رسالتان إلي الجميع الدين والسياسة ملك مشاع لا يمكن احتكارهما

كان الشيخ بداه رحمه الله يردد علي أعواد منبره: دين بلا سياسة  لا يستقيم، وسياسة بلا دين عار الدنيا ونار الجحيم.

وكان يقول:  يأ اهل موريتان ، الدين النصيحة، التمسك بالسنة عند فساد الأمة.

نحن نعيش في منطقة جغرافية خطرة تسمي  دول الساحل الذي هو  المجال الجغرافي  المعبر  عن( فضاء حضارة الرحل*)، بما يرمز له هذا المجال  من بساطة ، وكرم ضيافة ، وانفتاح، وجلد وصبر، وتسيير للقوافل، وانتجاع بحثا عن الكلأ، وضرب في كل واد بحثا عن حفظ كتاب الله وتعهاده (رسما، وحفظا، وتجويدا، وأحكاما ،ومقاصد، وعلوما خادمة، ورسالة دعوية خالدة)، وساكنة هذا الفضاء عدوتان منهم من  يريدالدنيا ،ومنهم من يريدالآخرة  ، ولكن يجمع عبدة الدينارو الدرهم، وعبدة الواحد الأحد، جبلة مخشوشنة، متمعددة، وعزة نفس أبية ، وقدرة علي التضحية بلاحدود، وذاكرة حفظ  بلا سقوف، وبلا صناديق تحمل  أو تنهب ؟

بداية المشكلة بئر نفط، ونهايتها ساحل هجرة يقذف حمما وآبار نفط مشتعلة:

انتشر العنف المسلح في منطقة الساحل الأفريقي بعد نشوء الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، وتنامي الخطر بعد سقوط الحكم في مالي ،وبروز بوكو حرام في ولاية بورنو في نيجيريا، وفي شرقي النيجر، وشمالي الكاميرون، وغربي تشاد، حيث  حصد الاقتتال مع هذه الحركة   حتي الآن  أرواح نحو 17.000 شخص منذ العام 2009، واستفحل  الخطر الارهابي بعداغتيال معمرالقذافي علي اثر تدخل الغرب في ليبيا في العام

2011

نتائجها الكارثية: فكر مأزوم ، وأنظمة هشة ،وغزاة وبغاة لا يرحمون

فكر وعمل  فئات ثلاثة  هم  ( الغزاة وجنودهم بدأوا بنشر ستمائة علي الأرض، والغلاة وبغاتهم  وهم الآن يزيدون علي ثلاثة وأربعين ألف  ارهابي  مسلح ، والطغاة  وهم أحكام هشة في ليبيا ومالي  و الصومال  والنيجر يستشيرون  ويركنون  الي أعمال تبييض الأموال وتسويق الارهاب وهم  معروفون في المغرب العربي وفي ساحل العاج ، بطانة لكل من الغزاة  والطغاة ورسل سلام لهؤلاء الغلاة أهل التكفير و ذبح الأبرياء).

وامام هذا المشهد تبدو المشكلة مستعصية لأن الحلول للأزمات التراكمية والمعقدة تتطلب:

1- الأمن من الخوف ، والأمن هنا فكري وعقدي ومادي ومعنوي.

2- الأمن من الجوع، والأمن هنا يعم مجالات التمية والحكامة والقوامة وتحمل الأمانة .

وهاتان نعمتان  امتنهما الله  علي قوم صخر قريش  القائمين علي خدمة بكة  أو مكة: بيت الله الحرام.

لذلك وجب اليوم ارسال رسالتين الي عامة الناس والي أخص الخواص

الرسالة الأولي تقول : حركة التدين  لايمكن أن يحتكرها وزير

وتقول لنا الدروس ان   نعمتي الأمن من الخوف والجوع  تتطلب مقاربات  دينية ، وفكرية، وأمنية ، وسياسية ، وافتصادية، ومجتمعية، واقليمية ، ودولية، ووطنية.

الارهاب اليوم معضلة حتي لو اجتمعت عليه  الدنيا بجميع أقطارها.

والفقراليوم معضلة عالمية حتي ولو  قام له أغنياء العالم  ومنظماته الدولية وفقراؤه بأسرهم.

فالخطأ  الكبير في مجال تسيير التدبير الديني، عندما يتصور ذاك  البابا ، او ذينك  الزعيم الروحي ، أو هذا الوزير ،  أن تسيير الشأن الديني حكر علي وجهة نظره ورؤيته المحدودة.. وغير المعصومة من الزلل.

الدرس الذي قدمته للأمة المسلمة معركة أحد( فبما رحمة من الله لنت لهم)، يؤكده القرءان مع الأنبياء الكمل، الخواتيم،فكيف بالضعفاء الأحداث الخمل؟

قال الله عزوجل لنبيه صلي الله عليه وسلم( وانك لعلي خلق عظيم) وقال جل من قائل له:(ولسوف يعطيك ربك فترضي)

وخاطبه ليتواضع، وليؤكد  لأتباعه من أمته في كل مكان وفي كل زمان  أنه عز وجل  متفرد بالأمر والخلق والحكم والفضل والمقادير ومتصرف وحده في القضاء  والقدر.

