بدا القائد العسكري الليبي خليفة حفتر، وهو شخصية رئيسة فى شرق البلاد، وفايز السراج رئيس الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس في حالة سعادة وهما يحطّمان أكثر من عام من الجمود في المحادثات بينهما في أبو ظبي الأسبوع الماضي.
قد يكون الاجتماع وديا ولكن من غير الواضح ما إذا كان أي من الرجلين سيؤثر على مجموعة معقدة من الفصائل على جانبي الانقسام الليبي ويدفع بها نحو التسوية.
ومن غير الواضح أيضا ما إذا كانت الدول الأجنبية ذات الاستراتيجيات المتباينة في ليبيا ستساعدها على القيام بذلك - خاصة وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لم يحدد بعد سياسته بشأن ليبيا.
مهددة هي احتمالات تحقيق الاستقرار والوحدة في ليبيا، التي انشطرت إلى "إقطاعات" متناحرة منذ تدخل حلف شمال الأطلسي الذي أطاح بمعمر القذافي في عام 2011.
وكانت القوى الغربية تأمل في أن تقوم حكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج بهذا الدور. ولكن على الرغم من ارتفاع إنتاج النفط وهزيمة داعش في معقلها في سرت، إلا أن الجيش الوطني لم يتمكن من مد سلطته أو حل الأزمات الأمنية والاقتصادية الحادة منذ وصوله إلى طرابلس في مارس من العام الماضي.
وفي الوقت نفسه، قام حفتر ببناء قاعدته في الشرق، مبطلا حكومة الوفاق الوطني وفارضا سيطرة الجيش الوطني الليبي على معظم مرافق بنغازي والنفط إلى الجنوب الغربي.
وبينما ضغط المجتمع الدولي على إعادة التفاوض على صفقة الأمم المتحدة التي أنتجب حكومة الوفاق، رفض حفتر الحوار، ورفض في اللحظة الأخيرة مقابلة السراج في القاهرة في فبراير.
وقال دبلوماسي غربي رفيع المستوى "حقيقة اجتماعهما في هذا الوقت أمر مهم جدا ، ويبدو حفتر الآن أكثر قابلية للتسوية".
صورة الرجل القوي
في الشهر الماضي ، كان هناك أيضا اجتماع في روما بين رئيسي برلماني طرابلس والشرق، أحدهما يدعم حكومة الوفاق والآخر مع حفتر. وكلاهما يسمِّي الوفود للتفاوض على تفاصيل الصفقة.
ولكن هناك دلائل قليلة واضحة بشأن التقارب. بيان صادر عن معسكر حفتر في أبو ظبي شدد على دعم الجيش ومكافحة الإرهاب و "التصدي لانتشار التشكيلات المسلحة"، مما يعكس صورة مشاريع حفتر كرجل قوي يمكن أن يسحق التطرف ويلجم الميليشيات.
بيان السراج عكس شروطا يمكن أن تحتوي حفتر - وضع الجيش تحت سلطة مدنية، وبناء دولة ديمقراطية، والحفاظ على "مبادئ ثورة 17 فبراير 2011".
ويقال إن حفتر يريد مجلسا حاكما يضم ثلاثة أعضاء، هم نفسه واعقيلة صالح، رئيس البرلمان الشرقي، إلى جانب السراج.
لكن ذلك من شأنه أن يترك الدوائر الانتخابية الرئيسية الممثلة في مجلس السراج الحالي، بما في ذلك جنوب ليبيا ومدينة مصراتة، التي كانت كتائبها العسكرية القوية متناغمة بشكل عام مع حكومة الوفاق وضد حفتر.
بعض الميليشيات المتطرفة في مصراتة لا تزال تدعم حكومة ذات ميول إسلامية، فقدت أرضها مؤخرا في طرابلس، وهي معادية لحفتر بشدة.
لكن الفصائل المسلحة الأكثر اعتدالا، التي كانت تتماشى مع حكومة الوفاق في العاصمة، لم تخف قلقها بعد اجتماع أبو ظبي، حيث رأت أنه يعزز بشكل غير عادل موقف حفتر القوي.
وقال هاشم بشر، وهو قائد بارز، على صفحته على موقع "فيسبوك": "لقد قلنا عدة مرات لا للحكم العسكري، وطرابلس خط أحمر، سواء بالنسبة لحفتر أو لأي شخص آخر".
وقد أصبح رد الفعل أكثر اتساعا وغضبا عندما أدلى وزير خارجية السراج محمد سيالة بتعليقات يوم الاثنين حول قبول بحفتر رئيسا للجيش الوطني.
وقال لواء إنه أغلق وزارة الخارجية حيث نشر صورا لحفتر كتب عليها "لا للمجرم حرب خليفة حفتر".
وقد أدانت "سرايا الدفاع عن بنغازي"، التي تضم مقاتلين كانوا يقاتلون الجيش الوطني الليبي ، تعليقات سيالة وساءلت السرايا قيام حكومة الوفاق بعقد "مؤتمرات واجتماعات مشبوهة".
ولم يسافر السراج إلى مصر لإجراء اجتماع متابعة مع حفتر كان متوقعا أصلا يوم الخميس.
دبلوماسية مفكّكة
يقول دبلوماسيون غربيون إن الوساطة الأجنبية يجب أن تكون متناغمة من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي.
وقد تم عقد اجتماع أبو ظبي برعاية اثنين من أبرز داعمي حفتر، وهما الإمارات العربية المتحدة ومصر. وكلاهما يشاطر معسكر حفتر توجسه من جماعة الإخوان المسلمين.
والجزائر، التي استضافت جولة من المحادثات هذا الأسبوع، وتونس، تدفع نحو مقاربة أكثر شمولية. لكن الدبلوماسية كانت مفككة، وذلك جزئيا بسبب حالة عدم اليقين بشأن السياسة الأمريكية في ظل إدارة ترامب وتغيير مؤجل في قيادة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وأوضح جليل حرشاوي، الباحث في الجغرافيا السياسية في جامعة باريس 8 المتخصص في شؤون ليبيا، أن هذا الأمر ترك فراغا يقوم به لاعبين متوسطو الحجم بمقاربات مختلفة.
وأضاف "إذا ما أولت الولايات المتحدة اهتماما شديدا بليبيا مرة اخرى، فانهم سيكونون اللاعب الوحيد الذى يمكنه توحيد هذه الجهود".
موقع Reuters - ترجمة بوابة افريقيا الإخبارية