أجرى موقع فضاء مغاربة العالم، مقابلة مع الصحفي الموريتاني الشاب أحمد سالم ولد يب خوي تمركزت حول العلاقات المغربية الموريتانية والعوائق التى تحول دون تطبيع مكتمل للعلاقات بين البلدين، 28 نوفمبر ينشر نص المقابلة:
رغم كونها تمر بفترة جفاء منذ قرابة 8 سنوات، فقد شكلت العلاقات الديبلوماسية الموريطانية المغربية موضوع الساعة خلال الأسابيع القليلة الماضية؛خاصة بعد سلسلة الاحداث الدرامتيكية اللتي وقعت على الحدود بين البلدين، خاصة في المنطقة العازلة “الكركارات”. ولسبر أغوار العلاقات بين البلدين وعوامل التقارب والتنافر فيها نُحاوِر لكم في هذه الحصة الصحافي الموريتاني المتابع والمهتم بالموضوع أحمد سالم ولد يب خوي وهو صحافي موريتاني متابع للشأن المحلي والإقليمي، مُنَشِّطْ برامج سابقا في إذاعة موريتانيا، ومقيم حاليا في الخارج وهو الأمين العام للمرصد الموريتاني لحرية التعبير في الخارج.
– محمد سدري: أولا وقبل كل شيئ اشكرك السيد أحمد سالم جزيل الشكر على قبول إجراء هذا الحوار حول موضوع العلاقات المغربية الموريتانية مع موقع فضاء مغاربة العالم.
حينما نتناول موضوع العلاقات المغربية الموريتانية أول سؤال يتبادر الى الذهن، ولإعطاء القارء نظرة تاريخية حول تطور هذه العلاقات خاصة في عهد الملك محمد السادس والرئيس محمد ولد عبد العزيز على عكس ما كان عليه الحال في عهدي الحسن الثاني ومعاوية ولد الطايع فما هي أسباب هذا التغيير ؟
– محمد سالم: في البداية يطيب لي أن أتوجه بجزيل الشكر للزملاء في موقع فضاء مغاربة العالم على هذا الجهد المتميز الذي يبذلونه من أجل تسليط الضوء على المشاكل التي تواجه منطقتنا..، وبالرجوع إلى السؤال لا شك أن التوطئة لتاريخ العلاقات الموريتانية المغربية يتطلب التذكير بمرحلة استقلال موريتانيا وما واجهه هذا الاستقلال من رفض داخل المغرب مدعوما ببعض الوجهاء الموريتانيين الذين تمسكوا بالانضمام للمغرب، لكن تحالفا وثيقا تم بين البلدين مع بداية السبعينات مباشرة بعد اعتراف المغرب باستقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية هذا الاعتراف الذي أعقبته زيارة تاريخية للرئيس الموريتاني المؤسس المختار ولد داداه للمغرب، كما اتفق البلدان على تقسيم الصحراء الغربية ودخلا في حرب مفتوحة مع جبهة البوليساريو..، لكن العلاقات بين البلدين عرفت تدهورا متسارعا بعد الانقلاب على الرئيس المختار ولد دداه، ووصل هذا التدهور حد قطع العلاقات بين البلدين في عهد المقدم محمد خونه ولد هيداله بعد انقلاب 16 مارس 1981 حيث اتهم ولد هيداله المغرب بالوقوف خلف الانقلاب الفاشل.
لكن العلاقات المغربية الموريتانية عرفت فترة ذهبية مع وصول الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطايع، ورغم تسمية البعض هذه الفترة بالذهبية إلا أن الأمر لم ينعكس بشكل إيجابي بين البلدين فلم يتم إلغاء التأشرة بين البلدين ولم تقم المملكة المغربية باستثمارات كبيرة في موريتانيا، كما أن هذه الفترة عرفت أيضا دعما المغرب للسنغال على حساب موريتانيا في ظل الخلافات التي عرفتها العلاقات الموريتانية السنغالية، وتعد الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس لموريتانيا 2001 من أهم الزيارات التي عرفتها علاقات البلدين حيث قام الرئيس الموريتاني أيضا بزيادة مماثلة للمغرب إلا أن ذلك لم ينعكس بشكل إيجابي وملموس على العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين، وظلت العلاقات بين البلدين على حالها طيلة فترة حكم الرئيسين اعل ولد محمد فال وسيدي ولد الشيخ عبد الله، ويقول بعض المراقبين إن المملكة المغربية دعمت بقوة الانقلاب الذي قاده الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز، ووقفت بقوة في وجه معارضيه، إلا أن هذه العلاقات سرعان ما جنحت نحو التدهور، وتمثل هذا التدهور في طرد موريتانيا لمراسل وكالة الأنباء المغربية الرسمية واعتباره شخصا غير مرغوب فيه كما طالبت بتغيير السفير المغربي الراحل وهو ما رفضت المغرب تغييره، وامتنعت الحكومة الموريتانية عن تعيين سفير في المملكة منذ ذلك التاريخ..
