كشف الخبير الأمني الجزائري المنشق عن النظام كريم مولاي، النقاب عن أن الرباط والجزائر بدأتا في التنافس على التقرب من الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون، في سياق صراع تاريخي بين البلدين، لا يبدو في الأفق أنه قريب الحل.
وذكر مولاي، في حديث خاص لـ "قدس برس"، أن "ماكرون الذي زار الجزائر عشية انطلاق حملته الانتخابية، وحُظي باستقبال رسمي كبير، كان قد برأ نفسه من المسؤولية عن استعمار بلاده للجزائر، حيث أنه وُلد بعد نهاية الاستعمار أصلا".
وأضاف مولاي: "هذه البراءة فتحت الباب على مصراعيه أمام الساسة الجزائريين، للانفتاح على ماكرون، والاستمرار في فتح الجزائر أمام الاستثمار الفرنسي".
وأكد مولاي، أن مصلحة فرنسا الاقتصادية تعلو الآن على كل القضايا الأخرى، وأن الجزائر توفر الكثير من هذه المصالح، بالنظر إلى كونها بلادا منتجة للنفط والغاز، وفيها من الثروات المعدنية الأخرى الكثير".
وحسب مولاي، فإن "النظام الجزائري، الذي قال بأن "شعبيته ليست على ما يُرام، وهذا ما أكدته المشاركة الضعيفة في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 4 أيار (مايو) الجاري، يسعى لدعم شرعيته الداخلية من خلال كسب ود القوى الكبرى، وتعتبر فرنسا شريكا اقتصاديا رئيسا للجزائر".
ومن هذه الزاوية، يرى مولاي، أن "فرنسا في عهد ماكرون ستكون أقرب إلى وجهة النظر الجزائرية، بالنسبة للقضايا المتصلة بدول المغرب الكبير ومنطقة الساحل".
وأضاف: "يمتلك النظام الجزائري، بالإضافة لموقعه الحدودي مع غالبية دول المغرب الغربي والساحل والمتوسط، أوراق اقتصادية ضخمة وحتى عسكرية تجعل من الدول الكبرى معنية بتقوية علاقاتها معه، دون إهمال بقية الدول المغاربية، وعلى رأسها المغرب".
ولفت مولاي الانتباه إلى أن المغرب أقل حظا في كسب ود القيادة الفرنسية الجديدة، خصوصا ما يتصل بملف الصحراء الغربية، وسيكتفي المغاربية والفرنسيون ربما بالتنسيق الأمني أساسا، خصوصا في غرب إفريقيا، ثم بالتعاون الاقتصادي، حيث تعتبر فرنسا الشريك الاقتصادي الثاني للمغرب بعد إسبانيا"، على حد تعبيره.
وكان كل من العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قد بعثا برسائل تهنئة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمناسبة انتخابه أول أمس الأحد رئيسا لفرنسا على حساب زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبان.
وقد دعا الزعيمان المغربي والجزائري في رسالتي التهنئة إلى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى تعميق شراكة بلديهما مع فرنسا وعزمهما على تقويتها.
يذكر أن المغرب والجزائر كلاهما مستعمرتان فرنسيتان سابقا، وقد نالت المغرب الاستقلال عام 1956 في حين لم تحصل الجزائر عليه إلا عام 1962.
وتعرف العلاقات المغربية ـ الجزائرية توترا مزمنا منذ حرب الرمال عام 1963 بسبب مشاكل حدودية. وقد طبعت هذه الحرب بعد ذلك العلاقات بين البلدين، التي ازدادت سوءا مع بروز قضية الصحراء الغربية عام 1975، ثم بعد ذلك تفجيرات أطلس آسني في مراكش عام1994، التي كانت سببا في إغلاق الحدود البرية بين البلدين إلى يوم الناس هذا.