في ظل الصمت الرسمي من الجانبين المغربي والموريتاني حول توتر العلاقات بين البلدين، بدأت تظهر في الأفق بوادر أزمة سياسية بينهما على خلفية المواقف الأخيرة للجارة الجنوبية للمغرب من النزاع المفتعل بالصحراء، والتي بدأت تحيد شيئا فشيئا عن موقفها الذي اتخذته لعقود، والقائم على الحياد بين المغرب والجزائر والجبهة الانفصالية، خاصة حينما أعلنت موريتانيا الحداد ثلاثة أيام على وفاة الزعيم السابق للبوليساريو.
تعكر صفو العلاقات بين الرباط ونواكشوط دون صدور أي مواقف رسمية أو أنباء عما ستؤول إليه الأزمة فتح المجال لتناقل أخبار لم تثبت صحتها؛ إذ نقل الموقع الإلكتروني الموريتاني "ميدان-أنفو" ما أسماه بـ"معركة المصابيح"، متسائلا هل تكون بداية الحرب بين المغرب وموريتانيا؟
رواية الموقع المذكور تتحدث عن أن قوات الجيش المغربي والموريتاني انتشرت بشكل كبير على مستوى المنطقة الحدودية القريبة من الكويرة، دون وقوع أية مناوشات مباشرة بين الطرفين "اللهم تراشق أضواء المصابيح" التي اعتبرها الموقع نفسه لغة الحسم حتى الآن، مضيفا أن الأوامر صدرت من الجهتين بضرورة توقيف السيارات التي تمر على بعد ألف متر من منطقة التجاذب.
وإذا كان الموقع الإلكتروني الموريتاني قد نقل الوقائع بكثير من التوجس، فـجريدة "الأسبوع الصحفي" المغربية نقلت عن شهود عيان بعين المكان أن وحدات من الدرك الملكي والجيش المغربي وصلت إلى منطقة "الكركات" القريبة من الحدود المغربية الموريتانية، لدواع أمنية تتمثل بالأساس في التأكد من هوية السيارات الموجودة هناك، لقرب المنطقة من سوق تحمل اسم "قندهار"، يتم فيها بيع السيارات المستعملة والمتلاشيات.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها وحدات من الجيش والدرك بهذه العملية؛ بل إن الوحدات قامت في السنة الماضية بعملية مماثلة، لكن تزامن عملية اليوم مع توتر العلاقات بين البلدين خلق نوعا من التخوفات لدى الجارة الجنوبية، خاصة أن مروحيات عسكرية مغربية تحلّق فوق سماء المنطقة منذ الجمعة الماضي، حسب المصدر نفسه.
المتابع للعلاقات بين المغرب وموريتانيا لا يمكنه نفي توتر العلاقات بين البلدين، خاصة في الآونة الأخيرة، بعد سعي نواكشوط إلى إيجاد موطئ قدم في الساحة الإقليمية كفاعل رئيسي في التوازنات الجيوسياسية بالمنطقة، لكن تصدع البيت الموريتاني الداخلي أفرز العديد من التوترات انعكست على السياسية الخارجية للبلد.
التوتر بين المغرب وموريتانيا ليس من شأنه أن يخدم مصالح البلدين، حسب خالد الشكراوي، الأستاذ الجامعي المتخصص في الشؤون الإفريقية؛ "فالذي سيستفيد من توتر العلاقات بين الرباط ونواكشوط موجود في الشرق وموجود في الجنوب، خاصة جنوب إفريقيا".
الشكرواي وإن استبعد إمكانية التصعيد بين الجهتين، استطرد بالقول إن "المغرب يجب عليه أن لا ألا يسقط في مثل هذه المواقف، خاصة أنه يحاول إصلاح ذات البين مع العديد من البلدان الإفريقية وعبّر عن رغبته في العودة إلى الاتحاد الإفريقي".
المتحدث نفسه أشار إلى أن الوقائع التي يتم تناقلها غالبا ما تكون خالية من الصحة أو غير دقيقة أو تصدر عن جهات تسعى إلى توجيه النقاش بشكل معين، "فالأخبار تنقل عن وكالات لا مغربية ولا موريتانية وبالتالي وجب التدقيق". وحول ما يدفع الجهات الرسمية، سواء المغربية أو الموريتانية، للصمت في ظل توالي هذه الأخبار، أضاف الشكراوي أن العديد من المتغيرات وقعت، خاصة على مستوى الجانب الموريتاني الذي أصبح يسعى إلى لعب دور "الأخ الأكبر" بالمنطقة، وهذا حق مشروع، لكن يجب أن تؤخذ الأمور بعين الاعتبار، بالأخص على المستوى الدبلوماسي الذي يستدعي التدقيق والعناية قبل صدور أي موقف، بحسبه.
عبد الرحيم الشرقاوي*
*صحافي متدرب
* نقلا عن صحيفة هسبرس