أردوغان وليلة الانقلاب… بداية أم نهاية؟ | 28 نوفمبر

الفيس بوك

إعلان

أردوغان وليلة الانقلاب… بداية أم نهاية؟

أحد, 07/17/2016 - 21:00

ريم خليفة

 حفل المشهد السياسي في العالم بكثير من الأحداث والمتغيرات الحلو منها والمر. فمن تولي تيريزا ماي رئاسة الحكومة البريطانية (12 يوليو/ تموز 2016) في ظروف حرجة تمرُّ بها بريطانيا وصولاً إلى الهجوم الإرهابي في مدينة نيس الفرنسية الذي خلّف وراءه مقتل أكثر من 70 قتيلاً بعد أن دهست شاحنة جمعاً من الناس كانوا محتشدين الخميس الماضي ( 14 يوليو / تموز 2016) لمشاهدة الألعاب الناريَّة بمناسبة الاحتفالات بالعيد الوطني.

وبعد هذا الهجوم بيوم واحد، تشهد تركيا انقلاباً عسكريّاً على رجب طيب أردوغان بوقع سريع وليس طويلاً كما هي عادت المسلسلات التركية.

ما يهمُّ في خِضمِّ هذه الأحداث السياسية في العالم هو ما جرى في تركيا تحديداً إذ كلُّ ما حدث في المشهد التركي  يعتبر من الآن نهاية لمرحلة في المشهد السياسي بالدولة التركية التي ظلت نموذجاً يحتذى به في المنطقة لفترة طويلة. وبداية لمرحلة أخرى قد تجرُّ معها المنطقة برمَّتها إلى تقلبات واضحة، وتحول البلد من مستقر الى بلد مضطرب سياسيّاً واقتصاديّاً.

أردوغان، الذي انتخب عمدة لاسطنبول في العام 1994، مرشحاً عن حزب الرفاه الإسلامي، دخل السجن في العام 1998 بسبب خطبة شهيرة، وفي العام 2001  انقلب على رئيس الحزب نجم الدين أربكان وأعلن مع رفاقه تأسيس حزب العدالة والتنمية الذي استطاع أن يحصل على الأغلبية في البرلمان في انتخابات 2002. بعد هذه الانتخابات تغيَّر وجهُ تركيا كدولة علمانية، وليطرح  أردوغان معايير مختلفة لشكل الدولة التركيَّة في تعايشها مع الإسلام والديمقراطية. لن يقف الأمر عند هذا الحد، فقد ذهبت تركيا إلى تعزيزعلاقاتها مع دول المشرق العربي تحديداً في تحالفات، والتقلد بالدور البطولي العثماني، وذلك من أجل كسب عواطف الشارع العربي الذي يعيش منغّصات كثيرة في مشهده السياسي.

لكن في العام 2011 تغيرت طموحات أردوغان فخلع عباءة الاعتدال ولبس عباءة التطرف، فراهن على الإخوان المسلمين الى حد القطيعة مع مصر، ودعم الحرب السورية في محاولات شرسة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ومدّ نفوذه إلى المنطقة بشكل أكبر حتى تصبح تركيا قوة كبرى.

بيدَ أن هذا الطموح الجيوسياسي الكبير، خارج حدود الدولة التركية، أصبح أمراً يدعو إلى القلق، وخاصةً أنَّ أردوغان بدأ يتصرف  بصورة متعجرفة على حدود الاتحاد الأوروبي تارة، وتارة أخرى يسقط طائرات الروس ويهدِّد الأميركان بدخول الشمال السوري ويستغل التقارب مع إسرائيل في وساطة مع روسيا بشكل مفاجئ. حتى أنه  لجأ إلى مزيج من الترهيب والابتزاز من أجل التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بخصوص أزمة اللاجئين.

وإذا أردنا تتبع سلوك أردوغان في السنوات الـ14 الماضية، سنجد أنه رجل إسلاموي صبور، شبَّه الديمقراطية بركوب الحافلة، التي سينزل منها عندما يصل إلى وجهته. بمعنى آخر، استخدم المنظومة الديمقراطية في البلاد للوصول إلى سدَّة الحكم، ثم أحكم قبضة حزبه على أركان السلطة، وصولاً إلى حكم الرجل الواحد وخسر جميع رفاقه الذين كانوا في يوم من مؤسسي حزبه.

أردوغان لم يكتفِ بتعزيز قوَّته في الداخل عبر قمع الأصوات المعارضة له، بل حاول تصدير الرقابة إلى أوروبا عبر ملاحقة منتقديه في مجال حقوق الإنسان وغلق الصحف وسجن الصحافيين، إضافة الى حجبه موقعي تويتر ويوتيوب في تركيا بشكل مؤقت في العام 2014.

لكن جاء اليوم الذي استعان فيه أردوغان بأدوات شبكات التواصل الاجتماعي ومنقذته من انقلاب عسكري فاشل في مقابل حكومته المنتخبة.

والعبرة تكمن في الدرس التركي لدور شبكات التواصل الاجتماعي، فهي إما أن تسقط حكماً أوتبقي حكماً. ووضع حدٍّ لطموحات حاكم انفرد في حكمه ومارس غطرسته على الجميع. وهو ما يعني أن تركيا اليوم لن تكون من بعد ليلة الانقلاب هي تركيا الأمس.

كاتبة وإعلامية بحرينية 

[email protected]