كمال خلف
ما يجري في حلب يمكن وصفه بحرب عالمية نظرا لإبعادها وتشابك المصالح الإقليمية والدولية فيها، هي معركة سحق ارادات، تدلل عليها حجم وضراوة المعارك الدائرة.
هي مرآة للخلاف الروسي الامريكي وهي كذلك مؤشر على قرار التصعيد الإيراني في وجه السعودية ذلك ما عبر عنه مرورا مستشار مرشد الثورة الايرانية على أكبر ولايتي في تصريح قال فيه إن لا فائدة من أي حوار أو وساطة بيننا وبين السعودية، وابعد من هذا التصريح فما تسرب إلينا من معلومات يقول إن أيران ارسلت رسالة إلى الرياض عبر طرف ثالث تمنحها الفرصة الأخيرة قبل الشروع في الهجوم المضاد ومقابلة التصعيد بالتصعيد. قرار التوغل الحوثي في عمق الاراضي السعودية على الحدود اليمنية هو الانذار المبكر لشكل المنطقة في حالة دخولها قرار التصعيد هذا ، كلام السيد حسن نصر الله الأخير وهجومه الحاد على الرياض ووصفه وزير خارجيتها بالمعتوه، قد يكون مؤشر آخر على هذا التوجه.
معركة حلب انعكاس للدور التركي الجديد، وقد تكون مناورة تركية للضغط على واشنطن التي تمتنع حتى اللحظة عن تسليم المتهم بتدبير الانقلاب العسكري في تركيا فتح الله غولن، معركة حلب هي شكل الحل السياسي وفرض الشروط على طاولة التفاوض بالنسبة للسوري، إذا كل الخيوط مرتبطة بنتائج المعركة في حلب.
حجم الضخ الإعلامي لالة الإعلام المساند لجبهة النصرة وحركة نور الدين الزنكي ناحرة الطفل الفلسطيني المريض قبل أيام واخواتهما ، تعكس أهمية النتائج ، تلك الآلة الإعلامية التي ساندت المتطرفين والناتو في ليبيا تحت شعار إزاحة الدكتاتور والحرية لليبيا ، ومن ثم تركت هذا البلد تنهشه تلك العصابات وتبين أن كل الشعارات والحملات والدعم للناتو كان وراءه تصفية حساب شخصي مع القذافي، دون أي اعتبار لمآل هذا البلد المدمر المفتت.
الآن يحدث في حلب وفي سوريا خلال سنوات الحرب السابقة ذات السيناريو بنفس الأدوات الإعلامية والخطاب وذات الهدف أن يرحل الأسد حتى لو كان البديل حركات تفاخر بقطع رأس طفل مريض أمام الكاميرات ، وأخرى تريد إعادة سوريا الى 1400 عام إلى الوراء.
يوم كامل من الخطاب الإعلامي الموجه استخدمت فيه وسائل الإعلام المساندة للمجموعات المسلحة كل أنواع الحرب النفسية على أهالي حلب ، ولنتذكر أن حلب بكاملها رفضت منذ بداية الأحداث في سوريا الانضمام إلى حالة التمرد و اختارت الاستقرار والهدوء ، ولنتذكر أيضا أن هذه المجموعات المسلحة عندما سيطرت على أرياف حلب فككت معظم المعامل والمنشآت الصناعية التي حققت لسوريا اكتفاءا ذاتيا لعقود ونقلتها إلى تركيا.
في خضم هذه الحملة الاعلامية الشرسة صد الجيش السوري وحلفاؤه هجوم أمس وكان الاعنف بعد خمس هجمات فاشلة هدفت لفك الطوق الذي فرضه عليها الجيش السوري في الاحياء الشرقية قاطعا خطوط تمويلها المفتوحه من تركيا ، وبعد ذلك بساعات شنت الفصائل هجومها الاعنف بعشرات الانتحاريين العربات المفخخه وحققوا تقدما كبيرا وأعلنوا فك الحصار. ولكن هل انتهى الأمر وحسمت المعركة.
لا نعتقد أن ما جرى أمس هو نهاية المطاف، فإنهاء وجود هذه المجموعات في حلب هو قرار محور كامل وليس قرار طرف واحد ، هو قرار صدر من موسكو ودمشق وطهران وبيروت مهما كان الثمن ، ولهذا لايمكن أن تكون معركة حلب العالمية قد أغلق بأبها عند هذا التطور الاخير.
المفاجئ بالنسبة لهذه الأطراف كان حجم قوة الفصائل المسلحة في حلب ، بعد معارك الأيام الماضية في حلب لم نعد نتحدث عن جماعات مسلحة بمفهومها التقليدي، هذه الجماعات بإمكانيات وقدرات جيوش نظامية ولديها غرف عمليات متطورة، وتسليح متقدم ومتطور. بالإضافة إلى كتائب من الانتحاريين القادرين على الاقتحام السريع . تلك إمكانات وفرتها وصرفت عليها دول. مازلت تراهن حتى الآن هي واعلامها على قلب المعادلة في سوريا.
معركة حلب مستمرة واللاعبين الإقليميين والدوليين مستمرين فيها لتحديد احجامهم في الصراع السوري في ضوء نتائج المعركة النهائية.
كاتب واعلامي فلسطيني