تزايد في السنوات الأخيرة إقبال الجنس اللطيف على تعاطي المخدرات بمختلف أشكالها، الأمر الذي أكده عديد المختصين في مجال الصحة العقلية التي لا تزال تعرف نقائص عديدة من حيث التكفل بالمرضى، سيما وأن الجزائر لا تتوفر سوى على 5 آلاف سرير عبر مختلف مصحات الوطن في حين يقدر المختصون عدد المصابين بأمراض عقلية بالملايين.
وحسب ما أوضحه البروفيسور نذير بوربون الأمين العام للجمعية الجزائرية للطب العقلي، فإن 50 من المائة من الذين يقصدون مصحّات العلاج من الإدمان نساء، وهي نسبة عرفت تغيرا مقارنة مع ما كانت عليه سابقا، حيث كان الذكور يشكلون الغالبية وكانت النساء قليلات جدا، غير أنّ أطراف المعادلة تغيرت وهو ما يستدعي دراسة جدية وقراءة في هذه المتغيرات.
وسبق الكشف من قبل بن حالة محمد عبدو، المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، عن استفادة 1520 امرأة من العلاج من المخدرات في سنة 2015، مع ارتفاع طفيف في العدد سنة 2016.
وقال إن "الديوان بصدد إعداد تحقيق جديد حول إدمان المخدرات بالوسط الجامعي ينتظر أن يتم الإعلان عن نتائجه مطلع سنة2022".
كما أكدت الدكتورة أمينة أمالو، الأخصائية النفسانية بمستشفى فرانس فانون، بأن نسبة النساء اللواتي يدمنّ على المخدرات في ارتفاع مستمر سنة بعد أخرى، وهو ما تشير إليه الأرقام التي تكشف أنه في سنة 2012 قدر عدد النساء المدمنات بـ 400 وقفز الرقم سنة 2015 إلى 1882 مستهلكة، مشيرة إلى أن النسوة المدمنات عادة تتراوح أعمارهن بين 26 و35 سنة، أغلبهنّ غير عاملات ويتعاطين مختلف أنواع المخدرات وعلى رأسها القنب الهندي، وأن أغلب أسباب التعاطي عند 80 من المائة من الحالات راجعة إلى مختلف أشكال العنف التي تسلّط عليها.
ودقّ المختصون ناقوس الخطر، خلال الأيام الوطنية العشرين للطب العقلي المنظمة يومي الخميس والجمعة بفندق الأوراسي، إزاء الاستهلاك المفرط والمتزايد للمؤثرات العقلية في بلادنا، حيث تُحوّل عديد الأدوية من المرضى إلى المدمنين في إطار الاستعمال غير الشرعي.
وحسب بوربون نذير فإن 20 من المائة من الفحوصات التي تتم على مستوى مصالح الطب العقلي تطلب علاجات للتوقف عن الإدمان "القنب الهندي والكحول وغيرها من المؤثرات الأخرى".
وإذا ما عدنا إلى الإدمان مقارنة مع الإحصائيات العامة الدولية، يقول المختص، نجد أن الرجال أكثر إدمانا بنسبة 90 من المائة مقارنة مع 10 من المائة من النساء.
واستنكر المتحدث التكفل غير الجيد بالمدمنين في السجون حيث ينعدم التنسيق مع المختصين في الخارج.
ويضيف قائلا "نطالب اليوم بضمان استمرارية بين المختصين داخل السجون وخارجها، حتى وإن تم سجنهم لأسباب أخرى يجب أن يواصلوا علاجهم داخل المؤسسات العقابية، ولدى خروجهم يجب عليهم العودة إلى المصحات".
وتأسف بدوره البروفيسور عبد الرحمان بلعيد للتخلي عن التكوين المتعلق بالمدمنين داخل المؤسسات العقابية وهو تكوين يقول بلعيد "أشرفت عليه شخصيا ودام عاما كاملا واستطعنا جمع كل الأطباء في الوسط العقابي".
ويستطرد "للأسف في الجزائر هناك عديد المبادرات، لكنها لا تستمر وتنقطع".
ويعاني أكثر من 400 ألف جزائري انفصاما في الشخصية وهو مشكل صحي لا يزال يعتبر من "الطابوهات" التي يتفادى أصحابها الحديث عنها وإعلانها، حيث تبقى الإحصائيات الحقيقية أكبر من هذه النسبة بكثير.
مرض انفصام الشخصية يظهر بشكل كبير لدى الرجال، في حين يتأخر ظهوره قليلا لدى النساء، حسب ما أكده فريد كاشة رئيس الجمعية الجزائرية للطب العقلي.
وحسب كاشة، فإن عديد الحالات المسجلة تلامس سنّا صغيرة جدا تصل أحيانا إلى العشرين عاما.
وهذا مؤشر خطير على تطوّر المرض، حسب ما يؤكده المختصون في الطب العقلي، يجب عدم تجاهله والمسارعة إلى احتوائه وعلاجه وعدم الخجل من الإفصاح عنه لما هنالك من حلول وعلاجات متقدمة وفعّالة.
كما يعاني 20 من المائة من الجزائريين حسب بلعيد نائب رئيس الجمعية الجزائرية للطب العقلي، من اضطرابات وانهيارات عصبية وهو ما يعادل 8 ملايين جزائري، غير أن غالبية هؤلاء لا يفحصون أنفسهم لدى المختصين، والمرض الثالث الأكثر انتشارا يتعلق باضطرابات القلق التي تتراوح بين 25 و30 من المائة أي ما يعني 12 مليون جزائري يعانون من الظاهرة.
وتأسف لعدم إقدام الجزائريين على الفحص لدى المختصين إلا عندما تصل الأمور درجة متأخرة جدا بعضها يصل درجة الانتحار، حيث تهمل على أساس أنها مشاكل صغيرة لا ترقى للاهتمام.