تعذر على الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، التصويت على قبول الطعن في دستورية مشروع قانون المصالحة الإدارية في تونس، نتيجة تساوي الأصوات بين أعضائها الستة.
وينص القانون المحدث لها على أن يحال المشروع المعروض عليها، في حالة تعذر البت فيه، إلى رئيس الجمهورية، من أجل إمضائه ونشره في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ. ومن المتوقع أن تحيل الهيئة اليوم مشروع قانون المصالحة إلى الرئاسة من أجل ختمه وإصداره.
وأفادت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن الهيئة أمعنت النظر في الطعون، وتدارست الردود المقدمة من قبل نواب كتلة "نداء تونس" ورئاسة الجمهورية، وإثر التثبت من ردود نواب المعارضة أيضًا، وطول التداول بين أعضاء الهيئة، توصل أعضاؤها الستة إلى تصويت متساو؛ ثلاثة أصوات لصالح قبول الطعون وثلاثة أخرى رافضة، وهو ما أفضى إلى تمريره للرئاسة.
ويعد مشروع قانون المصالحة من أهم المعارك التي خاضتها المعارضة البرلمانية منذ انطلاق أشغال مجلس نواب الشعب، فقد وحدت صفوفها كما التف حولها حراك شعبي شبابي في طار "حراك مانيش مسامح". بيد أن المعارضة راهنت، إثر تمريره في الجلسة العامة، الشهر الماضي، على أن تتولى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين قبول طعونها في دستوريته وإسقاطه.
ولئن شددت المعارضة البرلمانية على ثقتها في القضاء التونسي، وخاصة الهيئة الوقتية، فإنها لم تخف مؤخرًا تخوفاتها من أن يفضي ما اعتبرته "ضغط رئاسة الجمهورية، صاحبة المشروع، إلى التأثير على الهيئة ودفعها إلى رفض الطعون وتمرير المشروع".
من جانبه، أبرز النائب عن "نداء تونس"، محمد صوف، لـ"العربي الجديد"، أن كتلة "نداء تونس" تعتبر أن القضاء حسم في المسألة لصالح المشروع الذي قدمته رئاسة الجمهورية، وأن المسألة لا تتعلق بانتصار طرف على حساب آخر، وإنما بانتصار روح الدستور.
واعتبر صوف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن صفحة قانون المصالحة قد طويت لتفتح صفحة أخرى من تاريخ تونس، وأن البرلمان سينطلق بدوره في الاستعداد لدورة برلمانية جديدة على جدول أشغالها مشاريع ومبادرات أخرى مهمة.
في المقابل، اعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية الطاعنة في المشروع، نعمان العش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن كل ما رافق الإعلان من تسريب نواب وقيادات "نداء تونس" لمداولات الهيئة الداخلية حول المشروع تبين أن ما حذر منه نواب المعارضة من اختراق الهيئة أضحى أمرًا مثبتًا.
وأشار العش إلى أن الضغوطات التي مورست على الهيئة، حتى الدقائق الأخيرة قبيل إعلانها عن قرارها النهائي، تبين أنها دفعت إلى الامتناع عن البت فيه، واعتماد الحل ذاته الذي وصلت إليه سابقًا بمناسبة نظرها في مشروع قانون تنقيح قانون المجلس الأعلى للقضاء الذي كان محل نزاع سياسي وقضائي حاد.
يذكر أن قيادات "الجبهة الشعبية" ومكونات الكتلة الديمقراطية نددت بتسريب قياديين من النداء مداولات الهيئة، وإعلانهم سقوط الطعون وتمرير المشروع في الوقت الذي كانت فيه الهيئة لا تزال مجتمعة لتدارس الملف ولم تصدر قرارها الرسمي بعد.