كشف الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة بمنطقة الساحل والصحراء محمد محمود أبي المعالي عن معلومات جديدة وحصرية حول تنظيم مايسمي "بوكو حرام" وكتب الباحث في صفحته على الفيس بوك مقالا بعنوان " حقيقة عزل زعيم"بوكو حرام".. والصراع داخل الجماعة" مانصه:
قصة عزل "تنظيم الدولة الإسلامية" لزعيم جماعة "بوكو حرام"، "أبو بكر الشكوي" (الصورة)، ليست وليدة الأيام الأخيرة ولا تعود لتاريخ الإعلان عنها في مجلة "النبأ" التابعة للتنظيم، بل تعود إلى ما بعد مبايعة جماعة "بوكو حرام" لتنظيم الدولة الإسلامية في مارس عام 2015، وإن تناولها الإعلام الدولي في الأيام الماضية على خلفية مقابلة أجرتها مجلة "النبأ" الأسبوعية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، مع الناطق السابق باسم الحركة "أبو مصعب البرناوي" (نسبة إلى قبائل البرنو التي تشكل العمود الفقري للحركة)، وقدمته المجلة على أنه أمير "ولاية غرب إفريقيا" (الاسم الجديد لجماعة بوكو حرام بعد مبايعتها للبغدادي)
وتعود بداية قصة محاولة عزل "الشكوي" والانشقاق الأخير الحاصل في الجماعة، إلى مطلع عام 2015، عندما وصلت مجموعة من السودانيين المبايعين لتنظيم الدولة الإسلامية إلى شمال نيجريا عن طريق تشاد، حيث سعوا في البداية لإقناع "الشيكوي" بمبايعة "أبي بكر البغدادي" وتنظيم الدولة الإسلامية، لعلمهم بانفكاك الارتباط بين جماعة بوكو حرام وبين تنظيم القاعدة منذ عام 2012، لكنه أعرض عنهم بادئ الأمر، ثم استجاب لاحقا بعد ضغوط مارسها عليه أعضاء من مجلس شورى الحركة، وفي مقدمتهم "أبو مصعب البرناوي"، فأعلن بيعته للبغدادي وتنظيم الدولة الإسلامية في مارس من نفس السنة، غير أن مهمة السودانيين لم تكن مجرد أخذ البيعة من قيادة الجماعة للبغدادي وتنظيمه، فقد كانت الخطوة الموالية لهم هي عزل "الشكوي" عن إمارة الجماعة وتنصيب أمير آخر خلفا له، نظرا لأن "الشكوي" عرف عنه أنه عصي على الانقياد، ولا يعبأ بملاحظات وأوامر القيادات التي يفترض أنها أعلى منه، ومن المستحيل التنبؤ بتصرفاته أو السيطرة عليها، بل وسبق له أن قدم نفسه مرة على أنه خليفة للمسلمين، لكن بعض أعضاء الجماعة من الموالين للشكوي أشعروه بمساعي السودانيين لعزله بمباركة بعض قيادات الجماعة، فسارع إلى تسجيل شريط فيديو أكد فيه إنه هو أمير الجماعة، دون التطرق لما يدبر ضده، وذلك استباقا لأي إعلان محتمل حينها عن عزله، ثم طلب السودانيين لقتلهم، لكنهم اختفوا وهربوا من شمال نيجيريا، ومنذ ذلك التاريخ توترت علاقته بتنظيم الدولة الإسلامية وبرفيقه القديم "أبو مصعب البرناوي" الذي اختفى هو الآخر من محيط "الشكاوي"، وأصبح يقود جماعة منشقة تنازعه في الاسم (ولاية غرب إفريقيا التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية) وظل "أبو مصعب" يعمل مع مجموعته على أنه أمير التنظيم، وأن "الشكوي" ومن معه خارجون على الطاعة"، وإن لم يعلن عن ذلك علنا إلا قبل أيام في مقابلة مع مجلة "النبأ".
وليست هذه المرة الأولى التي يواجه فيها "الشكوي" انشقاقا في قيادة الجماعة، أو منازعة على قمة هرمه أو اسمها، فبعد مقتل مؤسس الحركة "محمد يوسف" نهاية شهر يوليو 2009، على يد قوات الأمن النيجرية، ظهر القيادي في الجماعة "مامان نور" وقدم نفسه إماما جديدا للجماعة، خلفا لإمامها المقتول، قبل أن يظهر "الشكوي" سنة 2010، وهو نائب سابق لمحمد يوسف، ويعلن نفسه الإمام الجديد للجماعة، تحت اسم "الشيخ أبو محمد أبو بكر الشكوي البرناوي، خليفة الإمام المؤسس أبي يوسف محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الداغيري البدوي البرناوي"، ونفى "الشكوي" في أول ظهور له مزاعم "مامان نور" بتولي قيادة الجماعة متوعدا بقتله، فاختفى الأخير وهرب إلى الصومال حيث أقام مع مقاتلي جماعة الشباب المجاهدين، وفي سنة 2011 أعلنت مجموعة أخرى بقيادة "خالد البرناوي" المكنى "أبو حفصة أسامة الأنصاري" انشقاقها عن جماعة "بوكو حرام" احتجاجا على سلوك وأداء "الشكوي" وشكلت تنظيما جديدا يسمى "جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" (أنصارو)، فهدد "الشكوي" بسحق الحركة المنشقة والقضاء عليها، لكنه تراجع لاحقا عن تهديده، وفي نهاية شهر يناير عام 2013 ظهر فصيل جديد منشق عن "الشكوي" بقيادة "أبو محمد عبد العزيز" وأعلن باسم قيادة "بوكو حرام" عن وقف غير مشروط لإطلاق النار مع الحكومة النيجرية، فجاء الرد مدويا من "الشكوي" برفض وقف إطلاق النار والتوعد بقتل "أبو محمد"، الذي وصفه بالمارق والخارج على الجماعة، وبالتوازي مع ذلك ظهر فصيل آخر بقيادة "محي الدين مروان" الذي قدم شروطا لوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات مع الحكومة النيجرية.
بل إن "الشكوي" لم يكد يقبل بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية في مارس سنة 2015، حتى واجه انشقاقا كبيرا في صفوف الجماعة، يتزعمه هذه المرة القيادي وعضو مجلس الشورى "محمد داوود"، وهو عسكري سابق ينحدر من إحدى القبائل في شمال نيجريا، وقد انخرط مبكرا في جماعة "بوكو حرام" أيام زعامة محمد يوسف لها، وعمل مسؤولا عن اللجنة الأمنية للجماعة المكلفة بمحاربة الاختراق والتجسس، وقد أعلن "محمد داوود" رفضه مبايعة جماعة بوكو حرام لتنظيم الدولة الإسلامية وتغيير اسمها إلى "ولاية غرب إفريقيا"، مؤكدا تمسكه بالحركة واسمها القديم "جماعة أهل السنة للدعوة والقتال"، وسايره في ذلك عدد من قيادات ومقاتلي الجماعة.