات المهمه التي هندست هذا المناخ المريح لشركات بهذا الحجم والعمق الإقتصادي والتي تتعامل بمهنية عالية و تركز على مقاييس من أيجابية المناخ الإستثماري حتى تقرر أن تستثمر في منطقة معينة! , فهناك مؤشرات إيجابية من "الأمن" والإستقرار السياسي والإقتصادي أقنعت هذه الأقطاب الإقتصادية بنجاعة الإستثمار في موريتانيا , هناك مناخ من "الأمن" و"الأمان" تم خلقه بكفاءة في السنوات الماضية يستحق منا الإشادة خاصة أننا نعيش ضمن واقع منطقة غير مستقر أمنياً وسياسياً !, وعليه فإن نظامنا السياسي القائم متمثلاً في "السيد الرئيس" كان حاذقاً في ترجيح كفة الإستثمار في خلق جيش قوي وأجهزة أمن قوية قادرة على صد أي خطر وإقناع الإستثمارات الأجنبية بالولوج إلى الإقتصاد الموريتاني!, كما أن التطوير المميز في "البنية التحتية" الذي حول موريتانيا إلى ورشة عمل ضخمة رفقة الإستثمار في قطاع الطاقة أقنعت بأننا بيئة صالحة وقادرة وقابلة , على أن يدرك الآخر أن الأعذار السابقة التي حالت بيننا مع الإستثمارات الأجنبية تمت معالجتها فسلسلة الأمن والبنية التحتية والإرادة السياسية الجالبة عادة للإستثمارات تعلن اليوم عن نفسها بقوة في موريتانيا.
المؤلم في الأمر أنه مع كل هذه الأخبار الإيجابية سوف يجيء دائماً من هو قادر على الزج بها في سجالات سياسية , وبالرغم من أنها معركة خاسرة لكل من يريد الصراخ من على التلة الأخرى !, لابد سوف يكون هناك دائما من تختلط عليه مفاهيم الوطن مع المصلحة السياسية , وكأن الخير الذي تمضي إليه موريتانيا اليوم , تمضي إليه وحيدة بدونهم !, رغم أننا أخيراً صرنا نملك جميعا ذات "بطاقات التعريف" فلا يمكن لموريتانيا بعدها أن تضيع أحد أبنائها مهما ابتعد.