النشيد الوطني الجديد:
بلاد الأباة الهداة الكرام *** وحصن الكتاب الذي لا يضام
المطلوب شرح يضام، صراحة لا أعرف معناها، وحتى لو كانت واضحة للبعض فإن حرف الضاد يجعلها صعبة النطق وغير موسيقية، بالنسبة للحصن: فهي عبارة عسكرية موغلة في الحرب، تذكر بالمنجنيق ولا تذكر بالقرطاس والكتاب.
أيا موريتان ربيع الوئام *** وركن السماحة ولغز السلام
لا يوجد عندنا فصل للربيع، وكل الشعراء وخبراء الأرصاد الجوية يعرفون ذلك بشكل لا غبار عليه، كما أن لغز السلام عبارة توحي بالغموض والطلاسم، فعندما يكون السلام لغزا، فإن الحفاظ عليه يحتاج لكثير من التفكير العميق والتأمل!
سنحمي حماك ونحن فداك *** ونكسو رباك بلون الأمل
هذا البيت كان يجب أن يكون حماسيا ومشحونا بطاقة الغضب، لأنه بيت حرب، بيد أن كلمة الأمل التي انتهى بها جعلته رومانسيا وحالما، خاصة أن الأمل لا لون له محدد، لو خضبوا قافيته بالدم لكان ذلك حماسيا أكثر..
وعند نداك نلبي أجل
هذا الشطر يحمل مشاعر وطنية كسولة، يعني أننا سنبقى مكتوفي الأيدي حتى تنادينا الأرض بصوت مبحوح، ثم نرد عليها بكل برودة كالمستيقظين لتوهم من نوم عميق، ونقول لها: " أجل ".
بدور سمائك لم تحجب *** وشمس جبينك لم تغرب
بدور جمع كلمة بدر، والأرض لا تحتوي إلا على قمر واحد، كأنهم يتحدثون عن وطن على كوكب زحل، الذي تحتوي سماؤه 62 قمراً، ثم كيف يجمعون القمر والشمس في بيت واحد، هذا حدث يعدُ من علامات الساعة الكبرى..
نماك الأماجد من يعرب *** لإفريقيا المنبع الأعذب
نما وينمو، هذا البيت يحتاج لمهندس في الزراعة ليشرحه لنا، ثم يخبرنا عن موعد الحصاد لهذا التخصيب التاريخي المثير للكثير من الأسئلة.
سقينا عدوك صايا ومرا *** فما نال نزلا ولا مستقرا
يستشف من هذا البيت، أنه يوجد عدو واحد لنا، والحقيقة أن أعداءنا أكثر من ذلك بكثير، ثم أننا لم نعد في زمن السقاية والعلقم، نحن في زمن القنابل الذرية..
نقاومه حيث جاس ومرا *** نرتل إن مع العسرا يسرا
يعني: نتركه يعبر الحدود حتى يجوس الديار ثم نقاومه، هذا البيت " مستزوي ".
قفونا الرسول بنهج سما *** إلى سدرة المجد فوق السما
عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
حجزنا الثريا لنا سلما *** رسمنا هنالك حد الحمى
تشبيه قديم، وكالة ناسا تتحدث عن ضخامة هذا الكون الفسيح والمليء بمليارات المجرات، والتي تحتوي كل واحدة منها على كم هائل من النجوم، وهم سيرسمون حدود الحمى عند الثريا.
أخذنا عهدا حملناك وعدا *** ونهديك سعدا لجيل أطل
هذا البيت ذكرني ببرنامج ما يطلبه المشاهدون، المخصص لإهداء الأغاني وقراءة رسائل الغرام المطرزة بالوعود والعهود البنفسجية.
سنحمي حماك أسارى هواك *** ونكسو رباك بلون الأمل
ونهى النفس عن الهوى، حتى لو كانوا يقصدون بالهوى الحب، فإن حب الوطن ليس أسرا، اللهم إذا كانوا ينون التملص منه في المستقبل، في الشطر: ونكسو رباك بلون الأمل، كانت نهاية النشيد لا لون لها، حيث عدنا للأمل من جديد، والأوطان لا تبنى بالأمل وحده، اللهم إذا كانت أوطانا من الأحلام الوردية..
أين الرمال والجبال والنخلة وظهور العيس والسنبلة والتاريخ، بل أين المقاومة؟
بقي أن أقول: بإن تلحين هذا النشيد، يحتاج لبعث بتهوفن من مرقده، كنا نعيب على النشيد القديم برودته رغم شحنته الروحية المتقدة، لكن هذا النشيد الجديد كان أبرد منه بكثير، كأنه قد كتبُ في أعماق سيبريا ..
خلاصة القول: هذا النشيد لا ينافس، والقصيدة غير مجازة. بقي فقط تصويتكم أيها الجمهور، من أعجبه النشيد يكتب الرقم 1، من لم يعجبه يكتب الرقم 2.
هنا تونس (بنزرت)، والحقيقة أنني لا أحفظ النشيد القديم رغم ألفته، ولا أعتقد أنني سأحفظ النشيد الجديد الذي وجدت صعوبة بالغة في قراءته دون تعثر.
الساعة 21:26، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
---------------------
من صفحة الأستاذ خالد الفاظل على الفيس بوك