حظيت ككثير من الناس بفرصة رؤية هرم الجيزة بمصر، والتجوال فيه والتصوير بجنبه كأني أضع اليد على قمته الشاهقة، وسنحت لي فرصة نادرة ( المشاركة في مؤتمر الاتحاد الدولي للقضاء بمكسيكو بالوقوف على قمة هرم المكسيك، وقرأت كثيرا عن هرم بونزي de Ponzi Pyramide ، ولئن لم تسنح لي ولكم الفرصة بمشاركتي مشاهدة الهرمين الأول والثاني، فلي شرف أن أشارككم عصارة ما قرأت عن الهرم الثالث وهو هرم تاريخي غير مسبوق.
هرم بونزي de Ponzi Pyramide ليس هرماً حجريا كالأول و الثاني بل سمي نسبة لمهاجر ايطالي يدعى "تشارلزبونزي" فشل في دراسته وسجن لتحايله في مونتريال قبل أن يتنقل إلى أمريكا في مطلع القرن العشرين مبتكرا طريقة احتيال هرمية حققت "أرباحاً صورية" طائلة.. أطلق عليها الاقتصاديون «هرم بونزي de Ponzi Pyramide » أو «دالَّة أو لُعبة بونزي» وتتلخص في: أخذ أموال من مستثمرين أو دائنين جدد يشكلون "قاعدة الهرم" لتوزيعها كأرباح على مستثمرين أو تسديد أقساط دائنين قُدماء يشكلون قمَّة الهرم.
وتمر هذه العملية الاحتيالية بــ:
1- يتقدم إليك رجل أعمال المشاركة في "مشروع" أو صفقة فتدفع له: مليون 1.000.000 أوقية مقابل استلام مائة ألف 100.000 أوقية كربح أو فائدة عند حلول الأجل أو انتهاء العمل الاستثماري المزعوم، وفعلا تم منح الربح أو الفائدة (العائد)في الأجل المحدد، وهنا تطمئن فتنشر الخبر بين إخوتك وزملائك وأقرانك وشركائك الذين رأوك تتقاضى الربح أو الفائدة في الأجل المحدد فيثقون بك ويرون «بأم أعينهم» أن تأخذ فعلاً عائداً شهرياً منتظماً قدره 10 آلاف أوقية في الشهر.
2- تغري أنت الذي تقاضيت العائد أولئك الأشخاص الخمسة فيتجمع لدى المحتال 5.000.000 أوقية فيدفع لهم رجل الأعمال هذا أيضاً أقساطاً مماثلة وفي الأجل المحدد.
3- يتسلم رجل الأعمال أموالا مضاعفة بفضل انضمام مشتركين جدد يقنعون من حولهم وبشتى الوسائل بأن الموضوع موثوق وسليم و يؤكدون أنهم تسلموا عائداتهم بانتظام فيتضاعف عدد المشتركين إلى أعداد خيالية لطمعهم في الربح المضمون.
4- لكن تضاعف المشتركين المستمر، و تهاطل الأموال الذي لا يتوقف، يضعان المحتال في حيرة و تخبُّط لأنه ظل يدفع عائدات المشتركين القدامى من ودائع المشتركين الجدد نظرا لغياب الاستثمارات التي اقنع بها الجمهور، فيقرر عند لحظة معينة التوقف نتيجة العجز عن دفع العائدات والاختفاء نهائياً أو تهريب أصوله إلى الخارج، وهروبه من البلاد.
5- عندها يقع انهيار الهرم من الأعلى إلى الأسفل انهيارا عنيفا يوقع الأزمة.
إن نفس الطريقة اتبعها يهودي مصرفي أمريكي من مواليد 1938 ،يدعى برنارد مادوف Bernard L Madoff اتهم بعملية نصب ضخمة، و كان رئيس لمحفظة برنارد مادوف الاستثمارية التي أنشئت عام 1960 ، وتعتبر شركته ناسداك إحدى أكبر صناع السوق بوول ستريت، وتتاجر بالخدمات الاستثمارية، تم اعتقاله 11/12/2008 من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي بناء على بلاغ من ابنه، بتهمة النصب والاحتيال، ما يزيد عن 50 مليار دولار و على مدى عقود من الزمن وبنفس طريقة بونزي/ Ponzi » ، إثرها أعلنت بنوك أسبانية وسويسرية وفرنسية وإيطالية وبنوك من دول أخرى ضياع أكثر من مليار دولار بسبب هذا المحتال، بعد توقيف اعترف ب 11 تهمة وحكم عليها بسجن 150 سنة.
ويقول الاقتصاديون والدارسون الاجتماعيون إن مستخدم هذه الطريقة البونزية يكون دوما من المحسنين المعروفين والمتبرعين الكبار لإيهام ضحايا جدد بعملياته.
وخلال مشاركتي في الدورة التدريبية الأخيرة في تونس وخلال المحاضرة الأولى منها تعرض الأستاذ العيوني وهو الأستاذ المهتم بالصيرفة الإسلامية إلى قضية زلزلت الاقتصاد التونسي بعد الثورة هي ما عرف بهرم عادل الدريدي هو رجل أعمال تونسي أسس شركة يُسر للتنمية التي تحايل من خلالها على عديد الأفراد عبر سلسلة بونزي، و أغلق مقر نشاطه واختفى ولكن اُلقي القبض عليه في 22 /06/ 2013 وفيما بعد حكم عليه بسجن 150 سنة إرضاء للشعب بعد أن تسبب في خسارة 40 مليار دينار تونسي.
هذه هي العصارة التي وصلت إليها بعد بحث ان اطلعكم عليها لتعميق النقاشي العلمي حولها دمتم.
*** القاضي هارون ايديقبي
