بعيدا عن التوترات والعنتريات المرافقة لهذه الاستحقاقات المضحكة المبكية، حيث كل حزب بما يتوهم فرح، والبعض لحظه العاثر نادب ، يظل لغزا عالقا في ذهني أحتاج خبيرا يقدم لي ردا متماسكا يشفي غليلي عنه ، لغز يجعل الّلبيب حيران عن فهمه وهو ما يقتضي طرح سؤال جانبي حوله بصيغة :
هل الرئيس هو الأول والمتنفذ والآمر أم وزيره الأول؟ وحتى نجعل القارئ مسنجما معنا نذكره بانفعالات الرئيس وتهديده ووعيده لمن يصوت خارج حظيرة ولد محم ( حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم ) التي لم تشرفه بالفوز خلال مأموريتيه البرلمانيتين إلا في شوطين تكميليين تم الحديث خلالهما عن صفقات قدمت لمنافسيه مقابل السماح بفوزه . في الاستحقاقات الحالية برزت لوائح مدعومة وبدون رتوش من طرف الوزير الأول رافعة يافطات حزب الوحدوي لبناء موريتانيا ، حزب ظل إلى وقت قريب غير معروف ،وخارج سياق الثلاثي المدلل والمسموح للمغاضبين "غير المغضوب عليهم" بالترشح على لوائحهم ( حزب الوزيرة المؤتمنة حافظة السر الغامض بنت مكناس ، وحزب الكرامة الفائز بجهود غيره ، وحزب الحراك الساكن حتى يُحرك لأخذ نصيبه من الكعكة) . اسقطت ترشيحات الوزير الأول يحيى ولد حدمين ، كل معاني مقولة وزير الخارجية الامريكي الاسبق (فوستر دلاس من ليس معنا فهو ضدنا) والتي بها أرعب بوش الابن العالم، ليعيد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز انتاجها مع فارق القوة والإرادة والتحكم من زمام مأموريته الأخيرة في وقتها الضائع. خلال جولاته الدعائية والمثيرة للتساؤل حول انسجامها مع قوانين الجمهورية المناعة على من يرأس الجمهورية ممارسة النشاطات الحزبية ،ردد الرئيس كثيرا أن من لم يصوت لحزبه فهو ضده، ارتعدت فرائص العديد من أركان نظامه فتخلو عن دعم المرشحين من خارج حظيرة ولد محم المتهالكة، وحده الوزير الأول لم يلتزم، وحتى أن رجل النظام المثير للشفقة والسخرية معاً العقيد المتقاعد الاحمق الشيخ ولد باي قالها صراحة " إننا تعرضنا لنيران صديقة" في إشارة واضحة لدعم الوزير الأول لخصوم حزب الرئيس. تزداد قوة الوزير الأول ويبدو جليا ضعف الرئيس وعجزه عن كبح جماح نفوذه الذي وصل قمة تحدي الرئيس نفسه، قوة يرى البعض أن مصدرها هو تحكم الرجل في مفاصل الإخطبوط المالي لعائلة الرئيس التي "أتخمت بين المأموريتين" وبالتالي فإن التخلي عنه لم يعد مكنا ومحاطا بالمخاطر، خاصة في هذا الظرف الحساس الذي يتكالب فيه أبناء العشيرة (الأعداء) والمعارضة المطلعة على ملفات المال المشبوه ، ودول الجوار غير المسالمة الذين ينتظرون اللحظة المناسبة لكشف المستور أو الطعن في الصدر بدل الطعن في "البطن". في هذه الوضعية الصعبة على الرئيس، ظهر الوزير الأول بحزبه ولوائحه ودعمه المكشوف ،مستغلا المتاح والممكن من نفوذ الدولة ضد حزبها ومرشحيها في أكثر من منطقة، غير مكترث بوعيد الرئيس وتهديده لمن يساند غير حزبه ، فجاءت المفاجأة من جكني مدينة الوزير الأول التي فُرض على الحزب الحاكم أشواطا تكميلة فيها والحبل على الغارب سيكون للوزير الأول نوابه وعمده خارج السرك الرئاسي بعد هذه الانتخابات ترى هل كل هذا يقع بالصدفة أم أن الوزير فعلا أقوى أم أن الرئيس لم يعد يخيف سوى الضعفاء؟