غادرنا نواكشوط حدود الساعة ١٥:٠٠ من ظهيرة الخامس عشر مايو الماضي، كنا ثلاثة أفراد فقط، وكان همنا إيصال بعض المستلزمات لأصدقائنا المنقبين عن الذهب في الدواس .. غادرنا نواكشوط على نية العودة بعد ثلاثة أيام.. حيث فضل الرفيقان سيدي والجواد أن أصاحبهما خلال هذه الرحلة، وهما العائدان توا بكثير قصص وحكايات مشوقة ..
رحلة قصيرة لكنها فرصة ثمينة بالنسبة لي، من أجل إنتاج مادة إعلامية لصالح موقع تكنت، الذي كان يومها شبه النافذة الصحفية الوحيدة على يوميات المنقبين وتحركاتهم ..
ونحن نودع أجواء نواكشوط، كنت ألاحظ أن أغلب السيارات على الطريق تابعة للمنقبين، وأن المغادرين العاصمة أضعاف أضعاف العائدين لها.. كانت وحدات الدرك المتنقل قليلة، وجميع النقاط تردد سؤالا واحدا، حول إن كانت وجهتنا هي التنقيب، لم يكن هنالك أي تفتيش ولا سؤال عن الرخص أو جمركة أجهزة التنقيب أو حتى بطاقات التعريف، كانت الابتسامة عريضة والعبارة الأخيرة: "الله إعاون"، وكانت تلك محطة تبعث كثير استفهامات بالنسبة لي .
بدت الشامي - المدينة الساحلية الهادئة الخجولة بالأمس - مدينة تعجل بالحركة والحيوية والنشاط، وفود تغادر نحو تازيازت والدواس وتجريت، وأخرى قادمة من أخنيفسات واكويرتز ونقطة ساخنة، في سبيل طلب الماء أو شراء بعض المواد الغذائية، وثالثة تتزود بالوقود في طريقها إلى أحديب أغيان وفصك والنيش بوخزامه والطارف واصطل أوكمان ..
بدت الشامي نقطة تجارية في طريقها للنمو السريع.. المئات في طوابير من أجل الحصول على الماء، العشرات يتزاحمن على المحلات والمجمعات التجارية على قلتها.. بدأت أفكر بلغة الأرقام وأنظر إلى المآرب الاقتصادية التي قد تحملها الرحلة، غير الذهب الذي كثر حوله القيل والقال..
هي دقائق قليلة صادف أحد رفقائي صديقا له، حدثه خلال ١٥ دقيقة عن الفرص التجارية الكبيرة التي أتاحتها ثورة التنقيب، نصحه ببيع الوقود أو السجائر والتبغ وحمل المواد الغذائية نحو النقاط المكتشفة حديثا، أو امتهان فرصة النقل من وإلى الشامي، قبل أن يخلص إلى القول إنه انتهى من التنقيب واستثمر مليونا و٥٠٠ ألف أوقية في مجال بيع الوقود، إذ تكلفه قنينة ٢٠ لترا حوالي ٨٠٠٠ آلاف أوقية، مع حملها من نواكشوط، حيث يبيعها في أسوء الحالات بـ١٣ ألف أوقية في النقاط القريبة من الشامي، وفي الشامي إن نفد الوقود للمحطة الموجودة وسط المدينة، أو محطة بوعماتو جنوب البلدية .
وقبل أن يرخي الليل سدوله أخذنا إحداثيات النقطة الجديدة المكتشفة قرب أحديب أغيان، وكان حديث المنقبين يدور حول اتساع رقعة مظان الذهب، وتمددها نحو مدينة نواذيبو الساحلية ...
يتواصل بحول الله ...
---------
من صفحة الصحفى عبد الله الخليل على الفيس بوك