محمد سدري: في بداية عهده، حرص الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على تقوية العلاقات الموريتانية المغربية لكنها سرعان تدهورت العلاقات بين الطرفين، خاصة بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الموريتاني في اكتوبر 2012، فما هي الاسباب التي ادت إلى هذا التدهور ؟
– محمد سالم : كما أشرت سابقاً عرفت بداية وصول محمد ولد عبد العزيز حرصاً من الطرفين على تطوير العلاقات، لكن هذا التحالف لم يعمر طويلا واجهته بعض الصعوبات لعل من أهمها اتهام موريتانيا للمغرب بالتدخل في الشؤون الداخلية، وهو الاتهام الذي أشفعته بطرد مراسل وكالة الأنباء المغربية الرسمية المعتمد في نواكشوط أضف إلى ذلك لجوء رجل الأعمال المعارض محمد ولد بوعماتو إلى المغرب والترحيب والإحترام الكبير الذي منحته له المملكة المغربية، شخصيا لا أعتقد أن للمغرب أي دور في محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الموريتاني، إلا أنني لست مقتنعا أيضا بالرواية الرسمية التي قدمتها السلطات الموريتانية عن هذا الحادث الغامض الذي يمثل لغزا محيرا، وأرجح أن تكون السلطات الموريتانية تتهم بعض معارضيها في الخارج بالوقوف وراء ذلك الحادث، إلا أنني لا أتوفر على معلومات دقيقة حول هذا الموضوع بالتحديد، ويبقى الحديث حوله مجرد تخمينات وتحليلات، والزمن كفيل بالكشف عن تفاصيل ذلك الحادث، وبصفة عامة لو كان للمغرب أي دور لكانت علاقات البلدين وصلت إلى قطيعة تامة، لأن في ذلك تعد على سيادة البلد.. إلا أنني أستبعد أي دور للمغرب في القضية.
– محمد سدري: بالنسبة للعلاقات الديبلوماسية بين البلدين نلاحظ ان هناك شبه فراغ ديبلوماسي حيث لم يتم تعيين سفراء في البلدين وذالك لمدة طويلة واقتصرت التمثيلية على القائمين بالاعمال كما ان اللجنة العليا المشتركة بين البلدين لم تجتمع منذ سنة 2013 فما هي اسباب هذا الغياب الديبلوماسي ؟
– محمد سالم : الأسباب هي ذات الأسباب التي أشرنا إليها سابقاً ويمكن أن نضيف إليها أن النظام في موريتانيا أصبح يتهم المغرب بتوفير المأوى لمعارضيه، أضف إلى ذلك أن الفتور الدبلوماسي بين البلدين عرف هو الآخر مواجهة في المحافل الدولية حيث قررت المغرب منافسة موريتانيا على بعض المناصب الدولية التي أتاح التبادل الدوري بين دول منطقة غرب وشمال إفريقيا لموريتانيا الترشح لها، وبما أن المغرب خارج المظلة الإفريقية فقد قررت مواجهة موريتانيا وحرمتها من الوصول إلى بعض المناصب الأممية، وتعد استضافة موريتانيا للقمة العربية الذي جاء بعد اعتذار المغرب تطورا ملحوظا في تدهور تلك العلاقات حيث تتهم بعض الدوائر الفاعلة في النظام الحاكم في موريتانيا المغرب بالسعي إلى إفشال القمة الأولى التي تنعقد في موريتانيا، ومنذ بداية الأزمة وموريتانيا تمتنع عن تعيين سفير لها في المغرب، كما أن المغرب رفض تبديل سفيره في نواكشوط رغم مطالبة السلطات الموريتانية المتكررة بذلك..
– محمد سدري: هل يمكن اعتبار احتضان المغرب لبعض المعارضين الموريتانيين وعلى رأسهم رجل الأعمال المصطفى ولد الإمام الشافعي، الذي أصدرت موريتانيا مذكرة توقيف دولية بحقه، و رجل الأعمال المعارض محمد ولد بوعماتو، الذي حصل على الجنسية المغربية والذي يتهمه ولد عبد العزيز بالسعي لإسقاط حكمه بالتنسيق مع الرئيس السابق أعل ولد محمد فال، من العوامل التي تؤجج الصراع بين البلدين ؟
– محمد سالم: لا شك أن للمواقف الشخصية دور كبير في تدهور هذه العلاقات، وكما أشرت سابقا فإن تواجد عدد من معارضي النظام الحاكم في موريتانيا في المغرب قد يكون هو أحد الأسباب الرئيسية في تفاقم هذه الأزمة، ولا شك أن أبرز المعارضين الذين يخشاهم النظام الحاكم في موريتانيا هم الأشخاص الذين أشرتم إليهم وخاصة المصطفى الإمام الشافعي رجل إفريقيا القوي، ورجل الأعمال النافذ محمد ولد بوعماتو والذي يرجع له الفضل الكبير في فوز محمد ولد عبد العزيز في الانتخابات الرئاسية 2009، كما أنه هو من قاد حملة للاعتراف بالانقلاب العسكري الذي قاده ولد عبد العزيز 2008، وبالتالي فإن نظام ولد عبد العزيز يدرك جيدا مكانة الرجلين وقدرتهما على التأثير على نظامه إقليميا ودوليا وحتى محليا، لذلك فهم على رأس لائحة المطلوبين في نواكشوط، وأرى أنه من الصعب على علاقات البلدين التقدم نحو الأفضل مادام المغرب يحتضن الرجلين، إلا أنني أستبعد أيضا أن يسلم المغرب الرجلين للنظام الحاكم في نواكشوط، لذلك فالتهدئة بين البلدين قد تحصل، لكن الفتور سيظل قائما وإن بدرجات أقل حدة.
يتبع في الجزء الثاني من الحوار
أجرى الحوار محمد سدري
– الجزء الأول –