ليعلم كل الناس أن التدبير الديني، وشؤون الخلق وعمل التعبد والمناجاة ، غير موكول الي من يغضب ويجوع، وينام وينسي ، ويضحك ويبكي، ويهوي ويشتهي.

قال تعالي لنبيه في سورة الغاشية:( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22))صدق الله العظيم

يقول: لست عليهم بمسلَّط، ولا أنت بجبار تحملهم على ما تريد. يقول: كِلهم إليّ، ودعهم وحكمي فيهم؛ يقال: قد تسيطر فلان على قومه: إذا تسلط عليهم ،أي كِلْ إليّ عبادي.

وقال تعالي مخاطبا خليله في سورة الأنعام :( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (107) وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) ) صدق الله العظيم  والمعني  يقولُ جل ثناؤه لنبيه: وإنما بعثتك إليهم رسولا مبلِّغًا, ولم نبعثك حافظًا عليهم ما هم عاملوه، تحصي ذلك عليهم, فإن ذلك إلينا دونك ولست عليهم بقيِّم تقوم بأرزاقهم وأقواتهم ولا بحفظهم.

ويقول تعالي لنبيه صلي الله عليه وسلم في سورة القصص:( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) صدق الله العظيم عن محمد بن حاتم، عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أبا عثمان الحِيريَّ يقول: سمعت أبا الحسن بن مِقْسَم يقول: سمعت أبا إسحاق الزَّجَّاج يقول في هذه الآية: أجمع المفسرون أنها نزلت في أبي طالب رواه مسلم.، وأبو طالب هو من كان يحمي النبي صلي الله عليه وسلم من المشركين بجاهه وعصبته  حتي توفي.

ويقول جل من قائل لنبيه صلي الله عليه وسلم في سورة آل عمران:

(لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (129)  ) صدق الله العظيم قال العلماء: ثم اعترض بجملة دلت على أن الحكم في الدنيا والآخرة له وحده لا شريك له ، فقال : ( ليس لك من الأمر شيء ) أي : بل الأمر كله إلي ، كما قال : ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) [ الرعد : 40 ] وقال ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) [ البقرة : 272 ] . وقال ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) [ القصص : 56 ] .

قال محمد بن إسحاق في قوله : ( ليس لك من الأمر شيء ) أي : ليس لك من الحكم شيء في عبادي إلا ما أمرتك به فيهم

أوردنا هذه الأدلة لنقول ان محاولة البعض من الغافلين جمع أزمة  التدبير الديني ( دعوة ، أو تعليما ، أواعلاما ، أومساجد، أو شؤون توجيه وتبليغ وتأليف في بوتقة واحدة وتحت عنوان  واحد) هو ضرب من سياسة  فرعون أو البابا ( ما أريكم الا ما أري) أو (أنا ربكم الأعلي)

فالتدين خاصية تتعلق بنيات وأعمال قلوب ، و لا يعلم كنهها مخلوق ، لايعلم حقيقة الحركة والسكون فيها الا الله العلي الكبير ، العلي العظيم.

فكيف يتأمرعليها غير معصوم، وبأي حق يركب مركبا صعبا لم يؤت لنبي مرسل ولا ملك مقرب...  ذاك هو الأجدع الذي جدع أنفه

لأجل ذلك شرع الله رفع الأذان، وبيوت الله، وجمع الجماعات والجمع ، والمرابطة  في الصلوات الخمس والاعتكاف، وجعل شأن الدين مسؤولية جماعية  يتعاون فيها كل المسلمين

وتفتح لها كل الأبواب تما ما مثل حرية الدعوة والتعليم، ليست هناك حدود جغرافية أو حواجز اسمنتية الا عند  من  لا يدرك   أن العبادة خلق الأنبياء وملائكة الله وعباده الصالحون وأن جمع المال والتهافت من أجله خلق الفاشلين والامعيين والوشاة وسفلة

المتفيهقين.

الرسالة الوحيدة الثانية الي الرأي العام والي  كل الخواص

أن عملية التدبير السياسي عملية تشاركية فإذا أراد زعيم حزب ما أن يجعل الدولة ومؤسساتها، وأحزابها  ومتحزبيها، ونوابها وشيوخها، ومثقفيها وصحفييها، ورجال أعمالها وسماسرتها،وقبائلها ووجهاءها،  تحت رجله، فساقه أبتر.

السياسة فن الممكن، وأدب الحوار والاخنلاف ، وبقاء كل في حدود صلاحياتهووجهة نظره، والحكم هوالقانون ودولة المؤسسات وصناديق الاقتراع ، والدولة ليست الحزب  الا اذا كان حزب كورباتشوف ، كما أن دين الله ليس الوزارة الا اذا كان دين الكهنوت.

يقولون ان غورباتشوف  اعتمد علي عديمي الكفاءات، وان الكهنوت قام بخصي الكهان

فانهار البناء المادي، وتودع من البناء الروحي.

اللهم هل بلغت  ، اللهم فاشهد؟

 

محمد الشيخ ولد سيدي محمد  

*كاتب صحفى